مفاجأة الاحتياطي الفيدرالي

أخيراً، أبدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ردّة فعل، فيما بدا كأنَّه اعتراف، على مضض، بأنَّ مخاطر التضخم أكبر مما توقَّع في البداية، فقد رفعت لجنة تحديد سعر الفائدة التابعة له توقُّعاتها بشأن زيادات أسعار الفائدة، كما أشارت إلى أنَّ موعد تقليص برنامج شراء السندات بات وشيكاً.

وتُظهر توقُّعات سعر الفائدة الجديدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أنَّ 13 من أصل 18 من صانعي السياسة الحاليين يتوقَّعون ارتفاع سعر الفائدة المرجعي عام 2023 مقارنةً بـ7 فقط سابقاً. كما رفع المجلس توقُّعاته للتضخم، وللنمو الاقتصادي لمدة 3 سنوات، مع توقُّع انخفاض مطَّرد في معدل البطالة. وفي الوقت الحالي، أبقى الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الأساسي عند -0.25% إلى 0%، وحجم عمليات شراء السندات شهرياً عند 120 مليار دولار.

توقعات حذرة

النبرة الأكثر تشدُّداً لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أدَّت إلى ارتفاع سعر الدولار، وعوائد سندات الخزانة الأمريكية، في حين انخفضت الأسهم.

حاول باول تخفيف الانطباع بأنَّ التوقُّعات الجديدة تعني أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي على وشك التحرُّك، قائلاً إنَّ البنك المركزي قد ينتظر لفترة أطول من عام 2023 قبل البدء في رفع أسعار الفائدة، ومضيفاً أنَّ توقُّعات أسعار الفائدة الجديدة يجب أن تُؤخذ "على محمل الحذر". مع الإشارة إلى أنَّ المحادثات حول تخفيض عمليات شراء السندات في مراحلها الأولية، ويتعيَّن الإشارة إلى أيِّ قرار في وقت مبكر.

أمرٌ مُحيِّر

يُعدُّ حذر مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن الإشارة إلى اتخاذ إجراء بشأن التضخم أمراً مُحيِّراً، إذ تظهر التقديرات أنَّ المجلس يتوقَّع تخطي التضخم لهدفه البالغ 2% خلال العامين المقبلين. في الوقت نفسه، يتوقَّع أن يظلَّ معدل النمو أعلى بكثير من 3%، وأن ينخفض معدل البطالة إلى ما دون 4%. تشكِّل هذه التوقُّعات، مع السياسة النقدية التيسرية التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي مزيجاً قوياً قد يخرج عن السيطرة بسهولة.

لذا، فإنَّه برغم كون إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي خطوة أولى، تتسم بالتردد، في الاتجاه الصحيح، إلاّ أنَّها لا تقترب من المطلوب. وإذا ما أثارت البيانات مخاوف التضخم، سيتعيَّن على الفيدرالي أن يكون رشيقاً بما يكفي لتشديد موقفه بسرعة أكبر.