بلومبرغ
تخطى نمو أسعار الكاكاو جميع السلع الأساسية الرئيسية في عام 2024، فيما لا توجد مؤشرات تُذكر على أن شح المعروض والبيئة التجارية الهشة اللذين دفعا مساره الصاعد سينتهيان في وقت قريب.
تضاعفت الأسعار ثلاث مرات تقريباً حيث أدى تعثر الإنتاج في غرب أفريقيا، أكبر منطقة لإنتاج الكاكاو في العالم، إلى نقص هائل في المعروض. فر العديد من التجار، الذين تضرروا جراء التكاليف المرتفعة للحفاظ على مراكزهم، من السوق وسط استمرار ارتفاع الأسعار، وتوقف صانعو الشوكولاتة عن التحوط بمخزون جديد مراهنين على انخفاض الأسعار.
لكن الطقس القاسي ومرضاً نباتياً خبيثاً أثارا مخاوف جديدة بشأن حصاد هذا الموسم، مما رفع العقود المستقبلية في نيويورك إلى أعلى مستوى على الإطلاق قرب 13000 دولار للطن هذا الأسبوع. ومع ذلك، ففي سوق يمكن أن تستمر في الارتفاع، فإن بعض صانعي الشوكولاتة لا ينتظرون بعد الآن استقرار الأسعار. كما أن السيولة المنخفضة بالفعل في العقود المستقبلية تعزز التقلبات الجامحة، مما يرسل مكاسب الكاكاو إلى ما هو أبعد من عملة "بتكوين".
قال فلاديمير زينتيك، الشريك التجاري في شركة الخدمات المالية "ستون إكس غروب" (StoneX Group) "عند هذه المستويات، كل شيء مؤلم.. كما رأينا مرات لا يمكن حصرها هذا العام، إذا أرادت هذه السوق أن تأخذ اتجاهاً واحداً، فلديها كل القوة للقيام بذلك".
هدوء مؤقت
هدأت سوق الكاكاو، بعد أن ارتفعت الأسعار إلى ما دون 12000 دولار للطن في أبريل، على أمل حصاد أفضل في منطقة غرب أفريقيا. ومن ثم استؤنفت موجة الارتفاعات في نوفمبر مع تحول الطقس إلى حالة غير مواتية لنمو المحاصيل، وهو ما أدى إلى تراجع الآمال في حدوث تعافٍ كبير.
قال زينتيك: "لا يبدو أن أي شيء في جانب العرض قد تم إصلاحه هذا العام ونحن على بعد خطوة واحدة من العجز الرابع على التوالي. إذا حدث هذا الانخفاض، فهل سنحصل بالفعل على ما يكفي من الكاكاو للوفاء بالعقود القديمة والعقود الجديدة التي تم بيعها مقدماً؟".
لا تزال دولتا ساحل العاج وغانا تكافحان للوفاء بالعقود التي أُجبرتا على تجديدها من الموسم الماضي.
تسببت الارتفاعات المستمرة في الأسعار في مشكلات على عدة جبهات، خاصة لصانعي الشوكولاتة الذين توقفوا عن التحوط بمخزونات جديدة في انتظار مواصلة الأسعار انخفاضها. والآن، ووسط أسعار مرتفعة قياسية، ساعد شراؤهم المحموم في صعود السوق بشكل أكبر.
يرى ستيفن بتلر، كبير مسؤولي التجارة في "تشه إيه آي" (ChAI)، وهي منصة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أسواق السلع الأساسية، أن الحفاظ على المراكز المدينة أصبح أيضاً "أكثر تكلفة بشكل باهظ"، وهو ما أجبر بعض اللاعبين على الخروج من السوق لأنهم "ليست لديهم القدرة أو الرغبة في إعادة تمويل هذه المراكز الخاسرة".
نقص السيولة
وفقاً لتريسي آلين، المحللة لدى "جيه بي مورغان تشيس آند كو" (JPMorgan Chase & Co)، ساعد البيع المحدود للعقود المستقبلية من جانب اللاعبين التجاريين، بعد النقص في تسليمات حبوب الكاكاو في الموسم الماضي، في دفع إجمالي مراكزهم المدينة في بورصة نيويورك إلى أدنى مستوى موسمي منذ عام 2011. وقد أدى ذلك إلى استنزاف السيولة بشكل أكبر، ما جعل السوق أكثر عرضة للتقلبات الكبيرة في الأسعار.
حققت شحنات الكاكاو من ساحل العاج، أكبر منتج للكاكاو، أداءً جيداً حتى الآن، حيث تجاوزت أحجام الموسم الماضي بنحو 33%، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". لكن محللي "كوميرتس بنك" (Commerzbank) قالوا في مذكرة يوم الثلاثاء إن الزيادة "مضللة إلى حد ما"، إذ أن مستوى العام الماضي كان منخفضاً للغاية.
وبحسب المحللين، فالانخفاض الحاد في المخزونات العالمية، والذي يجعله ضئيلاً إذا خيب محصول غرب أفريقيا الآمال، "يزيد من خطر ارتفاع الأسعار".
وبينما ارتفعت أسعار حبوب الكاكاو الخام إلى مستويات قياسية، فقد خفف الطلب الضعيف من ارتفاع تكاليف زبدة الكاكاو، وهي مكون رئيسي للشوكولاته يُستخرج من حبوب الكاكاو، وفقاً لبيانات "نوليدج تشارتس" (KnowledgeCharts)، وهي وحدة تابعة لـ"كوموديتي ريسك أناليسيز" (Commodity Risk Analysis). وقد يحد ذلك من صعود الأسعار العام المقبل مع تحول صانعي الشوكولاتة إلى منتجات مكافئة مصنوعة من مكونات مثل زيت النخيل.
قالت ألين "الطلب غير مؤكد في هذه المرحلة وسيتم فحص بيانات الربع الرابع عن كثب عند صدورها في منتصف يناير بحثاً عن أي مؤشر على التدهور". وأضافت أن مستويات الأسعار الحالية من المرجح أن تظهر في الطلب في الربع الثاني من عام 2025.