
بلومبرغ
هوت مؤشرات الأسهم حول العالم، وارتفعت السندات، وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات، بعد تصعيد الصين حدة الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترمب، مما عمّق المخاوف الاقتصادية رغم ورود علامات قوة سوق العمل الأميركية.
وبعد تسجيل مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) أسوأ تراجع يومي له منذ 2020، هبط مؤشر الأسهم المرجعي بنسبة 3%. كما تتجه الأسهم الأوروبية نحو التصحيح. وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار تسع نقاط أساس إلى 3.93%. وتتوقع أسواق المال بالكامل أربعة تخفيضات في أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية هذا العام، كما ترى احتمالية حدوث تخفيض خامس. وارتفعت مؤشرات مخاوف الائتمان بأعلى وتيرة لها منذ انهيار القطاع المصرفي عام 2023. وتجاوز مؤشر تقلبات الأسهم -المعروف بمؤشر الخوف- (VIX) مستوى 45 نقطة لفترة وجيزة، مما أعاد إلى الأذهان بعض أسوأ اضطرابات السوق.
فاق معدل نمو الوظائف في الولايات المتحدة التوقعات في مارس، وارتفع معدل البطالة قليلاً، مما يشير إلى قوة سوق العمل قبل أن يتأثر الاقتصاد العالمي بالرسوم الجمركية واسعة النطاق. ردت الصين على الرسوم الأميركية الجديدة بسلسلة من الإجراءات، شملت فرض رسوم جمركية على جميع الواردات الأميركية وضوابط على تصدير المعادن النادرة. وصرح ترمب بأن سياساته الاقتصادية "لن تتغير أبداً".
"المحصلة النهائية: تقرير الوظائف القوي لن يحرك مؤشر اهتمام المستثمرين"، وفق جيم بيرد من "بلانت موران فاينانشال ادفايزورس" (Plante Moran Financial Advisors). وأضاف: "لا يركز المستثمرون على ما حدث في الشهر الماضي؛ بل على السرعة وحجم التداعيات المحتملة للتغييرات السياسية التي تحرك الأسواق".
ومع تدهور أسواق المال العالمية، يترقب المستثمرون الآن خطاب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للحصول على أدلة حول حالة الاقتصاد الأميركي وما إذا كانت الرسوم الجمركية ستغير موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن تيسير السياسة النقدية.
توصيات بـ"الحياد" تجاه الأسهم الأميركية
يتجه العديد من المحللين إلى التوصية بالتزام الحياد حيال الأسهم الأميركية، وينصحون المستثمرين بالامتناع عن الشراء في ظل عمليات البيع المكثفة التي تثيرها حرب تجارية تاريخية وتثير شبح الركود.
نصح مايكل هارتنت، من "بنك أوف أميركا"، المستثمرين ببيع الأصول الخطرة على المكشوف حتى يتخلى ترمب عن الرسوم الجمركية ويتجه نحو خفض الضرائب، وزيادة إمدادات الطاقة، وتحرير القيود التنظيمية، ورفع سقف الدين بشكل حاد. وخفض مارك هيفيل، من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management)، توصيته للأسهم الأميركية إلى "الحياد".
"التصحيح يمكن أن يكون أقوى قليلاً، نظراً لعدم اليقين" وفق ما قال نورييل روبيني في تجمع للاقتصاديين وقادة الأعمال على ضفاف بحيرة كومو في سيرنوبيو بإيطاليا. وأضاف: "حتى لو بدا الأمر وكأن ترمب سيبدأ المفاوضات في الأسابيع القليلة المقبلة، وحصلنا على تهدئة، أعتقد أن السوق سيصحح نفسه أكثر قليلاً، وسيصل إلى القاع".
ورغم ذلك، يرى آخرون فرصاً الآن بالسوق. قال إد يارديني، من "يارديني ريسرش" التي تحمل اسمه، إن الوقت قد حان لشراء الأسهم عند انخفاضها بعد أسوأ يوم للمؤشر منذ جائحة كوفيد.
الرسوم الجمركية تعمق جدل الفائدة
تسود وول ستريت حيرة بسبب مساعي ترمب لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، وهو أمر سيكون مكلفاً للغاية وسيستغرق سنوات إن لم يكن عقوداً لتحقيقه.
ويتوقع خبراء الاقتصاد عموماً أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى رفع التضخم وإبطاء النمو، مما يبقي الاحتياطي الفيدرالي في وضعية الانتظار والترقب. لكن الجدول حول مسار أسعار الفائدة تصاعد بعد إعلان الرسوم الجمركية. في حين لا يتوقع "مورغان ستانلي" الآن أي تخفيضات للفائدة هذا العام، انخفاضاً من تقليص واحد للفائدة في توقعاته السابقة، مشيراً إلى مخاطر التضخم، فإن إدارة الثروات العالمية في "يو بي إس" تتوقع المزيد من التيسير النقدي هذا العام.
في الولايات المتحدة، قال مسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي إن سوق العمل القوية والتضخم الراسخ يعنيان أنهم بإمكانهم مواصلة الانتظار، حتى مع استنزاف رسوم ترمب الجمركية لثقة المستهلكين والشركات.
بدأ المتداولون في جني الأرباح والتحول إلى قطاعات أكثر دفاعية وسط مخاوف من الركود والقلق بشأن التراجع المحتمل في الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" عن قمته القياسية التي سجلها في فبراير، ويتجه لتسجيل خسائر للأسبوع السادس على التوالي من الأسابيع السبعة الماضية. وأظهرت بيانات جمعتها "إي بي إف آر غلوبال" و"بنك أوف أميركا" أن مديري الصناديق سحبوا 4.7 مليار دولار من الأسهم الأميركية في الأسبوع المنتهي في الثاني من أبريل، لتشهد الأسهم الأسبوع الثاني من التخارجات.
وعلى صعيد الشركات، تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بما في ذلك "إنفيديا" و"تسلا" و"أبل". كما تراجعت أسعار أسهم الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة مثل "علي بابا غروب" و"بايدو". سجل مؤشر البنوك الكبرى أدنى مستوى له منذ 7 أغسطس، مع انخفاض أسهم "مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" بأكثر من 6%.