بلومبرغ
الطرح العام الأولي المرتقب في الولايات المتحدة لشركة "بوني إيه آي" (Pony AI) الصينية الناشئة في مجال القيادة الذاتية سيكون محط أنظار الكثيرين، إذ يأتي في وقت تدرس إدارة دونالد ترمب الثانية خطوات قد تعزز المنافسة في هذا القطاع مع الصين.
الشركة، ومقرها غوانزو، تطور برمجيات خاصة بالقيادة الذاتية، وتدير أسطولاً من 250 سيارة أجرة ذاتية القيادة في مدن مثل بكين وشنغهاي، وهي تُعد جزءاً من مجموعة متزايدة من الشركات في الصين والولايات المتحدة التي تتقدم بخطوات واسعة في مجال هذه التكنولوجيا الناشئة. تسعى "بوني" إلى تحقيق قيمة سوقية تصل إلى 4.5 مليار دولار استناداً إلى الأسهم المذكورة في مستنداتها التنظيمية.
تأتي خطة إدراج الشركة في البورصة في وقت تبدو الولايات المتحدة مستعدةً لتعزيز نشاطها في مجال تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، التي تركز عليها الشركات الصينية بشكل كبير. وأفاد تقرير لـ"بلومبرغ نيوز" بأن فريق الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، يعتزم جعل وضع إطار قانوني فدرالي لتشغيل هذه السيارات أحد الأهداف الرئيسية في المرحلة المقبلة.
تحديات أمام الشركات الصينية
تسعى كل من الصين والولايات المتحدة بشكل متساوٍ لتمويل شركات القيادة الذاتية. وتعد الدولتان موطناً لأكبر عدد من الشركات الناشئة في مجال سيارات الأجرة الآلية. وفقاً لما كتبته "بلومبرغ إنتليجنس" في مايو، فإن أكبر الشركات في هذا المجال جمعت معاً مبلغ 46.8 مليار دولار منذ تأسيسها. ونجحت شركة "وي رايد" (WeRide)، وهي شركة صينية تعمل في مجال سيارات الأجرة الآلية، في جمع 440.5 مليون دولار الشهر الماضي من خلال طرح عام أولي في الولايات المتحدة وعبر استثمار خاص موازٍ.
في الوقت الذي قد تسهم فيه القوانين الأكثر مرونة في تسهيل مسار تكنولوجيا القيادة الذاتية في الولايات المتحدة، تواجه الشركات الصينية التي تعمل هناك مجموعة مختلفة من التحديات.
اقترحت إدارة بايدن قانوناً يمنع استيراد وبيع الأجهزة والبرمجيات المصنوعة في الصين وروسيا للسيارات التي يمكنها التواصل خارجياً، مما قد يؤثر على عمليات "بوني" في الولايات المتحدة، وفقاً لوثائق الشركة. لدى الشركة أكثر من 100 موظف في منطقة خليج سان فرانسيسكو وتوسان، أريزونا، يعملون في البحث والتطوير والاختبار، كما تظهر الوثائق.
"نيوم" من داعمي "بوني"
رأى ريتشارد بيشوب، الذي يعمل كمحلل في مجال صناعة السيارات ذاتية القيادة لدى "بيشوب كونسلتينغ" (Bishop Consulting)، أنه "إذا قامت الحكومة بتخفيف القوانين المتعلقة بالسيارات ذاتية القيادة في الولايات المتحدة، فسيكون ذلك أمراً رائعاً". أضاف: "مع ذلك، أعتقد أن الإدارة الجمهورية قد تكون صارمةً تجاه الصين عندما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني وجمع البيانات".
تشير الوثائق إلى أن عائدات شركة "بوني" في الولايات المتحدة بقيت أقل من 1% من إجمالي العائدات بشكل مستمر خلال عام 2023 والنصف الأول من عام 2024. وتتوقع الشركة أن تبقى عملياتها في الولايات المتحدة محدودة ولا تخطط للتوسع في المستقبل القريب. ومع ذلك، قد يتغير هذا الوضع، خاصةً إذا حدث تخفيف في اللوائح التنظيمية.
قال ستيف مان، المحلل في مجال السيارات والصناعات لدى "بي آي" (BI): "يمكن أن يساعد وجود مركز للأبحاث والتطوير في كاليفورنيا شركة (بوني) في الدخول إلى السوق الأميركية".
واعتبر بيشوب أن إدراج "بوني" في السوق الأميركية قد يكون مفيداً لها بينما تسعى للتوسع عالمياً. وتشمل الجهات الداعمة الدولية للشركة كلاً من "تويوتا" و"نيوم" السعودية.
تحسُّن العلاقات الأميركية - الصينية
من المؤكد أن المصرفيين سيرحبون باستمرار تحسن العلاقات في مجال الطروحات العامة الأولية بين الولايات المتحدة والصين. السوق الأميركي الذي كان مزدهراً سابقاً بالطروحات العامة الأولية من قبل الشركات الصينية تقلص في عام 2021 بسبب فرض كلا البلدين قيوداً على شركات التكنولوجيا الصينية.
في الآونة الأخيرة، بدأت الصين في تسريع الموافقات على طلبات الطروحات العامة الأولية في الخارج، وفقاً لما ذكره لو يونغ، وهو استراتيجي أسهم في "بي آي".
منذ بداية العام، جمعت الشركات الصينية 977 مليون دولار عبر الطروحات العامة الأولية في البورصات الأميركية، بقيادة شركة صناعة السيارات الكهربائية "زيكر" (Zeekr)، وهذا يمثل زيادة بنسبة 77% مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". ومع ذلك، فإن هذا الرقم لا يزال صغيراً مقارنةً بـ13.2 مليار دولار جمعتها الشركات الصينية في الولايات المتحدة في عامي 2020 و2021.
النطاق السعري للأسهم
تسوق شركة "بوني" الأسهم الأميركية الإيداعية في نطاق يتراوح بين 11 و13 دولاراً لكل سهم، وفقاً للوثائق المقدمة. إذا تم تسعير الأسهم عند أعلى النطاق، فمن المتوقع أن تجمع الشركة 195 مليون دولار. من المتوقع أن يتم تحديد سعر الأسهم اليوم الأربعاء.
"هناك زيادة في نشاط الشركات الصينية التي تستكشف فرص الاكتتاب العام في الولايات المتحدة، ولكن لا تزال هناك بعض الشكوك بالنسبة للشركات الصينية الكبيرة في ظل الإدارة الجديدة لترمب"، وفق ماثيو كينيدي، كبير محللي سوق الاكتتابات في شركة "رينيسانس كابيتال" (Renaissance Capital). أضاف: "في الوقت الحالي، ترى الشركات الصينية فرصة للطرح العام وتقوم باغتنامها".