
بلومبرغ
خلال ثلاثة أسابيع متتالية، كانت ثروة مارينا بوديمان تنمو بوتيرة يومية تقارب 350 مليون دولار. وبحلول منتصف مارس، بلغت ثروة بوديمان، الرئيسة المفوضة لأكبر شركة لتشغيل مراكز البيانات في إندونيسيا، 7.5 مليار دولار، مستفيدة من سلسلة ارتفاعات يومية لأسهم شركتها بالحد الأقصى المسموح به في بورصة البلاد، لتتصدر بذلك قائمة أغنى النساء في إندونيسيا، بحسب مؤشر "بلومبرغ للمليارديرات".
لكن هذا الصعود السريع لم يدم طويلاً، إذ انهارت أسهم شركة "دي سي آي إندونيسيا" (DCI Indonesia) بشكل مفاجئ، ما أدى إلى خسارة بوديمان نصف ثروتها في غضون ثلاثة أيام فقط، في انعكاس لحالة التقلبات الحادة التي تشهدها سوق الأسهم الإندونيسية.
وبشكل إجمالي، كانت ثروات بوديمان، وزميليها المليارديرين والمساهمين الرئيسيين في الشركة، أوتو توتو سوغيري وهان أرمينغ حانافيا، قد سجّلت مكاسب مجمعة تجاوزت 17 مليار دولار، قبل أن تتراجع لاحقاً. وعند إغلاق جلسة الثلاثاء، كانت الأسهم قد فقدت أكثر من نصف المكاسب التي سجلتها منذ بداية موجة الصعود في منتصف فبراير.
تقلبات جامحة لأسعار الأسهم في إندونيسيا
تُعد التقلبات الجامحة في أسعار الأسهم سمة شائعة ومصدر قلق متزايد في سوق الأسهم الإندونيسية، حيث شهدت أسهم عشرات الشركات ارتفاعات بلغت 1000% أو أكثر في الأعوام الأخيرة، في تحركات تبدو منفصلة تماماً عن الأسس المالية لتلك الشركات.
فعلى سبيل المثال، بلغت القيمة السوقية لشركة "دي سي آي إندونيسيا" (DCI Indonesia) نحو 17 مليار دولار عند إغلاق جلسة الثلاثاء، رغم أن إيراداتها لم تتجاوز 112 مليون دولار العام الماضي، وبلغ صافي أرباحها 49 مليون دولار فقط. ومع ذلك، تُتداول أسهم الشركة عند مضاعف ربحية يبلغ 416 مرة، وهو الأعلى بين مجموعة الشركات المماثلة التي ترصدها "بلومبرغ".
ويرتبط جزء من هذه الظاهرة بضعف السيولة في تداول أسهم العديد من الشركات. ففي حالة "دي سي آي"، يمتلك كل من مارينا بوديمان، وأوتو توتو سوغيري، وهان أرمينغ حانافيا، إلى جانب الملياردير أنتوني سليم – رابع أكبر المساهمين – نحو 78% من أسهم الشركة. ومن أصل 2.4 مليار سهم مدرج، جرى تداول 80400 سهم فقط حتى منتصف يوم الأربعاء في جاكرتا، وهو رقم متدنٍ للغاية مقارنة بمستويات التداول المعتادة في شركات إندونيسية ذات حجم مماثل.
ولم ترد "دي سي آي" فوراً على طلب للتعليق.
ضيق الأسهم الحرة والسياسات الشعبوية
أوضح موهيت ميربوري، مدير صندوق في شركة "إس جي إم سي كابيتال" (SGMC Capital Pte) ومقرها سنغافورة، أن "تقلبات سعر سهم (دي سي آي) تعود بشكل كبير إلى ضيق نسبة التداول الحر". وأضاف: "فروق أسعار العرض والطلب ضئيلة، ما يجعل أي تحرك كبير في المراكز الاستثمارية قادراً على دفع السهم إلى تحركات كبيرة".
وكانت "دي سي آي" صاحبة الأداء الأسوأ في السوق خلال جلسة الثلاثاء، تزامناً مع تراجع حاد في المؤشر القياسي لبورصة جاكرتا، ما دفع السلطات إلى تعليق التداول لمدة 30 دقيقة.
وعزا المتداولون هذا التراجع إلى جملة من العوامل، من بينها المخاوف بشأن التوجهات الشعبوية للرئيس برابوو سوبيانتو، وعمليات التصفية القسرية، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف مستقبل قيادة وزارة المالية.
من جانبه، وصف نيرغونان تيروتشيلفام، المحلل لدى شركة "أليثيا كابيتال" (Aletheia Capital) في سنغافورة، ما حدث بقوله: "موجة البيع كانت بمثابة صدمة مفاجئة من نواحٍ عدة، وباغتت السوق تماماً".
رهان على مستقبل مراكز البيانات
قبل الانهيار الأخير في سعر السهم، يُرجّح أن "دي سي آي" استفادت من توقعات المستثمرين باستمرار ارتفاع الطلب على خدمات مراكز البيانات، ما عزّز الآمال بجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع.
وفي هذا السياق، ذكرت "بلومبرغ نيوز" يوم الجمعة أن شركة "أوراكل" (Oracle) تجري محادثات مع الحكومة الإندونيسية بشأن إنشاء مركز جديد لخدمات الحوسبة السحابية في البلاد، ما أضفى زخماً إضافياً على التوقعات المستقبلية للصناعة.
مارينا بوديمان، البالغة من العمر 63 عاماً، شاركت في تأسيس "دي سي آي" قبل أكثر من عشرة أعوام. كما يُعد أوتو توتو سوغيري (71 عاماً) وهان أرمينغ حانافيا من المؤسسين المشاركين.