لعدة أشهر، كانت هناك إشارات تحذيرية ضخمة أُطلقت للمستثمرين الذين يمتلكون الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، والمعروفة باسم "إيصالات الإيداع الأمريكية" (ADRs)، إذ كانت تومض كالمنارات الساطعة أمامهم لتنبههم.
يجب على المستثمرين الأفراد الذين لا يزالون يحتفظون، أو يفكرون في الاحتفاظ، بأسهم صينية فردية مدرجة في الولايات المتحدة، الانتباه إلى التحديات المختلفة التي تواجه الشركات الصينية، فيما تعمل بكين بشكل مطرد على تعزيز مراجعتها التنظيمية لأكبر شركات التكنولوجيا، وذلك في الوقت الذي يشهد زيادة التوترات بين الولايات المتحدة والصين، مما أدى إلى فرض قيود وقوانين استثمارية أصبح لها تأثيرات جديدة في السوق.
للاستثمار في الصين أسباب وجيهة، خصوصاً على المدى الطويل، فالنمو الاقتصادي السريع في البلاد جذاب بشكل عام، كما أدى إلى ظهور طبقة وسطى جديدة، سمحت بدورها لعديد من الصناعات الجديدة بالازدهار. واستفاد عديد من شركات التكنولوجيا الصينية من الاستثمار الحكومي والتوترات بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، وللمرور من هذا الموقف بسلام، يجب تعيين قائد كفء وقوي، عبر اختيار مدير صندوق استثماري مشترك أو صندوق متداول في البورصة، يستطيع التعامل مع المواقف المعقدة بشكل متزايد.
أيضاً، قد يصبح امتلاك الأسهم الفردية للشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، سواء جرى تداولها دون إدراجها في البورصة الرسمية (بدلاً من البورصات الرئيسية)، أو عبر استخدام إيصالات إيداع أمريكية، اقتراحاً شائعاً بشكل متزايد.
يمر المستثمرون، الذين ينتمون إلى مؤسسات ويمكنهم اختيار امتلاك أسهم في بورصات هونغ كونغ أو البر الرئيسي الصيني، بمرحلة انتقالية سلسة، وهو ما قد يكون سبباً في الضغط الذي تعرضت له الأسهم المدرجة في الولايات المتحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة إلى انخفاض مؤشرَي "آي شيرز" و"إم إس سي آي" الآسيوي.
استعجال الإنفاذ
يجري العمل على سياسة الإنفاذ حالياً، وستنتهي فترة تلقي التعليقات على اقتراح مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة (PCAOB) هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن يصدر مراقبو السياسات القواعد في القريب العاجل. وسيمهد القانون الجديد الطريق أمام لجنة الأوراق المالية والبورصات لإنفاذ التشريعات. وفي الوقت الحاضر، توجد فترة امتثال متاحة مدتها ثلاث سنوات، وخلال الشهر الماضي مرر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون يهدف إلى تسريع الجدول الزمني إلى عامين فقط، مما يبين مرة أخرى أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري يدعمان الإجراءات التي تتخذها الصين.
على الرغم من استعجال المسؤولين السياسيين للأمور، فقد لاحظ المراقبون السياسيون وجود عديد من القضايا العالقة. ففي البورصة الأمريكية ما يقرب من 248 شركة صينية مدرجة فيها بقيمة سوقية إجمالية تزيد على تريليوني دولار أمريكي، لذلك قد تكون عملية الشطب صعبة ومؤلمة عليهم. وإذا كان الشطب أمراً لا مفرّ منه، فسينخفض سعر السهم بسرعة، ويمكن لأولئك الذين يتحكمون في هذه الشركات شراء الأسهم من المستثمرين العموميين بسعر رخيص، ومن ثم خصخصتها والعودة إلى آسيا للتداول بتقييم أعلى، وبالتالي سيُجنى مزيد من الأموال على حساب المستثمرين الأمريكيين. وفي أسوأ الحالات، سيجري الشطب على نطاق واسع وبشكل غير مسبوق. وهذا الأمر قد يجعل من الصعب التوصل إلى حل وسط بين البلدين. فعلى الرغم من استمرار التوتر وزيادة تركزه بين الولايات المتحدة والصين، فإن هذه قد تكون الضربة الأخيرة لعودة الجانبين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق يضم عدداً كافياً من المدققين ذوي الخبرة العالية، إضافة إلى مسؤولي مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة، ممن لديهم القدرة على القيام بذلك، مما يؤدي إلى الوفاء بالالتزامات الأساسية.