بلومبرغ
للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، أجبرت الصين البنوك على الاحتفاظ بمزيد من العملات الأجنبية في صورة احتياطيات، وهي الخطوة الأكثر أهمية حتى الآن لكبح جماح ارتفاع اليوان.
ستحتاج المؤسسات المالية في البلاد إلى الاحتفاظ بـ7% من احتياطي العملات الأجنبية اعتباراً من 15 يونيو، وفقاً لبيان البنك المركزي أمس الإثنين. وهذه زيادة بمقدار نقطتين مئويتين، وهي أوَّل زيادة من نوعها منذ عام 2007.
هذه الخطوة، التي قال بنك الشعب الصيني إنَّها ستساعد في إدارة السيولة، وتقلِّل بشكل فعَّال المعروض من الدولارات والعملات الأخرى في الداخل؛ ستشكِّل ضغطاً على اليوان لإضعافه. وكانت العملة الصينية قد انخفضت 0.2% عند الساعة 5:42 مساءً، في هونغ كونغ يوم الإثنين.
تأثير محدود
وبرغم أنَّ المحللين يقولون، إنَّ التأثير المباشر قد يكون محدوداً، فإنَّ هذه الخطوة هي أوضح إشارة من قبل بنك الشعب الصيني بأنه غير راضٍ عن ارتفاع اليوان إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل الدولار.
اقتصر ردُّ السلطات حتى الآن بردِّها على الخطاب عبر تحدُّث مسؤول سابق بالبنك المركزي، وعبر تعليق في وسائل الإعلام الحكومية على العملة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
قال تشو هاو، الخبير الاقتصادي في القسم السنغافوري لِـ"بنك التجاري الألماني": "يريد بنك الشعب الصيني أن يظهر للسوق أنَّه إذا استمر العملة بالارتفاع، فلديه العديد من الإجراءات لإبطائها، وستفشل السوق إذا أرادت القيام بمراهنات مضاربة".
وكثيراً ما كانت الرهانات على اليوان استراتيجية ناجحة خلال العام الماضي. إذ ارتفعت العملة 13% مقابل الدولار منذ مايو الماضي، عندما كانت قريبة من أدنى مستوى لها منذ عام 2008 وسط آثار الوباء، والحرب التجارية مع شركات السمسرة الأمريكية، بما في ذلك "سيتيك سيكيورتيز"، و "بنك أف نوفا سكوتيا"، و "ويستباك بانكنغ كورب"، لترتفع إلى 6.2 مقابل الدولار من 6.3650 الحالية. سيكون هذا هو أقوى خفض قيمة للعملة منذ ذاك الذي جرى في عام 2015.
يتمُّ دعم اليوان من خلال الانتعاش الاقتصادي في الصين، والأسواق ذات العوائد المرتفعة الجذَّابة للمستثمرين العالميين. وتدعم خلفية التضخم المستورد الحجة الداعية إلى يوان أقوى. فمقابل سلَّة من الشركاء التجاريين، تعدُّ العملة الصينية هي الأقوى منذ عام 2016.
يظهر التاريخ أنَّ المتداولين يجب أن يكونوا حذرين. ففي أعقاب تخفيض قيمة العملة، انخفض اليوان حوالي 11% بنهاية عام 2016، وارتفع 11% خلال ذروته في 2018، قبل أن يتراجع مرة أخرى ليهبط 13% بحلول سبتمبر 2019. وعندما أصبح زخم اليوان شديداً للغاية، غالباً ما اتخذت السلطات خطوات للحدِّ من تحرُّكاته.
على سبيل المثال، في أوائل عام 2018، انخفض اليوان بأكبر قدر خلال شهرين، حينها منحت السلطات البنوك الضوء الأخضر لتقديم عروض أسعار للتثبيتات الأضعف.
ويبدو أنَّ بكين تتمسَّك بهدفها المتمثِّل في تحرير الأسواق كجزء من خطط الرئيس شي جين بينغ لتقليل المخاطر الأخلاقية. ليس فقط لأنَّ التدخل المباشر باليوان أصبح الآن مشهداً غير عادياً. لكن، نادراً ما يظهر "الفريق الوطني" للأموال المدعومة من الدولة في سوق الأسهم البالغ حجمه 12 تريليون دولار، ما لم تخاطر التحرُّكات بالتحوُّل إلى حالة من الذعر أو الهوس. وحتى في سوق السلع، حيث يكافح المسؤولون لتهدئة الأسعار؛ كانت الجهود إلى حدٍّ كبير شفوية وليست مباشرة.
وإذا اتخذ البنك المركزي إجراءات حازمة إضافية، مثل وضع تثبيتات أضعف كثيراً، فقد يعزز ذلك الاعتقاد أنَّ التدخل القوي هو الذي يستحق الانتباه إليه. ومع ذلك، أوضح الحزب الشيوعي أنَّه سيعمل على الحدِّ من المضاربات، وسيعمل على الوقاية من المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي، خاصة في الفترة التي تسبق الذكرى المئوية لتأسيس الحزب في يوليو.
من جهتها، تقول بيكي ليو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في "ستاندرد تشارترد"، عن تحرُّك بنك الشعب الصيني يوم الإثنين: "لا نرى هذا على أنَّه تغيير لمرة واحدة، ولكن من المحتمل أن يكون بداية توجُّه، ويمكن اعتباره آلية جديدة لإدارة اليوان على المدى المتوسط، إلى جانب تدابير أخرى لمواجهة التقلُّبات الدورية".