
بلومبرغ
رغم الانتعاش الكبير الذي شهدته الأسهم الأميركية، أمس الأربعاء، إلا أنه من المستبعد أن ينهي مؤشر "إس آند بي 500" العام الجاري على ارتفاع، بالنظر إلى تاريخه في مرات الهبوط الماضية.
فمن بين 16 مرة انخفض فيها المؤشر الرئيسي للأسهم الأميركية بنسبة 15% أو أكثر في أي فترة خلال العام، كما حدث قبل موجة الارتفاع، لم يرتفع مؤشر "إس آند بي 500" لينهي فترة الاثني عشر شهراً بمكاسب سوى ثلاث مرات فقط، وفق البيانات التي جمعها رايان ديتريك من شركة "كارسون غروب" (Cason Group).
تزامنت المرات الثلاث-التي حدثت في 1982 و2009 و2020- مع تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لدعم الاقتصاد، ولم يصدر البنك المركزي أي إشارة حتى الآن إلى اعتزامه اتخاذ خطوة مشابهة قريباً، بينما تهدد سياسات البيت الأبيض التجارية بتأجيج التضخم مرة أخرى.
تعافي "إس آند بي 500".. صعب
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" نحو 10% الأربعاء، متعافياً من أسوأ موجة هبوط لمدة 4 أيام تشهدها الأسهم الأميركية منذ التدهور الذي صاحب تفشي جائحة كورونا في مارس 2020، بعد تعليق الرئيس دونالد ترمب التعريفات الجمركية المتبادلة المرتفعة التي فرضها على معظم النظراء العالميين لمدة 90 يوماً.
قال ديتريك: "الوضع مختلف هذا العام عن الأعوام الثلاثة التي شهدنا فيه الانتعاش الكبير في سوق الأسهم، ويرجع ذلك إلى أن الاحتياطي الفيدرالي لن يتدخل لإنقاذ الوضع على الأرجح، حيث لا يزال مسؤولوه يشعرون بقلق بالغ حيال التضخم. ما يضعهم في موقف صعب حالياً".
أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي أن البنك المركزي ليس في عجلة للتدخل رغم أزمة الأسواق المالية التي نتجت عن وابل القيود التجارية التي فرضها ترمب. وبينما يُتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الشاملة إلى تزايد الضغوط السعرية، إضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي متردداً في تيسير السياسة النقدية للمساعدة في دعم الأسواق إلى أن يتوفر مزيد من الوضوح بشأن التعريفات الجمركية.
تدخل الفيدرالي لدعم الاقتصاد
يشكل ذلك اختلافاً واضحاً عما حدث في 2020، عندما خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر، ضمن إجراءات أخرى اتخذها لدعم الاقتصاد الذي تأثر بالجائحة العالمية. ورغم انخفاض الأسهم الأميركية آنذاك بنسبة 31% لتسجل أدنى مستوى لها منذ بداية العام في ظل تدهور الأسواق تحت ضغط جائحة كورونا، إلا أنها أنهت 2020 مرتفعة بنسبة 16% في نهاية المطاف.
وفي 2009، بلغت خسائر "إس آند بي 500" 25% قبل أن ينهي العام مرتفعاً بنحو 24%. وحدث هذا بعدما خفض صناع السياسات تكاليف الاقتراض إلى قرب الصفر طوال 2008، في إطار الجهود الرامية للقضاء على الركود.
أما في 1982، عندما أنهى المؤشر العام مرتفعاً 15%، كان الفيدرالي الاحتياطي في عهد بول فولكر يواصل خفض أسعار الفائدة عن مستواها في 1981.
شكوك في "وول ستريت"
رغم الانتعاش الذي تشهده الأسهم حالياً، لا تزال "وول ستريت" تشك في استمرار موجة الارتفاع، وتستعد لأن يؤدي استمرار قرارات فرض الرسوم الجمركية إلى تزايد حالة عدم اليقين لدى الشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى ركود تضخمي أو ركود شامل.
قالت كاثرين روني فيرا، كبيرة المحللين الاستراتيجيين للسوق لدى "ستون إكس غروب" (StoneX Group):"على الجبهة الاقتصادية، وقع ضرر كبير، وأتوقع حصولنا على بعض البيانات الفعلية التي تؤكد ذلك".
من المقرر صدور أحدث بيانات عن أسعار المستهلكين الخميس، ولا تزال توقعات التضخم تشير إلى استمرار ارتفاعه.
ومع ظهور دلائل على تباطؤ الاقتصاد واحتمال خفض توقعات أرباح الشركات خلال موسم الإعلان عن النتائج المالية، لا يزال هناك فرصة أكبر لانخفاض تقييمات الأسهم إذا بقيت أسعار الفائدة مرتفعة عند المستويات الحالية، وفق مات مالي من شركة "ميلر بلس تاباك آند كو" (Miller + Tabak & Co.).
واختتم مالي: "عند إضافة ذلك إلى الرسوم الجمركية الأشد صرامة، سيصعب على السوق الانتعاش بشكل ملموس دون دعم حقيقي من الاحتياطي الفيدرالي".