بلومبرغ
يستعدُّ أكبر المصدِّرين في إسرائيل للتعايش مع انتهاء دعم البنك المركزي لهم، الذي ساعدهم للحفاظ على قدرتهم التنافسية خلال جائحة كورونا، في خطوةٍ بحسب رأيهم قد تثقل كاهل صناعة حيوية للانتعاش الاقتصادي للبلاد، حجمها 100 مليار دولار .
يقترب بنك إسرائيل من استنفاد برنامجه لشراء 30 مليار دولار، الذي كبح جماح ارتفاع الشيكل، وجعل الصادرات أقل تكلفة للمستوردين الأجانب، في وقتٍ كانت الدولة تكافح جائحة كورونا.
مع تحسُّن الاقتصاد، أشار حاكم البنك المركزي أمير يارون في 5 يوليو إلى أنَّ البرنامج كان علاجاً مؤقتاً، مما ترك الشركات في حالة من القلق، بدءاً من شركة "تيفا" للصناعات الدوائية (Teva Pharmaceutical Industries) وصولاً لشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية" (Israel Aerospace Industries).
ارتفاع تكلفة الأعمال
تعليقاً على الموضوع، قال ناتانيل هايمان، مسؤول الشؤون الاقتصادية في اتحاد المصنِّعين الإسرائيليين، وهي منظمة مقرّها تل أبيب تضمُّ أكثر من 1850 شركة، وتمثِّل أكثر من 90% من القاعدة الصناعية للبلاد: "نحن نعيش في حالة من عدم اليقين، وفي خضمِّ معركة يومية للحفاظ على عجلة خطوط الإنتاج"، ويرجع ذلك جزئياً إلى سعر صرف الشيكل مقابل الدولار.
يعكس الجدل حول برنامج الدعم المعضلة التي تواجه صانعي السياسات في أنحاء العالم كافةً، إذ تنظر البنوك المركزية في مدى سرعة إزالة تدابير التحفيز التي تمَّ اتخاذها مع انتشار كورونا. وفي إسرائيل تحديداً، تُشكِّل السياسة النقدية المتعلِّقة بسعر الشيكل تحدّياً إضافياً، فقد ارتفعت قيمة العملة أكثر من أيِّ نظير لها في العقد الماضي، مُتجاوزةً حتى الفرنك السويسري واليورو، مما أعاق المصدِّرين الذين يمثِّلون أكثر من ربع الاقتصاد البالغ 400 مليار دولار.
لنأخذ على سبيل المثال شركة "هيلثي دوت أي أو" (Healthy.io)، ومقرّها تل أبيب، وهي شركة عمرها 7 سنوات تقوم بتعديل كاميرات الهواتف الذكية لتصبح قادرة على الكشف عن أمراض الكلى في المنزل، إذ يشير المؤسس والرئيس التنفيذي يوناتان أديري إلى أنَّ أكثر من 20% من الأموال النقدية التي جمعتها شركته على مدى السنوات الخمس الماضية قد ضاعت فعلياً بسبب ارتفاع الشيكل، وهو يفكر الآن في نقل عملياته إلى الولايات المتحدة.
وقال مستطرداً: "واقع الحال هو أنَّنا نجمع الأموال بالدولار، وننفق معظمها بالشيكل، خاصةً في سنوات التأسيس والانطلاق. وبالتالي؛ فإنَّ تكلفة بناء فريق عمل في بوسطن أو لندن، أصبح مماثلاً بالنسبة لي لبناء فريق في تل أبيب".
تقليص شراء الدولار
من المتوقَّع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 4.8% هذا العام، بعد الانكماش بنسبة 2.5% في عام 2020، وهو أسوأ تراجع على الإطلاق، في ظل استفادة الدولة من أحد أسرع برامج توزيع لقاحات كورونا في العالم. كما انخفضت معدلات البطالة، وأصبح التضخم في منتصف النطاق المستهدف من قِبل البنك المركزي، وارتفع فائض الحساب الجاري للبلاد إلى 5.85 مليار دولار.
بناءً عليه، يرى اقتصاديون أنَّ هذه المعطيات توفِّر للبنك المركزي الإسرائيلي مجالاً لتقليص مشتريات الدولار. إذ يَعتبر مودي شافرير، كبير الاستراتيجيين في "بنك مزراحي تفاحوت" (Mizrahi Tefahot Bank) في رمات غان، أنَّ البرنامج عبارة عن "سياسة تحفيز ذات صلة بأوقات الأزمات، إلاّ أنَّنا لسنا في أزمة الآن". متوقِّعاً أن يكون البنك المركزي "أقل اندفاعاً" في النصف الثاني من هذا العام.
اشترى البنك المركزي الإسرائيلي بالفعل أكثر من 25 مليار دولار من أصل 30 مليار دولار مستهدفة لعام 2021. وصرَّح الحاكم أمير يارون في اجتماع السياسة بالبنك في 5 يوليو أنَّ البرنامج كان "خطة خاصة لوضع خاص". ومن المزمع عقد الاجتماع المقبل في 23 أغسطس.
إلى ذلك، صرَّح أوري بارزاني، المتحدِّث باسم البنك المركزي، الأسبوع الماضي أنَّ السياسة الحالية لم تتغيَّر. لكنَّه رفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
يُشار إلى أنَّ الشيكل عزَّز مكانته خلال خمس من أصل السنوات الست الماضية مقابل الدولار، فقد ارتفع إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً بنهاية عام 2020. وانخفضت قيمته 0.5% في عام 2021. وتمَّ تداوله عند 3.2364 للدولار حتى نهاية يوم الخميس.
هذا واشترى البنك المركزي نحو 135 مليار دولار منذ تبنّيه لأوَّل مرة لسياسة شراء الدولار في عهد الحاكم السابق ستانلي فيشر قبل 13 عاماً، مما رفع الاحتياطات الأجنبية إلى ما يقرب من 200 مليار دولار، مقارنة بنحو 30 مليار دولار عندما بدأت الخطة.
من جانبه، يرى أليكس زابيزينسكي، كبير الاقتصاديين في شركة "ميتاف داش إنفستمنتس" (Meitav Dash Investments) في تل أبيب، أنَّ "البنك المركزي الإسرائيلي لا يريد تشويه سعر الصرف لفترة طويلة. وفتحت تصريحات الحاكم يارون الباب أمام إمكانية خفض شراء الدولار في الأشهر المقبلة. وفي النهاية؛ فإنَّ الأمر متعلِّق بوضع الاقتصاد".