6 أسباب تجعل "الفيدرالي" غير قلق من شبح التضخم بعد "كورونا"

time reading iconدقائق القراءة - 9
جيروم باول، رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
جيروم باول، رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

برغم أنَّ الكثيرين في "وول ستريت" يدقون ناقوس الخطر بشأن التضخم الخارج عن السيطرة، فإنَّ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) جيروم باول، وزملاءه يعربون عن ثقتهم في نظرة مستقبلية أكثر اعتدالاً.

قال ريتشارد كلاريدا نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنَّ تسارع نمو الأسعار في الولايات المتحدة هذا العام ستكون له "آثار عابرة فقط على التضخم الأساسي"، فيما قال الحاكم لايل برينارد قبله، إنَّ المسؤولين يجب أن يتحلوا بالصبر برغم الزيادة المؤقتة، كما قدم باول الحجة نفسها.

يصعب طرح مثل هذه الحجج بعد أن ارتفعت أسعار المستهلكين في إبريل بأكبر قدر منذ عام 2009، وارتفعت الأسعار المدفوعة للمنتجين في الشهر نفسه بأكثر من المتوقَّع.

في الوقت الذي يتوقَّع فيه صانعو السياسة أن يرتفع مقياس التضخم المفضَّل لدى الاحتياطي الفيدرالي إلى حوالي 2.4% هذا العام مع إعادة فتح الاقتصاد وتراجع الوباء، فإنَّهم يتوقَّعون أن يعود إلى هدفهم البالغ 2% لعام 2022.

ثقة واقعية

قال ديفيد ويلكوكس، الرئيس السابق لقسم الأبحاث في الاحتياطي الفيدرالي، وهو الآن زميل أول في "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي": "إنَّ القضية قوية حقاً، لأنَّ التوقُّعات الخاصة بالتضخم معتدلة تماماً. الاستراتيجية الأساسية هي الاستراتيجية الصحيحة بالضبط، وهي إظهار ثقة واقعية بشأن توقُّعات التضخم، إلى جانب الاستعداد للتغيير إذا تغيَّرت الظروف."

هناك الكثير على المحك. إنَّ إطار السياسة الجديدة للاحتياطي الفيدرالي، الذي تمَّت الموافقة عليه في أغسطس الماضي، يتعهد بمزيد من الصبر في النظر إلى التضخم. ويهدف الآن إلى متوسط ​​2% بمرور الوقت، بما في ذلك بعض التجاوزات في حالات الفشل السابقة، ويريد تحقيق وظائف أكثر شمولاً تساعد العمال أصحاب الدخل المنخفض والأقليات.

6 أسباب تجعل قادة "الفيدرالي" واثقين من أنَّ ضغوط التضخم ستكون مؤقتة:

توقعات التضخم

يعتبر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي توقُّعات التضخم بمثابة خط الدفاع الأول ضد نمو ارتفاع الأسعار.

تشير مقاييس التضخم المتوقَّعة إلى أنَّ مكاسب الأسعار ستكون قوية خلال العام المقبل أو نحو ذلك، ثم ستنخفض مرة أخرى إلى مستويات طبيعية أكثر. يتوقَّع متوسط المستهلكين الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع الذي أجرته جامعة ميشيغان في إبريل تضخماً بنسبة 3.4% خلال العام المقبل، ثم سينخفض إلى 2.7% في السنوات الخمس إلى العشر القادمة.

أشار كلاريدا، في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، إلى أنَّ الديناميكية نفسها صحيحة في مقاييس السوق لتوقُّعات التضخم، مع توقُّع تراجع التضخم مرة أخرى بعد السنوات الخمس المقبلة. ويشير هذا إلى أنَّ الاختراق هذا العام لن يستمر.

قال روبرت ريتش، مدير "مركز أبحاث التضخم" التابع للاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند: "إنْ بقيت توقُّعات التضخم راسخة إلى حدٍّ ما، فإنَّها تمثِّل عاملاً سيؤدي إلى تراجع التضخم مرة أخرى. وبما أنَّها تبقى مستقرة، فإنَّها تمثِّل جزءاً مهماً من القصة"

ركود سوق العمل

في الوقت الذي يقول فيه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، إنَّ العلاقة بين الركود في سوق العمل في الولايات المتحدة، والأجور والتضخم ليست قريبة كما كانت في العقود السابقة، مايزال هناك رابط فضفاض يجعل من الصعب على الأسعار أن ترتفع عندما يتأذى الأمريكيون.

قال باول، إنَّ الأمر سوف يتطلَّب "سوقَ عمل قوي للغاية" لرفع الأجور والتضخم. وقال خلال مؤتمر صحفي في 28 إبريل: " بصراحة يبدو من غير المحتمل، أن نرى التضخم يرتفع بطريقة مستمرة من شأنها أن تحرِّك توقُّعات التضخم للأعلى، في حين ما يزال هناك ركود كبير في سوق العمل".

يستشهد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بنسبة السكان في سنِّ العمل الذين يتمُّ توظيفهم كمقياس أفضل من مقياس البطالة في الحكم على صحة سوق العمل. في إبريل، كان 76.9% من الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 54 عاماً يعملون بالفعل، مقارنة بأكثر من 80% قبل الوباء وقبل ركود 2007-2009. وأشار برينارد إلى أنَّ النسب المئوية أقل بالنسبة للسود واللاتينيين.

أسعار ثابتة

تزدهر أسعار سلع مثل النحاس والخشب، لكنَّ مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أرجعوا هذه المكاسب إلى الاختناقات مع إعادة فتح الاقتصاد، قائلين إنَّها لا تشير إلى اتجاهات الأسعار على المدى الطويل.

يحظى هذا الرأي بالدعم بعدد من الطرق الإبداعية للنظر إلى التضخم. كما يجمع الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا مؤشراً للأسعار الثابتة - أو تلك التي لا تتحرك كثيراً - مما يعطي إشارة إلى التضخم الأساسي، ويستبعد السلع سريعة التغير مثل البنزين والأخشاب. ارتفع مؤشر الأسعار الثابتة بنسبة متواضعة 2.4% خلال 12 شهراً حتى إبريل، وهذا أبطأ بكثير من الأسعار المرنة.

ينتج كلٌّ من الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، وكليفلاند مؤشرات تستبعد الأسعار "الناشزة" التي ترتفع وتنخفض أكثر من أيِّ شهر معين، وتسمى "مؤشر المتوسط المقتطع". ناقش الاحتياطي الفيدرالي المؤشرات بشكل متكرر خلال اجتماعات السياسة، ويرى بعض المسؤولين أنَّها أفضل من مؤشرات التضخم الأساسية، التي تستند إلى الغذاء والطاقة فقط.

وقال ريتش من الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند: "إنَّ الهدف هو فصل تلك التحرُّكات العابرة في التضخم في مقابل تلك الأكثر ثباتاً وتصفيتها". يضيف إدوارد كنوتيك الخبير الاقتصادي في البنك: "إنَّها تعطي مزيداً من الثقة في أنَّه من المرجَّح أن يكون الضغط التصاعدي الذي نشهده مؤقتاً".

تكنولوجيا معطلة

أدى عدد من العوامل الهيكلية إلى تراجع التضخم العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية. ومن بينها العولمة، التي منحت وصولاً أقل تكلفة إلى التوريدات والعمالة من جميع أنحاء العالم، وتباطؤ النمو السكاني وشيخوخة السكان، مما يقلل الطلب بمرور الوقت، والتقدُّم في التكنولوجيا والإنترنت. من المرجح أن تستمر هذه القوى في الدفع ضد ضغوط الأسعار المرتفعة.

وقال توماس باركين، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، في بثٍّ على الإنترنت مؤخراً: "لدينا قوى معطلة للتضخم يصعب كسرها. أنا أحب شراء الكتب، لكن عندما أذهب إلى "بارنز آند نوبل" (Barnes & Noble)، وأرى كتاباً بسعر 30 دولاراً، فإني أستخدم هاتفي. إنْ كان سعر الكتاب 14.99 دولاراً على هاتفي، فأنا أضغط على زر "شراء". انخفضت بعض العوائق التي تحول دون تسوق الأسعار بشكل كبير. "

أصبح التسوق عبر الإنترنت أكثر أهمية خلال جائحة كوفيد 19، مما يعكس أهمية التكنولوجيا التي تعطل الأعمال التجارية، وسيعقد كلٌّ من الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، وأتلانتا، وريتشموند، مؤتمراً افتراضياً حول هذا الموضوع في وقت لاحق من هذا الشهر.

قوة التسعير

بعيداً عن تمرير أسعار السلع الأساسية، تبقى معظم الشركات الأمريكية مترددة في رفع أسعار السلع الأخرى. كما تظهر الدراسات الاستقصائية للشركات، بما في ذلك التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أنَّ معظم الشركات تتوقَّع ارتفاعاً في التضخم خلال العام المقبل، لكنَّ التوقُّعات على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة لم تتغيَّر كثيراً.

قال برنت ماير، مستشار سياسة الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، الذي يرأس استطلاعات الرأي الاقتصادية: "إنَّ الشركات الأكثر تضرراً بسبب مشكلات سلسلة التوريد هي تلك التي لديها أعلى توقُّعات تضخم خلال العام المقبل. لم نرَ هذه التوقُّعات تمتد إلى 5-10 سنوات . ويمنحني هذا مزيداً من الثقة في توقُّعات مكاسب الأسعار المؤقتة".

قال باركين من الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، إنَّ أحد الأسباب التي قد تجعل الشركات لا ترغب في توقُّع ارتفاع الأسعار هو أنَّها تفتقر إلى النفوذ مع العملاء العمالقة مثل "ولمارت"، أو "هوم ديبو" بشكل متزايد.

قال: "لقد تحدَّثت إلى مصنِّعي الأدوات الكهربائية، وحاولت أن أسأل إن كانوا سينقلون هذه الزيادات في التكلفة إلى "ولمارت"، و"هوم ديبو"، وهم لن يفعلوا لأنَّ لدينا سلاسل وطنية قوية كبيرة لها القدرة على المساومة. إنَّهم قلقون للغاية بشأن قدرتهم على الحفاظ على الأعمال".

تأثيرات الأساس

لقراءات التضخم على مدى 12 شهراً تقلُّبات كبيرة عندما تكون هناك تغييرات كبيرة في الأشهر السابقة من العام، مما يترك "تأثيرات سنة الأساس" التي ستكون واضحة بشكل خاص، لأنَّ الأسعار انخفضت بشدة في هذا الوقت من العام الماضي عندما أغلق الاقتصاد بسبب كوفيد 19.

وقال باول في إحاطة صحفية في إبريل: "ستسهم تأثيرات الأساس بنحو نقطة مئوية واحدة في التضخم الرئيسي، عند حوالي 0.7% من النقطة المئوية للتضخم الأساسي في إبريل ومايو. إنَّها زيادات كبيرة جداً، وستختفي خلال الأشهر التالية، وستكون مؤقتة.".

ستسقط الأرقام الكبيرة جداً التي حدثت قبل عام التي حدثت خلال الفترات المبكرة للوباء بحلول سبتمبر. وبالطريقة نفسها، فإنَّ أرقام إبريل الناتجة عن ضغوط التسعير الحالية ستسقط من المؤشرات خلال عام آخر.

تصنيفات

قصص قد تهمك