بلومبرغ
امتنع المستثمرون في وول ستريت عن القيام بمراهنات كبيرة، حيث من المقرر أن تغلق السوق عشية تقرير الوظائف يوم الجمعة.
انتعشت سندات الخزانة بعد بيع قوي بقيمة 22 مليار دولار جلب بعض الراحة بعد عمليات البيع الأخيرة. تأرجحت الأسهم بين المكاسب والخسائر الطفيفة طوال الجلسة، وعاد مؤشر "إس آند بي 500" إلى 5900 نقطة، وهي علامة نفسية مهمة، وذلك بعد هبوطه لفترة وجيزة تحتها.
تراهن سوق الخيارات على أن المؤشر سيتحرك بنحو 1.2% في أي اتجاه بعد بيانات التوظيف الأميركية التي ستصدر الجمعة، وفقاً لشركة "سيتي غروب". سيكون هذا أكبر تحرك ضمني في يوم إعلان تقرير الوظائف منذ سبتمبر.
قد يكون أصحاب العمل في الولايات المتحدة قلصوا من التوظيف الشهر الماضي لإنهاء عام من النمو الوظيفي المعتدل والصحي، في وقت يتوقع خبراء الاقتصاد أن يستمر هذا النمو في عام 2025.
مراقبة عن كثب
أظهر استطلاع أجرته شركة "في 22 ريسرتش" (22V Research) أن معظم المستثمرين يراقبون رواتب الموظفين عن كثب، بشكل أكثر من المعتاد. يعتقد 26% فقط من المستجيبين أن بيانات يوم الجمعة ستؤدي إلى تعزيز "المخاطرة"، في حين اعتبر 40%، أن السوق ستكون "بعيدة عن المخاطرة"، و 34% اعتبروا أن ردة فعل السوق ستكون "مختلطة/ لا تُذكر".
قال توم إيساي في "ذا سيفينز ريبورت" (The Sevens Report)، إن "المستثمرين سيرغبون في رؤية عودة إلى البيانات الجيدة، بما يتفق مع سوق العمل أقل قوة، وذلك للمساعدة في تهدئة الارتفاع الأخير في العائدات، ومساعدة الأسهم على الاستقرار".
لم تكسر أحدث محاضر بنك الاحتياطي الفيدرالي أي أرضية مهمة، حيث أظهرت أن المسؤولين تبنوا موقفاً جديداً بشأن خفض أسعار الفائدة وسط مخاطر الأسعار المرتفعة، وقرروا التحرك بشكل أبطأ في الأشهر المقبلة. وفي الوقت نفسه، أعرب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، عن اعتقاده أن التضخم سيستمر في التباطؤ نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%.
صعد مؤشر "إس آند بي 500" نحو 0.2%، ولم يطرأ تغير يُذكر على مؤشر "ناسداك 100"، في حين ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.2%. وستغلق أسواق الأسهم الأميركية في التاسع من يناير، بسبب إعلان حداد وطني على الرئيس السابق جيمي كارتر. وستغلق سوق السندات في الساعة 2 ظهراً بتوقيت نيويورك.
انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بنقطتي أساس إلى 4.67%. وتجاوز العائد على السندات لأجل 20 عاماً، وهو العائد المتأخر على منحنى ديون الحكومة الأميركية منذ إعادة طرحه في عام 2020، لفترة وجيزة 5%. وتراجعت أسواق المملكة المتحدة، مما دفع عائدات السندات إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقد من الزمان. وارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري بنسبة 0.4%.
تقلب في النصف الأول
قال كريس سينيك من شركة وولف للأبحاث إنه "من المرجح أن تبقي القوة في سوق العمل في الأمد القريب توقعات خفض الفائدة عند خفض أو خفضين في السنة".
وأضاف: "لكننا نستمر في الاعتقاد بأن التضخم سيستمر في الاتجاه النزولي ببطء، بينما يبقى التوظيف في حالة توازن، ما يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2025".
بينما قد يتفاقم الانخفاض الأخير في الأسهم والسندات مع قلق المتداولين بشأن احتمال ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، فمن غير المرجح أن يصل الانخفاض إلى الحدود القصوى التي حصلت في عام 2022، عندما نجت الأسواق من أسوأ عام لها منذ الأزمة المالية العالمية، وفقاً لمايك ويلسون من "مورغان ستانلي".
يتوقع كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في البنك، أن يكون النصف الأول من عام 2025 متقلباً، مع تحسن في النصف الثاني، كما قال خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" يوم الأربعاء. وأضاف أن الفرق بين الوقت الحالي وعام 2022، أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لجأ آنذاك إلى رفع أسعار الفائدة بقوة، وبوتيرة من غير المرجح أن تتكرر في المستقبل المنظور.
وأشار ويلسون إلى أنه لا يوجد الكثير من الانخفاض في الأسعار اليوم، "ولكن هذا لا يعني غياب إمكانية حدوث انخفاض بنسبة 10% للعديد من الأسهم، إذا ظلت الأسعار عند هذا المستوى".
مجال لمزيد من الانخفاض
هناك مجال لانخفاض الأسهم أكثر مع اقتراب عائدات السندات من المستويات التي كانت مؤلمة للأسهم في السنوات الأخيرة.
كتب استراتيجيو مجموعة "غولدمان ساكس" من بينهم كريستيان مولر غليسمان، في مذكرة إن "ارتباطات عائدات الأسهم/السندات تحولت إلى سلبية مرة أخرى"، مؤكدين أنه إذا استمرت العائدات في الارتفاع من دون بيانات اقتصادية جيدة، فسوف يؤثر ذلك على أسواق الأسهم.
وأضافوا: "نظراً لأن الأسهم كانت مرنة نسبياً خلال عمليات بيع السندات، فإننا نعتقد أن مخاطر التصحيح في الأمد القريب مرتفعة إلى حد ما، في حالة الأخبار السلبية عن النمو".
من جهته، اعتبر هنري ألين من "دويتشه بنك" أنه "الركود كان تاريخياً الدافع الأكثر شيوعاً للخسائر الكبيرة"، مضيفاً: "تطلب الانخفاض الهائل في عامي 2008 و2020، انكماشاً اقتصادياً، كما حدث انفجار فقاعة الدوت كوم وسط تباطؤ انتهى به الأمر إلى ركود في عام 2001. ولكن في الوقت الحالي، لا توجد علامة على التباطؤ، وإذا كان هناك أي شيء، فإن العديد من المؤشرات الرائدة تبدو إيجابية بشكل متزايد".
وأشار ألين إلى أنه إذا ظل النمو الاقتصادي قوياً، ولم يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في التحول نحو اتجاه متشدد، فمن المعقول أن تستمر التقييمات المرتفعة لبعض الوقت.
ومع ذلك، إذا ظهرت علامات التباطؤ أو عاد مقترح زيادة أسعار الفائدة إلى طاولة النقاش، فإن السوابق التاريخية تظهر أن الأسهم قادرة على الانخفاض بشكل ملحوظ، حتى بدون ركود، كما خلص.
وقال كريغ جونسون من "بايبر ساندلر": "كانت بداية العام الجديد متقلبة. إن الحساسية المتزايدة لارتفاع عائدات السندات، وظروف البيع المفرط في الأمد القريب، عوامل تختبر صبر المستثمرين وأعصابهم. وعلى الرغم من الحذر المتزايد، فإننا نظل متفائلين حيث تظل الاتجاهات الصعودية الأولية للمؤشرات الرئيسية سليمة".