المصدر:
بلومبرغ
تراهن أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم على فئة آخذة في النمو من الصناديق المتداولة بالبورصة المدعومة بالمشتقات، والتي تُعيد تشكيل ملامح الإدارة النشطة للمحافظ الاستثمارية.
"بلاك روك" (BlackRock) تتوقع أن ترتفع أصول ما تُعرف بـ"الصناديق المتداولة الموجهة نحو الأهداف" إلى ثلاثة أضعاف لتصل إلى 650 مليار دولار بحلول 2030، مدفوعة بتزايد تبني المستشارين الماليين لها، وتغيّر التركيبة الديموغرافية للأسواق. (هذه الصناديق مصممة لمساعدة المستثمرين على تحقيق أهداف استثمارية محددة، وتعمل هذه النوعية من الصناديق على رفع عوائد الاستثمار بالمحافظ، أو تنويعها).
يبرز هذا الرقم اللافت، الذي ورد في ورقة بحثية نشرتها الشركة، حجم الرهان الذي تضعه "بلاك روك" على قطاع من سوق الصناديق المتداولة يتيح للمستثمرين أدوات للتحوط والتنويع، ويشكّل في الوقت نفسه منافسة متزايدة لمديري الأصول التقليديين في وول ستريت.
تأتي هذه الصناديق بأشكال واستراتيجيات مختلفة. كما يشير اسمها، فهي تستخدم مزيجاً من الأدوات المشتقة لتحقيق أهداف استثمارية محددة سلفاً، من بينها الحد من الخسائر في حال هبوط الأسواق، أو توليد دخل أثناء فترات الانخفاض.
وساهمت هذه الفئة في الازدهار الأوسع للصناديق المتداولة المدارة بشكل نشط، والتي وصلت هذا الأسبوع إلى عتبة التريليون دولار للمرة الأولى.
قال بوب هام، رئيس قطاع الاستراتيجيات الموجهة والصناديق المتداولة المستندة إلى العوامل في الولايات المتحدة لدى "بلاك روك"، في مقابلة: "نرى الناس يواصلون ما كانوا يقومون به سابقاً، لكن ضمن إطار الصناديق المتداولة. الابتكار الحقيقي يكمن في الإطار الذي يحظى به الصندوق المتداول، إذ يتيح حرية الوصول إلى هذه المنتجات".
فئات الصناديق
على الرغم من تنوع التعريفات المتعلقة بهذه الصناديق، فإن "بلاك روك" تصنّفها ضمن ثلاث فئات استراتيجية: صناديق الدخل، وصناديق الحماية، وصناديق التسريع.
من بين الصناديق التابعة لها في هذا المجال، صندوق "آي شيرز أدفانتج لارج كاب إنكم" المتداول (iShares Advantage Large Cap Income ETF)، وصندوق "آي شيرز هاي ييلد كوربريت بوند باي رايت ستراتيجي" المتداول (iShares High Yield Corporate Bond Buywrite Strategy ETF)، وكلاهما يُستخدم ضمن محافظ هدفها تحقيق دخل.
أوضح هام: "ما زال هناك منحنى توعوي لفهم هذه المنتجات"، لكنه أضاف: "نرى مزيداً من العملاء في النماذج الاستثمارية يبدؤون بتخصيص جزء من محافظهم لهذه الأدوات من أجل إدارة المخاطر".
تعمل استراتيجيات الدخل، التي تُعرف غالباً بـ"البيع المغطى" أو "الشراء والبيع معاً" (وهي استراتيجية تقضي بشراء أحد الأصول، وفي الوقت نفسه، بيع خيار شراء هذا الأصل)، على تعزيز العائدات من الأصول الأساسية. في حين توفر استراتيجيات الحماية درجة معينة من التأمين خلال فترة زمنية محددة، وتتيح استراتيجيات التسريع مضاعفة العوائد مرتين أو حتى 3 مرات، لكن ضمن حدود معينة.
بحسب تقديرات "بلاك روك"، فإن فئة "الاستثمار الموجّه نحو الأهداف" كانت من بين أسرع الفئات نمواً في 2024، إذ قفزت بنسبة 58% مقارنة بالعام السابق. تدير الشركة حالياً 12 صندوقاً ضمن هذا الإطار بإجمالي أصول تقارب 2.5 مليار دولار.
طفرة الصناديق المتداولة
شهدت الصناديق المتداولة المعتمدة على المشتقات، والتي كانت حتى وقت قريب ركناً متخصصاً في السوق، طفرة منذ 2019، حين خفّفت الجهات التنظيمية الأميركية القيود المفروضة على إطلاق صناديق جديدة. تشير بيانات جمعتها "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن 54% من الصناديق المتداولة التي أُطلقت في فبراير الماضي استخدمت أدوات مشتقة بشكل أو بآخر. كما أظهر استطلاع أجرته شركة "براون براذرز هاريمان" (Brown Brothers Harriman) أن نحو 30% من مديري التخصيص الاستثماري يعتزمون الاستثمار في منتجات الحماية خلال العام المقبل.
لكن مع تنامي شعبيتها، لا تخلو هذه الصناديق من الانتقادات. فشركة "إيه كيو آر كابيتال مانجمنت" (AQR Capital Management)، المتخصصة في الاستثمارات الكمية، نشرت بحثاً جديداً يشير إلى أن استراتيجيات الحماية غالباً ما تقدم عوائد أقل مقابل مستويات أعلى من المخاطر مقارنة بالبدائل البسيطة التقليدية.
من جهته، يرى هام أن الأمر يتعلّق بتوعية المستثمرين والعملاء حول هذه المنتجات واستخداماتها المناسبة. وقال: "كصناعة، نحن بحاجة إلى تحسين قدرتنا على توضيح أهداف هذه المنتجات بشكل دقيق، والتوقيت الأمثل لاستخدامها، ولماذا، ومتى لا ينبغي استخدامها".
تصنيفات
