
بلومبرغ
أشعلت الحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترمب فتيل الهبوط الحاد في الأسهم الأميركية، مما يضع مؤشر "إس آند بي 500" على حافة الدخول في أول سوق هابطة منذ جائحة كورونا.
تراجع المؤشر بنسبة 3.5% إضافية يوم الإثنين، ليبلغ إجمالي تراجعه 20% عن أعلى مستوى قياسي سجله قبل أقل من شهرين، وهو ثاني أسرع هبوط من بين 14 سوقاً هابطة عانى منها المؤشر منذ عام 1945، وفق بيانات شركة "سي إف آر إيه" (CFRA).
بلغت قيمة الخسائر السوقية نحو 9.5 تريليون دولار خلال 33 جلسة تداول فقط. وقفز مؤشر التقلبات "VIX" –وهو مقياس الخوف في وول ستريت– إلى ما فوق 60 خلال الليل بعد أن أغلق عند 45 يوم الجمعة، وهو مستوى أعلى بكثير من متوسطه التاريخي البالغ 20.
أسهم أشباه الموصلات تنحدر
كانت عمليات البيع أكثر حدة في أسهم شركات الرقائق الإلكترونية، حيث انخفضت أسهم شركات "سوبر مايكرو" (Super Micro)، و"أون سيمي كوندكتور" ((On Semiconductor، و"ميكرون تكنولوجي" (Micron Technology) بما لا يقل عن 37% منذ بلوغ "إس آند بي 500" ذروته في 19 فبراير.
موجة البيع قد تزداد سوءاً
محللون في وول ستريت
كما خسرت أسهم شركات السياحة والسفر مثل "دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines) و"نورويجيان كروز لاين" (Norwegian Cruise Line) أكثر من 40%، بينما تراجعت أسهم "إنفيديا" بنسبة 32%، و"تسلا" بنحو 35%، و"بالانتير" بأكثر من ذلك.
شبح الركود الاقتصادي يحوم
يُسارع المستثمرون إلى تسعير سيناريو ركود اقتصادي بعد أن أعلن ترمب الأسبوع الماضي عن أشد الرسوم الجمركية في قرن، متخلين عن الأصول عالية المخاطر لصالح الملاذات الآمنة مثل السندات الأميركية والين الياباني.
قال مارك مالك، مدير الاستثمار في شركة "سيبيرت" :(Siebert): "حتى من لا يمتلكون أسهماً يفقدون الثقة عندما يسمعون أن السوق تنهار أو تدخل سوقاً هابطة. السوق الهابطة تترك أثراً معنوياً سيئاً للغاية، والمشكلة أن هذا الشعور قد يتحول إلى نبوءة تتحقق فعلاً حين يبدأ الناس في تقليص الإنفاق".
التراجع الحالي قد يكون مجرد بداية لدخول السوق الهابطة
دوغ رامسي
وإذا ما استرشدنا بالتاريخ، فإن تعويض هذه الخسائر قد يستغرق وقتاً طويلاً. فبحسب بيانات "سي إف آر إيه"، استمرت السوق الهابطة المتوسطة منذ الحرب العالمية الثانية نحو 13 شهراً، وتراجع فيها مؤشر "إس آند بي 500" بمتوسط 32%. ولو تكرر هذا؛ فقد لا يعود المؤشر إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة حتى مارس 2026. ومن بين الدورات الـ14 السابقة، انتهت ثلاث فقط في أقل من أربعة أشهر، كان آخرها تراجع كوفيد في عام 2020.
موجة بيع الأسهم من سيئ لأسوأ
يحذّر المحللون في وول ستريت من أن موجة البيع قد تزداد سوءاً، إذ لا تزال تقييمات الأسهم أعلى مما كانت عليه في الأزمات السابقة التي سبقت ركوداً اقتصادياً. ووفقاً لبيانات "دويتشه بنك"، فإن مراكز المستثمرين في الأسهم تنخفض عادة إلى ما دون المعدلات التاريخية عندما ترتفع التقلبات بشكل حاد.
وإذا هبطت المراكز الاستثمارية إلى نفس المستويات التي شهدناها خلال الجائحة، فهذا قد يعني وصول "إس آند بي 500" إلى مستوى 4750 نقطة، بحسب المحلل الاستراتيجي باراج ثات.
من جهته، قال دوغ رامسي، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة "لوثولد" (Leuthold): "كل العوامل تدفعنا للاعتقاد بأن التراجع الحالي مجرد بداية لدخول سوق هابطة دورية جديدة".
ولا يُعد مؤشر "إس آند بي 500" وحده من يواجه شبح السوق الهابطة؛ فمؤشر "ناسداك 100"، المثقل بأسهم التكنولوجيا، قد دخل بالفعل في سوق هابطة. كما شهدت مؤشرات الأسهم العالمية الأخرى –بما في ذلك مؤشر نيكاي الياباني– تراجعات حادة مشابهة، في حين تهاوت أسعار النفط والسلع الأخرى.
وتُعد الأسهم الأميركية حالياً من بين الأسوأ أداءً على مستوى العالم، إذ سجلت أسوأ ربع مقارنة بنظيراتها منذ عقود، مع تزايد مخاوف المستثمرين من السياسات الاقتصادية غير الواضحة لإدارة ترمب. ونتيجة لذلك، اتجهت التدفقات إلى الأسهم الأوروبية الأرخص نسبياً.