
بلومبرغ
سجّلت العقود الآجلة لمؤشر "إس آند بي 500" تراجعاً بأكثر من 3% مساء الأربعاء، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن حزمة واسعة من الرسوم الجمركية على شركاء التجارة الرئيسيين للولايات المتحدة، ما رفع احتمالات الدخول في حرب تجارية شاملة قد تدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود.
انخفضت عقود مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 3% عند الساعة 6:01 مساءً بتوقيت نيويورك، بينما انخفضت عقود مؤشر "ناسداك 100" بنحو 4%.
قال ترمب إن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً بحد أدنى 10% على جميع الواردات، إلى جانب تعريفات أعلى على نحو 60 دولة لديها عجز تجاري كبير مع أميركا.
ستواجه الصين رسوماً جمركية بنسبة 34%، بينما سيُفرض على الاتحاد الأوروبي رسوم بنسبة 20%، وعلى فيتنام رسوم بنسبة 46%. قدّرت شركة "إيفركور" متوسط معدل الرسوم المرجّح بنسبة 29%.
الأسهم المتراجعة
انخفضت أسهم الشركات المرتبطة بالقطاعات التي ستتأثر بشدة بالجولة الجديدة من الرسوم، بشكل حاد في التداولات الممتدة. هبطت أسهم شركة "نايكي" و"غاب" و"لولوليمون"، التي تعتمد على بضائع من فييتنام، بنسبة لا تقل عن 7%.
أما شركة "أبل"، التي تعتمد سلسلة توريدها بشكل كبير على الصين، فانخفضت أسهمها بنسبة وصلت إلى 6.9%. كما تراجعت أسهم شركات تصنيع الرقائق مثل "إنفيديا" و"أدفانسد ميكرو ديفايسز"، وكذلك الشركات متعددة الجنسيات مثل "كاتربيلار" و"بوينغ".
قالت كيم فورست، كبيرة مسؤولي الاستثمار في "بوكيه كابيتال بارتنرز": "على المدى القصير، هذا سيئ"، وأضافت: "على المدى المتوسط إلى الطويل، آمل أن الأشخاص المحيطين بالرئيس لن يسمحوا له بأن يدفعنا إلى نوع من الركود".
كان الاقتصاديون يحذرون منذ أسابيع من أن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتضر بالتوظيف في الولايات المتحدة قبل ظهور أي فوائد محتملة. في جميع أنحاء وول ستريت، كانت الشركات ترفع احتمالات حدوث ركود، وتُخفّض أهدافها لمؤشرات الأسهم الأميركية هذا العام.
تقلبات أعلى في الأسواق
قال فينير بهانسالي، كبير مسؤولي الاستثمار ومؤسس "لونغ تيل ألفا": "هناك لعبة متعددة المراحل والأطراف تُلعب"، وأضاف: "هذا سلبي جداً على المستوى العالمي لأننا لا نعرف نوع اللعبة التي تُلعب. يجب أن تكون التقلبات أعلى، ومعظم الناس سيتخذون موقفاً دفاعياً الآن".
كان ترمب يعد بفرض رسوم واسعة على العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين لأميركا منذ إعادة انتخابه في نوفمبر، لكنه على مدى خمسة أشهر قدم فقط مجموعة غير متسقة من الإعلانات والتراجعات والتأجيلات، مما ترك وول ستريت تتأرجح من عنوان إلى آخر. وقد ألمح إلى إعلان 2 أبريل منذ فبراير.
في هذه الأثناء، كانت الدول التي تمثل الجزء الأكبر من الصادرات إلى الولايات المتحدة تخطط لإجراءات انتقامية. يعمل الاتحاد الأوروبي على حزمة من التدابير الطارئة المحتملة لدعم أجزاء من اقتصاده قد تتعرض لأقسى الضربات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وقال رئيس وزراء كندا مارك كارني إنه مستعد للمضي قدماً في فرض رسوم انتقامية إضافية.
فاجأ ترمب المستثمرين الأسبوع الماضي بإعلانه عن رسم بنسبة 25% على جميع واردات السيارات، وهو ما أُضيف إلى الرسوم الجمركية على العديد من المعادن الصناعية. وشمل إعلان الأربعاء رسماً أساسياً بنسبة 10% عالمياً، مع نسب أعلى لدول محددة، من بينها 46% على فيتنام، 34% على الصين، 24% على اليابان، و20% على الاتحاد الأوروبي. أما السلع المتوافقة مع اتفاق التجارة مع كندا والمكسيك فمعفاة من الجولة الأخيرة من الرسوم.
هبوط من مستوى قياسي
بعد انتعاش أولي دفع مؤشر "إس آند بي 500" إلى مستوى قياسي في فبراير، تسببت حالة عدم اليقين الناتجة عن تقلّبات الإدارة في سياسة التجارة، إلى جانب مؤشرات على أن التضخم لا يزال مرتفعاً بعناد وأن الاقتصاد يترنّح، في هبوط الأسهم. وقد انخفض المؤشر بنسبة 10% خلال 16 جلسة تداول، وهو سابع أسرع انخفاض بهذا الحجم من أعلى مستوى على الإطلاق، وفق بيانات تعود إلى خمسة عقود.
تخضع العقود الآجلة للأسهم لحدود بورصة شيكاغو التجارية التي تمنع المكاسب أو الخسائر من تجاوز 7% خلال جلسة التداول الليلية. ستستمر العقود الآجلة في التداول الليلي، لكن ضمن نطاق يتراوح بين 5315.5 و6109 نقاط.
في تعليقات كُتبت قبل إعلان ترمب عن الرسوم من حديقة الزهور بالبيت الأبيض، قالت مجموعة من شركات "وول ستريت" إنها تتوقع المزيد من الألم بعد أن سجلت الأسواق أسوأ ربع لها منذ عام 2022.
حذّرت مؤسسات مثل "غولدمان ساكس"، و"بنك أوف أميركا" من أن السياسات، بغض النظر عن التفاصيل، ستُعمّق عمليات البيع في الأسهم. وقد خفض ثلاثة من أكثر المحللين تفاؤلاً في وول ستريت توقعاتهم لمؤشر "إس آند بي 500" لهذا العام، رغم أنهم لا يزالون يرون أن المؤشر سينهي عام 2025 في مستوى أعلى من الآن.
بيانات اقتصادية مرتقبة
من دون وضوح بشأن هدف الرسوم، كان من الصعب على المتداولين تسعير المخاطر، وهو أمر لا يرى الكثيرون أنه سيتغير قريباً نظراً لتاريخ الإدارة في إصدار التصريحات ثم التراجع عنها بسرعة أو تغيير موقفها.
قال دون كالكاني، كبير مسؤولي الاستثمار في "ميرسر أدفايزرز": "حالة عدم اليقين، بطبيعتها، ليست معلومة قابلة للتنفيذ"، وأضاف: "هذه حالة لا يمكنك قياسها، ولا تعرف إلى أين ستتجه الإدارة".
بينما تحلل "وول ستريت" تداعيات التجارة، يستعد المستثمرون أيضاً لمجموعة من البيانات الاقتصادية لشهر مارس، بما في ذلك طلبات إعانة البطالة يوم الخميس وتقرير الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة.
كما سيكون لموسم الأرباح، الذي يبدأ منتصف أبريل مع تقارير البنوك الكبرى، تأثير كبير. هناك بالفعل مؤشرات على أن الشركات تستعد لتداعيات الرسوم الجمركية، حيث أعلنت الشركات الأميركية الشهر الماضي عن أدنى مستوى لعمليات إعادة شراء الأسهم منذ أكتوبر 2020، بعد عام قياسي من عمليات إعادة شراء الأسهم في 2024، مما يثير التساؤلات حول أحد أهم دعائم سوق الأسهم.
قال توني روث، كبير مسؤولي الاستثمار في "ويلمنغتون ترست إنفستمنت أدفايزرز": "ستحصل على الكثير من التوجيهات حول ما تواجهه الشركات فعلياً، سواء من المستهلكين أو في ما يتعلق بإنفاقها الرأسمالي"، مضيفاً: "هذه ستكون الخطوة التالية التي يجب مراقبتها".