بلومبرغ
انتقل دعم الولايات المتحدة للتنازل عن حماية الملكية الفكرية للقاحات كوفيد-19 إلى ساحة منظمة التجارة العالمية، مما يمهد الطريق لإجراء محادثات شائكة محتملة حول مشاركة المعرفة الفنية اللازمة لتعزيز الإمدادات العالمية للجرعات المنقذة للحياة.
وقالت الممثِّلة التجارية الأمريكية، كاثرين تاي، في مقابلة يوم الأربعاء: "فيما يتعلَّق بالسرعة التي يمكن أن تتحرَّك بها منظمة التجارة العالمية - فهذا يعتمد حرفياً على أعضاء منظمة التجارة العالمية بشكل جماعي، وقدرتهم على الإنجاز.. أنا أول من يعترف بأننا بصدد التوجه إلى أمر لن يكون سهلا".
وأشار الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس، إلى استعداده للمشاركة في المفاوضات، إذ تراجعت أسهم شركات تصنيع اللقاحات في الولايات المتحدة، وآسيا، وأوروبا.
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قالت عبر مؤتمر افتراضي بفلورنسا في إيطاليا: "الاتحاد الأوروبي مستعد لمناقشة أي اقتراح يعالج الأزمة بطريقة فعَّالة وعملية". وأضافت: "ولهذا السبب نحن على استعداد لمناقشة كيف يمكن أن يساعد اقتراح الولايات المتحدة رفع براءات لقاحات كوفيد في تحقيق هذا الهدف ؟".
تراجع أسهم الشركات المُصنعة للقاح
وتراجعت أسهم شركات تصنيع اللقاحات في أوروبا، فقد انخفضت شهادت الإيداع لشركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية "بيونتيك"، الشريكة لـ ِ"فايزر" في إنتاج لقاح كورونا، بنسبة تصل إلى 19% في ألمانيا.
وتبيع الشركتان معاً لقاح "موديرنا" المعروف باسم "آر إن أيه" (الحمض النووي الرايبوزي)، ويستخدم جزءاً صغيراً جداً من الشفرة الجينية للفيروس، وكانت أوَّل اللقاحات التي نالت موافقة الجهات التنظيمية. وانخفض سهم شركة "كيورفاك" الألمانية، التي تطوِّر لقاحاً آخر باستخدام (الحمض النووي الرايبوزي)، نحو 16%.
حماس في منظمة التجارة للمقترح الأمريكي
يجتمع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية مرة أخرى يوم الخميس، على الرغم من أنَّ أيَّ اتفاق نهائي من المرجح أن تعارضه شركات الأدوية قد يستغرق أسابيع للتوصل إليه. وأضافت ممثلة التجارة الأمريكية كاثرين تاي، أنَّها ترى زخماً من جانب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية- الوزيرة النيجيرية السابقة، نغوزي أوكونجو إيويالا"- لاغتنام هذه الفرصة ومعرفة ما يمكن لمنظمة التجارة العالمية فعله".
وفي بيان، وصفت أوكونجو إيويالا، رفع براءات اختراع لقاحات كورونا أنَّها "القضية الأخلاقية والاقتصادية في عصرنا".
زيادة القدرة على تصنيع اللقاح
قالت الممثِّلة التجارية الأمريكية "تاي"، إنَّ إدارة بايدن ستشجع الدول الأخرى على الانضمام إلى موقفها (تخفيف قواعد براءات الاختراع على لقاحات كوفيد-19). وأضافت: " نحن مع (رفع براءات اختراع اللقاح) في منظمة التجارة العالمية، ونحن مع ما يحاول المؤيدون تحقيقه، وهو الحصول بشكل أفضل على المزيد من اللقاحات، والمزيد من القدرة على تصنيعها".
الشركات تعترض
وعارضت شركات لصناعة الأدوية رفع براءات الاختراع، واعتبرت الأمر غير فعَّال. وتقول الشركات، إنَّ القليل من البلدان لديها القدرة على إنتاج المزيد من اللقاحات حتى لو كانت تعرف التركيبات الكيميائية.
وأضافت الشركات أنَّ المعروض من اللقاحات محدود عالمياً، وقد يستغرق بناء مصانع جديدة بالتكنولوجيا اللازمة لإنتاج اللقاحات سنوات.
وقال ستيفن أوبل، الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة البحوث الدوائية، ومصنِّعي أمريكا والمعروفة باسم "PhRMA"، وهي مجموعة تجارية تمثِّل شركات صناعة الأدوية في الولايات المتحدة، : "هذا التغيير في السياسة الأمريكية المعمول بها منذ فترة طويلة لن ينقذ الأرواح".
وأضاف: "هذا القرار لا يقدِّم شيئاً لمواجهة التحديات الحقيقية للحصول على المزيد من الجرعات، بما في ذلك التوزيع في الميل الأخير، والتوافر المحدود للمواد الخام. هذه هي التحديات الحقيقية التي نواجهها، التي يتجاهلها هذا الوعد الفارغ".
وحثَّت الهند وجنوب أفريقيا- وهما دولتان تكافحان لاحتواء حالات تفشي جديدة
لـِ كوفيد-19- أعضاء منظمة التجارة العالمية على تعليق القواعد الخاصة بحقوق الملكية الفكرية مؤقتاً، بحجة أنَّها ستكون الطريقة الأكثر فعالية وإنصافاً لمعالجة نقص اللقاحات في البلدان الفقيرة.
وقالت تاي: "سنمارس قدرتنا التنظيمية في منظمة التجارة العالمية لجمع الأعضاء للعمل معاً من أجل تسوية وجهات النظر المختلفة لسدِّ الفجوة حتى تكون منظمة التجارة العالمية ذات صلة، ويمكن أن تكون منظمة التجارة العالمية قوة من أجل الخير".
الدول الرافضة الأخرى
لم تكن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي لديها تحفظات بشأن رفع براءات اختراع اللقاحات. كما قاوم الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، واليابان، وسويسرا، والبرازيل، والنرويج هذا التوجه. ومع ذلك، تقول الدول المؤيدة لرفع براءات اختراع اللقاحات، إنَّ موقف القيادة الأمريكية بشأن هذه القضية يمكن أن يساعد في التأثير على الأطراف الرافضة.
يعتمد توقيت الموافقة بشأن رفع براءات اختراع اللقاحات على مدى سرعة توصُّل الدول الأعضاء إلى اتفاق. وقالت تاي: "بالنظر إلى الرأي المطروح للنقاش، فهذه هي أفضل فرصة لمنظمة التجارة العالمية لتأخذ موقفاً من شأنه أن يساعد الناس ويحدث فرقاً"، في مواجهة كورونا.
وقالت السيناتور الأمريكية إليزابيث وارن على "تويتر" يوم 5 مايو 2021: "لقد دعوت الرئيس الأمريكي جو بايدن على بذل كلِّ ما في وسعه للمساعدة في توسيع نطاق الحصول على اللقاحات عالمياً، ويسعدني أنَّ إدارته وافقت على دعم التنازل عن الاتفاق المتعلِّق بالجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس) لمنظمة التجارة العالمية لمساعدة البلدان على التوسع في تصنيع وسائل العلاج واللقاحات. هذه أزمة إنسانية تؤثر علينا جميعا".
ومع تقدُّم وتيرة التطعيمات الأمريكية، وتقلُّص حالات تفشي الوباء في الأسابيع الأخيرة، تعرَّض البيت الأبيض لضغوط من الديمقراطيين التقدميين والمدافعين عن الصحة العامة لاتخاذ موقف، في حين تعاني الهند على وجه الخصوص من ارتفاع معدلات الوفيات والإصابات.
حث الشركات على التضحية
وفي حين تتواصل المناقشات بين الوكالات، التقت تاي أيضاً مع كبار المديرين التنفيذيين بالشركات المنتجة للقاحات، وأجرت مكالمات مع أعضاء الكونغرس وأصحاب المصلحة الآخرين في المجتمع المدني والصحة العامة.
وفي اجتماع لمنظمة التجارة العالمية يوم الأربعاء، اتفقت الهند وجنوب أفريقيا على مراجعة اقتراحهما، الذي تمَّ طرحه لأوَّل مرة في أكتوبر 2020، لتقديمه إلى الأعضاء في اجتماع من المقرر مبدئياً عقده في النصف الثاني من مايو. وفي إبريل، دعت "تاي" شركات صناعة الأدوية إلى تقديم تضحيات.
قالت "تاي" في مؤتمر افتراضي بمنظمة التجارة العالمية: "الاحتياجات الماسة التي يواجهها شعبنا في ظلِّ الوباء الحالي توفِّر لهذه الشركات فرصة للقيام بدور بطولي، ويمكنها أن تقوم بذلك". وأضافت: "بصفتنا حكومات وقادة للمؤسسات الدولية، فإنَّنا مطالبون أن نتحلى بأعلى معايير الشجاعة والتضحية في أوقات الأزمات. وينبغي أن تتحلى شركات صناعة الأدوية بتلك المبادئ".