فوز ترمب أشعل حماسة الأسواق.. والآن يبدأ الاختبار الحقيقي

الدولار وبتكوين يصمدان.. وتشكيك المستثمرين في خفض الفائدة يفقد "S&P500" جزءاً كبيراً من المكاسب

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة كرتونية لترمب وهو يحمل رمز بتكوين في هونغ كونغ - بلومبرغ
صورة كرتونية لترمب وهو يحمل رمز بتكوين في هونغ كونغ - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أثار فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر موجة فورية من الارتفاعات في الأسواق؛ إذ قفزت الأسهم، وارتفع الدولار، وحققت "بتكوين" مكاسب قياسية. لكن بعد شهرين فقط، ومع اقتراب الرئيس الجمهوري من العودة إلى البيت الأبيض، فإن بعض المكاسب فقط تمكن من الصمود.

بدت أولى علامات التراجع في سوق الأسهم، حيث تخلى مؤشر "إس آند بي 500" عن جزء كبير من مكاسب "تجارة ترمب"، مع تشكيك المستثمرين في تخفيضات الفائدة المتوقعة من "الاحتياطي الفيدرالي"، وتداعيات سياسات الإدارة الجديدة على أسعار الأسهم. كما شهد منحنى عوائد سندات الخزانة ارتفاعاً حاداً منذ أواخر نوفمبر، بعد أن تضاءل الفارق بين العوائد القصيرة والطويلة. وفي المقابل، حافظ الدولار وبتكوين على مكاسبهما.

لكن الاختبار الحقيقي لهذه الرهانات يبدأ الآن مع تولي ترمب منصبه. تُعد الرسوم الجمركية أكبر المخاطر؛ حيث تثير المخاوف من أن خطط الإدارة المقبلة قد تؤدي إلى حروب تجارية أطول وأكثر تقلباً مما كانت عليه خلال فترة رئاسته الأولى. كما يشعر المحترفون في "وول ستريت" بالقلق إزاء تأثير أي إجراءات تتعلق بالهجرة على الاقتصاد الأميركي، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصة مع استهداف ترمب بالفعل بعض حلفاء أميركا التقليديين، مثل كندا والمكسيك وأوروبا.

قال كبير الاقتصاديين الأميركيين في "سيتي غروب"، أندرو هولينهورست، في مكالمة توقعات لعام 2025: "التوقعات هي الطريقة المنمّقة للقول إننا نخمن، لكن علينا وضع افتراضات بشأن هذه السياسات لأنها ستؤثر على النظرة الاقتصادية".

اقرأ المزيد: استطلاع: سياسات ترمب ستدعم الأسهم الأميركية والدولار في 2025

إليك نظرة على الأصول والقطاعات التي يراقبها المتداولون مع تولي الإدارة الجديدة:

الأسهم

سرعان ما ظهرت حماسة ترمب في بعض الجوانب المتضررة من سوق الأسهم، مثل الشركات ذات رؤوس الأموال الصغيرة. قفز مؤشر "راسل 2000" بنسبة 5.8% في اليوم التالي للانتخابات، محققاً أفضل جلسة له منذ عامين. كان المنطق وراء ذلك بسيطاً: سياسات التجارة الحمائية للإدارة القادمة ستفيد الشركات التي تحقق غالبية إيراداتها محلياً.

لكن سرعان ما تلاشى الحماس. فبعد أن قفز المؤشر بنسبة 8% بين 5 و25 نوفمبر، أهدر معظم تلك المكاسب في الأسابيع التالية.

قال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في "إنتر أكتيف بروكرز" (Interactive Brokers): "العديد من هذه الأسهم بالكاد تحقق أرباحاً أو حتى خسائر، وهي تعتمد على التمويل للاستمرار، وارتفاع أسعار الفائدة يضر بهذه الرواية".

أسهم البنوك شهدت بدورها جنوناً بعد الانتخابات، حيث وعد ترمب بتخفيف اللوائح التنظيمية على المقرضين. قفز مؤشر "كيه بي دبليو بنك" (KBW Bank) بنسبة تقارب 14% بين 5 و25 نوفمبر، حيث وصل إلى أعلى مستوى له خلال 52 أسبوعاً. لكن الزخم تلاشى لاحقاً، مع تراجع المؤشر بنسبة 1.8% بحلول يوم الجمعة.

كما تلقت أسهم شركات الطاقة دفعة بعد الانتخابات بسبب موقف ترمب الداعم لزيادة إنتاج النفط والغاز. ارتفع مؤشر الطاقة ضمن "إس آند بي 500" بنسبة 3.5% في 6 نوفمبر، محققاً أفضل جلسة له خلال عام، وزاد 6.5% منذ يوم الانتخابات حتى 22 نوفمبر. لكن بعد ذلك، واجهت الأسهم تقلبات شديدة، متراجعة بنسبة 3.2% بسبب مخاوف من فائض العرض والرسوم الجمركية والنمو الاقتصادي.

أما الرهانات التي صمدت في سوق الأسهم فكانت في مجالات يتمتع فيها المستثمرون بدرجة من الوضوح النسبي. الأسهم المرتبطة بالعملات المشفرة حافظت إلى حد كبير على مكاسبها. كما برز سهم شركة "تسلا" بقوة، حيث ارتفع 70% منذ فوز ترمب، على الرغم من كونه معروفاً بتشكيكه في مسألة السيارات الكهربائية. الفكرة المهيمنة تمحورت في أن قرب إيلون ماسك من الإدارة الجديدة سيدعم طموحات الشركة في تصنيع سيارات ذاتية القيادة بالكامل.

قال سوسنيك: "لا شيء تقريباً نجح كرهان ما بعد الانتخابات في الأسهم، سوى العملات المشفرة وتسلا".

اقرأ المزيد: رهان ماسك على ترمب يضيف 572 مليار دولار لقيمة "تسلا"

العملات

تجسدت أوضح صورة لموجة "تجارة ترمب" قبل الانتخابات في الرهان على ارتفاع الدولار، مدعوماً بالرسوم الجمركية الحادة واحتمالات التضخم الناتجة عن السياسات المالية الأكثر تيسيراً المتوقعة من إدارة ترمب.

ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 5% خلال الأسابيع العشرة منذ يوم الانتخابات، وهي مكاسب مشابهة لما حققه بعد فوز ترمب في 2016. يدعم هذا الارتفاع الضعف المقابل في العملات العالمية التي تُعتبر معرضة للخطر بسبب سياسات ترمب الاقتصادية، بما في ذلك اليورو والدولار الكندي.

كانت "وول ستريت" تتوقع هذا التحرك إلى حد كبير. فقد توقعت محللة "جيه بي مورغان" ميرا شاندان وفريقها، أن اليورو قد يضعف ليصل مستوى التعادل في حال فوز ترمب، بينما قال سكاي لار مونتغمري كونينغ، استراتيجي العملات في "باركليز كابيتال"، إن الدولار الكندي قد ينخفض إلى مستويات عصر الجائحة. ويتوقع فريق شاندان الآن أن يُتداول اليورو دون مستوى التعادل خلال هذا الربع.

قالت شاندان، رئيسة استراتيجيات العملات العالمية في "جيه بي مورغان"، في إحدى المدونات الصوتية مؤخراً: "أعتقد أن الرسوم الجمركية لم توضع في الحسبان بشكل كامل بعد".

معظم عملات الأسواق الناشئة شهدت ضعفاً بعد فوز ترمب. فقد تراجع مؤشر "إم إس سي آي" بنسبة 2.2% منذ يوم الانتخابات، إذ قاد راند جنوب أفريقيا والعملات الأوروبية هذا الانخفاض.

أما البيزو المكسيكي، الذي كان العملة المفضلة لدى المتداولين للمراهنة على الهبوط قبل التصويت، فقد هوى بـ3.4% أمام الدولار منذ الانتخابات، لكنه كان أفضل أداءً نسبياً مقارنة بمعظم أقرانه الـ31 عملة الرئيسية التي ترصدها "بلومبرغ". يعود صمود البيزو النسبي إلى تأجيل المتداولين توقعاتهم بشأن خفض الفائدة من قبل "الاحتياطي الفيدرالي"، ما دفع صناع السياسات في المكسيك إلى توخي الحذر.

في الصين، تراجع اليوان بأكثر من 3% أمام الدولار منذ 5 نوفمبر في التداولات المحلية والدولية، بفعل مخاطر الرسوم الجمركية واتساع الفجوة بين عوائد السندات الحكومية الأميركية والصينية. استخدم بنك الشعب الصيني أدوات متعددة لدعم العملة، وتراجعت توقعات انخفاضها منذ ذروتها في أوائل ديسمبر.

اقرأ المزيد: متداولو العملات يراهنون على تقلبات السوق في عهد ترمب

أسعار الفائدة

كان من المتوقع أن يؤدي فوز ترمب، ناهيك عن سيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب، إلى زيادة حدة انحدار منحنى عوائد السندات، بناءً على سياسات يُعتقد أنها ستؤدي إلى تضخم وتضغط على الديون الأميركية طويلة الأجل.

هذا ما يحدث بالفعل، حيث اتسعت الفجوة بين عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات وعامين إلى نحو 34 نقطة أساس، وهي قريبة من أشد الانحدارات منذ بداية 2022، بينما تراجعت السندات طويلة الأجل قبل تنصيب ترمب.

وقال نيل ساذرلاند، مدير المحافظ في "شرودرز لإدارة الاستثمار": "نرى حالياً بدايات انحدار في المنحنيات. حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ومع ذلك ارتفعت العوائد الطويلة، تخبرك أن الكثير من هذه التحركات قد حدث بالفعل في السوق".

كما أثرت البيانات الاقتصادية الأميركية القوية، وحالة عدم اليقين حول سياسات ترمب، على معدلات الفائدة قصيرة الأجل. فحالياً، يتوقع المتداولون تخفيضين فقط بمقدار ربع نقطة لكل تخفيض من جانب "الاحتياطي الفيدرالي" هذا العام، مقارنة بنحو ستة تخفيضات كانوا يتوقعونها قبل الانتخابات.

مع ذلك، فإن الأمر الوحيد المؤكد في الأسواق الآن هو حالة عدم اليقين. وهذا ما شعر به متداولو أسعار الفائدة في الأسبوع الماضي، عندما أدى تقرير التضخم الأساسي الشهري، الذي جاء أضعف من المتوقع، إلى انخفاض حاد في عوائد السندات على اختلاف آجالها.

قال ساذرلاند: "في الوقت الحالي، المعنويات في سوق السندات سلبية للغاية، وهناك خطر من أن العوائد قد تنخفض أكثر".

اقرأ المزيد: فوز ترمب يدعم مؤشرات الأسهم الأميركية والدولار وعائدات السندات

العملات المشفرة

كان ترمب، الذي شكك سابقاً في العملات المشفرة ووصف "بتكوين" بأنها "تبدو كاحتيال"، قد غيّر موقفه تماماً، ويحظى الآن بدعم قوي من قطاع العملات المشفرة.

وفقاً لتقارير من "بلومبرغ" نقلاً عن مطلعين، يخطط ترمب لإصدار أمر تنفيذي يجعل العملات المشفرة أولوية سياسية، ويمنح الجهات الفاعلة في هذا المجال دوراً داخل إدارته. كما من المتوقع أن يخفف القيود التنظيمية، ويؤسس احتياطياً استراتيجياً من "بتكوين".

كما هو متوقع، شهدت الأصول المشفرة ارتفاعاً ملحوظاً منذ الانتخابات. ووصلت "بتكوين" إلى مستوى قياسي في منتصف ديسمبر، محققة زيادة بنحو 50% مقارنة بسعرها في 5 نوفمبر. أما مؤشر "بلومبرغ غالاكسي للعملات المشفرة"، فقد قفز بـ11% في اليوم التالي للانتخابات، وأضاف مكاسب بنسبة 29% منذ ذلك الحين.

تصنيفات

قصص قد تهمك