كيف يتعامل أباطرة "وول ستريت" في سوق العملات المشفرة؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
تظهر رموز بتكوين وإيثريوم على شاشة منصة تداول في لندن - المصدر: بلومبرغ
تظهر رموز بتكوين وإيثريوم على شاشة منصة تداول في لندن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يجد متداولو "وول ستريت" على غرار "تراي غريغز" فرصاً واعدة جديدة في عالم العملات المشفَّرة الذي تبلغ قيمته السوقية حالياً نحو 2.4 تريليون دولار.

في شهر فبراير، وبعد عمل الرجل البالغ من العمر 51 عاماً لعقدين من الزمن في مجال تداول الطاقة، أغراه زميل سابق في "غولدمان ساكس غروب" لدخول عالم جديد من صناعة السوق في العملات المشفَّرة.

وهو الآن على أتم الاستعداد للانغماس بشجاعة في هذا المجال، إذ يطلق العنان للحيل المالية القديمة من أجل استغلال أوجه القصور المتفشية في الصناعة، وتقلُّبها، وغرابتها الصريحة.

المتعة المفقودة تعود

في هذا الصدد، يقول "تراي غريغز"، الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة في شركة "جي إس آر ماركتس" في هيوستن: "كل المتعة التي كانت موجودة قبل 30 عاماً في أسواق السلع، ولم تعد موجودة الآن قد تحوَّلت إلى العملات المشفَّرة".

يُعدُّ "غريغز" من بين الوافدين الجدد في مجال العملات المشفَّرة الذين ينشرون استراتيجيات منهجية تمَّ تجريبها واختبارها في فئات الأصول التقليدية (موازنة الأسعار، وتداول العقود الآجلة، وبيع عقود الخيار)، في ركن جديد مزدهر من التمويل. ونظراً لأنَّ المزيد من المستثمرين الرئيسيين يقفون وراء "بتكوين"، فإنَّ الشركات الصغيرة تنضمُّ إلى أمثال "مايك نوفوغراتز" في سباق العملات المشفَّرة الذي يتسع باستمرار، ويستمر في تحطيم الأرقام القياسية.

أما بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم تحمُّل تقلُّبات الأسعار، وخطر الاختراق في البورصة، وهيكل السوق البيزنطي؛ تقدِّم الصفقات المعقدة ذات المال السريع طريقة بديلة لركوب موجة الهوس الرقمي.

في "جي إس آر"، تعدُّ صناعة السوق هي أساس الشركة، إذ يحصل المتداولون على الفارق بين أوامر البيع والشراء.

جدير بالذكر أنَّ مثل هذا العمل في مجال الأسهم هو شبه محتكر على قلة قليلة، إذ تعمل شركات مثل "سيتادل سيكيوريتيز"، و"فيرتو فايننشال" بسرعة البرق. أما في العملات الافتراضية؛ إذ توفِّر مئات البورصات وصولاً مجانياً بوتيرة أبطأ، يمكن لـِ"جي إس آر" الاستفادة من الكميات الكبيرة دون تبذير الملايين في البنية التحتية عالية التردد.

سوق مزدحمة

ويقول "ريتشارد روزنبلوم"، المؤسس المشارك لشركة "جي إس آر"، والمتداول السابق في "غولدمان": "جزء من التكنولوجيا التي نمتلكها هو فقط لإخبارنا ما إذا كنا نتداول بالفعل أم لا، وما إذا كان هذا التداول جيداً أم لا. وفي الواقع لا نريد أن نكون أبطأ من منافسينا، إلا أنَّ الأمر ليس محفِّزاً بالقدر نفسه".

نُشير إلى أنَّ لكل إستراتيجية في الأسهم أو السندات أو العملات، التي أصبحت مملة بسبب انخفاض الأسعار أو التنظيم أو ازدحام السوق، هناك تجارة مربحة في عملة مشفَّرة موجودة عبر مئات البورصات المتاحة؛ أو هذا هو التفكير السائد.

وفي حين أنَّ المتعصبين للعملات المشفَّرة كانوا مسرورين بهذا الواقع لسنوات، إلا أنَّ السباقات التي لا هوادة فيها من أجل العملات المشفَّرة هذا العام تجتذب المزيد من المتحمسين في "وول ستريت" الباحثين عن الثروات، والإثارة الجديدة.

لنأخذ "مارك ترينكمان" على سبيل المثال، فبعد مهنة قضى معظمها في شركات تداول الأسهم المملوكة مثل "شيميرا سيكيوريتيز" (Chimera Securities)، يجدد المال الرقمي شغفه بالتداول الكمي.

يقول: "كنت أراجع بعض استراتيجياتي القديمة، واستنتجت أنَّ الأمور التي لم تكن لتنجح في الأسهم منذ عقود، ما تزال تتمتَّع بميزة في العملات المشفرة".

واكتسبت استراتيجية السوق المحايدة التي تديرها شركته "بي كوين كابيتال" التي تبلغ قيمتها 60 مليون دولار 71٪ العام الماضي باستخدام أساليب الاستثمار التي غالباً ما تتضمَّن المراجحة في الأسعار المختلفة عبر البورصات، والفجوة بين السوق الفوري والعقود الآجلة.

على سبيل المثال، ولبضع دقائق أثناء تداولات يوم الأربعاء، قفز سعر "إيثيريوم كلاسيك" أعلى بكثير من 100 دولار في بورصة "كوين بيس"، في حين كانت هذه العملة المشفَّرة تُتداول بأقل من 80 دولاراً في أماكن أخرى، مما يوفِّر فرصة واضحة للمستثمرين لكسب المال ببساطة عن طريق الشراء في مكان والبيع في مكان آخر.

الاستفادة من الفجوة

إنَّها واحدة من أشهر التناقضات - وإن كانت آخذة في التناقص - التي استُغلِّت من أمثال "ألاميدا ريسيرتش" (Alameda Research)، وهي شركة تداول عملات رقمية مليئة بالمتداولين السابقين من الشركات عالية التردد. وأحد الأمثلة الشهيرة هي "علاوة كيمتشي"، وميل "بتكوين" للتداول بشكل أعلى في كوريا الجنوبية بفضل الطلب القوي، وصعوبة تحريك الأموال للاستفادة من الفجوة.

في ظلِّ عدم وجود وسيط رئيسي شامل يضطلع بمهمة الحفاظ على مركزية دفاتر التداول، وتقديم رافعة للعملاء عبر أماكن التداول، يواجه المتداولون مثل "ترينكمان" الكثير من التحديات في محاولتهم لمراجحة فجوات الأسعار، إلا أنَّهم يقولون، إنَّ الأرباح متناسبة.

وتظهر الفرص في كل مكان. على سبيل المثال، عندما تتداول العقود الآجلة طويلة الأجل في أيِّ فئة من فئات الأصول تقريباً أعلى من السعر الفوري - المعروف باسم "كونتانغو"- يتقارب الأول دائماً مع الأخير عند استحقاق العقود.

وقد أدى ذلك إلى انتشار تداول أساس العملة المشفرة، إذ يقوم المستثمر بشراء السعر الفوري والبيع في العقود الآجلة. في الواقع، عندما بلغت عملة "بتكوين" ذروتها في منتصف إبريل، كانت عقود ديسمبر أعلى بنسبة 4% تقريباً من أغسطس، التي كانت بدورها أعلى بنسبة 2% تقريباً من السعر المرجعي الفوري، فقد أطلق المضاربون رهاناتهم على ارتفاع الأسعار. وعلى النقيض من ذلك، كان تداول عقود النفط لشهر ديسمبر أقل من أغسطس في اليوم نفسه، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

تعليقاً على الموضوع، قال "نيكيتا فاديف"، مدير صندوق في وحدة العملات المشفَّرة البالغة قيمتها 60 مليون دولار في شركة الكم "فاسانارا كابيتال": "ما يزال مستثمرو التجزئة يسيطرون على سوق العملات المشفَّرة، إذ يستخدمون الرافعة المالية المفرطة، ويزايدون على علاوات العقود الآجلة".

تتضمَّن التداولات الشائعة في الصناعة أيضاً زخماً قصير الأجل، وشكلاً من أشكال المراجحة الإحصائية، التي تراهن على إغلاق الفجوات بين العملات المشفَّرة المختلفة في نهاية المطاف، كما هو الحال مع ارتفاع "إيثيريوم" في حين تبقى "بتكوين" على حالها، وذلك بحسب "فاديف".

ومع نمو الأصول، عيَّن الصندوق مؤخراً "لوران ماركيز"، الرئيس المشارك السابق للمشتقات في شركة "سيتادل سيكيوريتيز"، رئيساً تنفيذياً للمخاطر، كما عيَّن "ستيف موبس"، المؤسس المشارك لصندوق "أوكسفورد أست منجمنت"، كمستشار أول.

التحوط من تقلبات الأسعار

في مدينة زوغ بسويسرا، تحوَّل "سانت غوتهارد لإدارة الصناديق" من مكتب عائلي تقليدي مهتم ببيع عقود الخيار للأسهم السويسرية إلى مبشر رقمي باستراتيجية الدخل التي تهدف إلى تحقيق 8% سنوياً.

وتماماً كما هو الحال في الأسهم، يقوم أسلوب الاستثمار على بيع المشتقات للاستفادة من الطلب الكبير من أجل التحوط من تقلُّبات الأسعار؛ مما يتسبَّب في أن تكون التقلُّبات المسعَّرة في الخيارات أعلى مما قد يحدث.

أما بالنسبة إلى بائعي عقود الخيار مثل "سانت غوتهارد"، فإنَّ هذا يعني أنَّ العلاوة أكثر جاذبية، وذلك على الرغم من أنَّهم يواجهون أيضاً مخاطر أكبر تتمثَّل في الاضطرار إلى الدفع فعلياً، مثل شركة التأمين أثناء وقوع زلزال.

في هذا الصدد، يقول كبير مسؤولي الاستثمار "دانيال إيغر": "يتمثَّل الاختلاف الرئيسي في نهاية اليوم في المبلغ الذي يرغب مستثمرو التجزئة في دفعه، ومن ناحية أخرى بالطبع، حررنا عقودأ آجلة كنا نتمنى ألا تكون لدينا في ظل الاتجاه الصعودي".

وفي الواقع، ثبت أنَّ شراء العملات المشفَّرة على مدار العام الماضي هو الطريقة الأسهل، والأكثر ربحية للاستفادة من الازدهار. وبالنسبة لأولئك الذين يختارون المسار المنهجي، تزداد المنافسة.

على سبيل المثال، من أجل الحصول على ميزة في استراتيجية صنع السوق الخاصة بها، قامت شركة "بتكوين" مؤخراً بتثبيت خوادم في بورصات العملات المشفَّرة الآسيوية، وهي خطوة تُعرف باسم الموقع المشترك في عالم الأسهم عالي التردد، كما أنَّها علامة على أنَّ الصناعة تنمو بسرعة.

تعليقاً على الموضوع، قال "جورج زاريا"، مؤسس "بيكوانت"، وهي شركة وساطة رئيسية للعملات المشفَّرة تقدِّم خدماتها للمتداولين المنتظمين: "في أي سوق ناشئة، شهدنا انخفاض أوجه القصور هذه بمرور الوقت، وهناك المزيد من اللاعبين المحترفين الذين يخوضون غمار اللعبة".

تصنيفات

قصص قد تهمك