بلومبرغ
تتحرَّك جنوب أفريقيا بعزم أكبر لتشديد الرقابة على الأصول المشفَّرة بعد انتشار عمليات الاحتيال.
يُتوقَّع صدور إطار تنظيمي جديد خلال ثلاثة إلى ستة أشهر، بعد الإعلان عن المقترحات في وقت سابق من يونيو التي تتطلَّب تعليقات من العامة قبل الموافقة عليها، بحسب ما قال كيوبن نايدو، المدير التنفيذي لمنظِّم البنوك المعروف بـ"الهيئة الاحترازية". وأضاف نايدو، وهو أيضاً نائب محافظ البنك المركزي في جنوب أفريقيا: "نحاول وضع الإطار التنظيمي بسرعة.. وتتمثَّل وجهة نظرنا في أنَّ العملات المشفَّرة هي في الأصل منتج مالي، وبالتالي يجب تنظيمها كأيِّ منتج ماليٍّ آخر".
يعني هذا النهج أنَّ قواعدَ أكثر صرامة قد تكون وشيكة العام الجاري، خاصةً بعد مجموعة من الفضائح التي كان أحدثها الاشتباه في استخدام مخطط بونزي، الذي أدى إلى اختفاء ما يقدَّر بنحو 3.6 مليار دولار من الـ"بتكوين". ويؤكِّد نايدو: "الآن نحن نُعرِّف العملات المشفَّرة على أنَّها منتج ماليٌّ، وإذا كانت هناك عمليات احتيال تخدع الجمهور بناءً على معلومات غير صحيحة أو زائفة، فمن المؤكَّد أنَّها مشكلة تتعلَّق بسلوك السوق، وبالتالي يجب أن تؤخذ على محمل الجدِّ".
الاحتيال والحاجة إلى التنظيم
يعمل مقدِّمو خدمات العملات المشفَّرة في جنوب أفريقيا دون ضبط من قبل السلطات التنظيمية حتى مع انتشار شعبية تلك الفئة من الأصول. وفي العام الماضي، أُطلق على انهيار شركة "ميرور تريندنغ انترناشونال"، التي يقع مقرّها في جوهانسبرغ، أكبر عملية احتيال متعلِّقة بالعملات المشفَّرة في عام 2020 من قِبل منصة بيانات الـ"بلوكتشين"، "تشين أناليسيس". ووفق نايدو: "نحن نرى أنَّ العملات المشفَّرة تحوي مخاطر، ونريد أن نضمن توافر وعي القطاع المالي لهذه الحقيقة، وأن يستعدَّ لها، ويقوم بتقييمها على نحو صحيح".
ويقوم الاقتصاد الأكثر تطوراً في إفريقيا بتضييق الخناق على هذا القطاع، في الوقت الذي تنتقل فيه العملات المشفَّرة من هامش العالم المالي إلى قلبه، وتواجه مراقبةً أكبر حول العالم.
في واحدةٍ من أهم التحرُّكات حتى الآن من قبل جهة تنظيمية وسط الحملة العالمية، قامت الرقابة المالية البريطانية بمنع منصة "بينانس ماركتس"، يوم الأحد، من القيام بأيِّ عمل منظَّم في البلاد. وعلى صعيد آخر؛ قالت "هوبي"، عن منصَّة العملات المشفَّرة الأكثر شهرة في الصين، يوم الإثنين، إنَّ المستخدمين في الدولة ممنوعون من تداول المشتقات.
بموجب خطط الجهات التنظيمية العالمية للتصدي للتهديدات التي يتعرَّض لها الاستقرار المالي جراء السوق المتقلِّبة، ستواجه البنوك أصعب متطلَّبات كفاية رأس المال لما بحوزتها من الـ"بتكوين". وفي وقت سابق من شهر يونيو، اقترحت لجنة بازل للرقابة المصرفية أن يتمَّ تطبيق وزن مخاطر بنسبة 1,250% للبنوك التي تتعرَّض لـ"بتكوين"، وبعض العملات المشفَّرة الأخرى.
نايدو أفصح أنَّ الجهات التنظيمية في جنوب إفريقيا ستتحرَّك أولاً لتطبيق قواعد "اعرف عميلك" على بورصات العملات المشفَّرة، وستضع أنظمةً لمراقبة تلك الفئة من الأصول لمنع غسيل الأموال خارج البلاد. وبعد ذلك، يجب تطبيق إرشادات حماية المستثمر، وقواعد إدارة مخاطر رأس المال في القطاع المصرفي.
تطور العملات المشفرة
إلى ذلك، أعلن وزير العدل رونالد لامولا، أنَّ مجموعة عمل مشتركة بين الإدارات تضمُّ الوكالات الحكومية والبنك المركزي وجهات إنفاذ القانون تخطط "لمراقبة تطور العملات المشفَّرة عن كثب".
وتأسست المجموعة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتمكَّنت من استرداد أكثر من 400 مليون راند (28.1 مليون دولار) في السنة المالية الماضية، وفقاً للامولا الذي أضاف: "العملات المشفَّرة لا تتناسب تماماً مع الإطار التنظيمي الحالي.. وإحدى الخصائص الفريدة للعملات المشفَّرة؛ هي قدرتها على العمل بدون وسطاء من أطراف ثالثة، أو آليات أمان مماثلة، وهو ما سينطبق عليه مخاطر مالية واستهلاكية محتملة عالية الوضوح".
كانت الشركات التي تقدِّم خدمات متعلِّقة بالعملات الرقمية في جنوب إفريقيا متحمِّسة لوضع قواعد أفضل تعزز الثقة في فئة الأصول.
ماريوس ريتز، المدير العام لشركة "أفريكا فور لونو" (Africa for Luno) قال: "تلفت أي حوادث احتيال الانتباه إلى أهمية التنظيم، ونأمل أن تؤدي الإرشادات الواضحة في جنوب إفريقيا - وعلى مستوى العالم - إلى تبني أوسع للعملة المشفَّرة من خلال تعزيز الاستقرار والثقة في السوق".
وقال ريتز: "ستؤدي التنظيمات أيضاً الى رفع المعايير والحواجز أمام الدخول، وستقوم باستبعاد الجهات السيئة، أو مقدِّمي الخدمات الذين لا يكترثون ولا يقدرون على حماية معلومات العملاء وأموالهم".