بلومبرغ
عندما يغضب المساهمون من الإدارة، يصوتون عادةً ضد مكافآت المسؤولين التنفيذيين، أو يلجأوا إلى تنظيم احتجاجات. لكن الأمر مختلف في هونغ كونغ، فبعضهم يستدعي البلطجية.
حاول نحو 18 شخصاً اقتحام اجتماع الجمعية العمومية لمساهمي شركة الوساطة "كونفوي غلوبال هولدينغز"، وقاموا بالاعتداء على موظفي الشركة، مما أدى إلى اعتقال الشرطة لثمانية أشخاص.
حوادث عنف
وتمثِّل هونغ كونغ حالة نادرة بين الأسواق المتقدِّمة، إذ تتصاعد فيها حوادث العنف التي تصل إلى استئجار المساهمين لبلطجية، والقيام بأعمال عنف؛ الأمر الذي يشبه ما شهدته اليابان في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، فقد تمَّ إيقاف اجتماع الجمعية العمومية لمساهمي إحدى الشركات المدرَجة عن طريق أفراد عصابات "الياكوزا" الذين طلبوا الحصول على رشاوي.
برغم ندرة تلك الأحداث في سوق يضمُّ أكثر من 2500 شركة مدرجة، إلا أنَّها تنطوي عادةً على معارك ساخنة بين مجموعات متنافسة من المساهمين، التي تعكس حجم التحدي الذي تواجهه الجهات التنظيمية التي تسعى إلى القضاء على ما أطلق عليه "تشارلز لي" الرئيس التنفيذي السابق لشركة هونغ كونغ للمقاصة، وتداول الأوراق المالية "زوايا السوق المظلمة".
وصف "أنتوني نيو" الرئيس السابق للجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونغ كونغ، استخدام القوة في اجتماعات مساهمي الشركات بأنَّه "قمة جبل جليدي" في إشارة إلى الجزء الصغير الذي يظهر من صراع طويل الأمد ضد تلك السلوكيات المسيئة في الأسواق.
وقال "نيو": "إنَّها لعبة قط وفأر، وسوف تستمر". كما أضاف: "تفوز القطة أحياناً، ولكن يوجد عدد كبير جداً من الفئران".
تلاعبات في الأسهم
أمضت لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة SFC سنوات في رصد ممارسات
ما أطلقت عليهم "شبكات السلوكيات الشائنة"، في إشارة إلى الممارسات التي تجمع بين التلاعب في الأسهم، وأصوات المساهمين، وغيرها من الإجراءات التي تعكس سوء سلوك المساهمين في السوق.
وامتنع متحدِّث باسم SFC عن التعليق على استدعاء الشرطة لاجتماعات الجمعيات العامة للمساهمين.
من الصعب تحديد المسؤول عن تلك الاضطرابات؛ لكن هناك اتهامات نصَّت عليها دعاوى قضائية رفعتها الشركة ضد مديريها السابقين، وأطراف ذات صلة تشير إلى تورطهم في إحدى هذه الشبكات.
كما تستمر المعارك القانونية بين كبار المساهمين، وكذلك تحقيقات الجهات التنظيمية، إذ تقوم وزارة العدل باستئناف حكم قضائي بتبرئة العديد من المديرين السابقين من المتهمين بالتآمر والاحتيال.
ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" أنَّ زوجة أحد هؤلاء المديرين أصيبت في هجوم بسكين بعد أن صدمت سيارتها في شمال هونغ كونغ في عام 2019.
ومن بين الاضطرابات التي شهدتها السوق في السنوات الأخيرة، هناك الأحداث التي شهدها اجتماع الجمعية العامة لمساهمي الشركة الصينية لتصنيع ألعاب الهاتف المحمول "في 1 غروب" (V1 Group Ltd) في مايو 2018، فقد تمَّ استدعاء الشرطة للاجتماع بعد محاصرة رجال يرتدون قمصاناً وسلاسل ذهبية، وكان المتحدِّث والصراخ فيه، وفقاً للمحامي، شاهداً على الحادثة، لكنَّه طلب عدم الكشف عن هويته حتى لا يكون قد أفشى أسرار عملائه.
وأكَّد متحدِّث باسم الشرطة أنَّه تمَّ استدعاء قوات الأمن لمكان الحادث. في حين قال متحدِّث باسم الشركة، إنَّ النزاع لا علاقة له بالشركة أو مديريها.
حوادث سابقة
كذلك تدخَّلت الشرطة قبل أقل من عام لفضِّ الاشتباكات التي شهدها اجتماع مجلس إدارة سلسلة الملابس الداخلية "ماي هارت بوديبرا غروب"، وذلك على أثر دخول غرباء، حيث اجتماع المجلس، وقاموا بتهديد المديرين.
وقال متحدِّث باسم الشرطة، إنَّ هناك اشتباكاً قد وقع بينهم، وتمَّ القبض على ثلاثة أشخاص في ذلك الوقت، من بينهم رئيس الشركة، فيما لم يتم توجيه أي اتهامات لأحدهم.
وهناك أيضاً معركة استمرت على مدار عام بين المساهمين من أجل السيطرة على شركة تصنيع المباني "أيسو هولدنغ"، فقد تمَّ استدعاء الشرطة في يونيو 2017 بعدما شهد اجتماع المستثمرين صراخاً ومشاجراتٍ. كما تمَّ طلب حضور رجال الأمن في وقت لاحق للحضور إلى مكتب الشركة، ومستشارها المالي بعد تهديد مجموعة من الرجال الموظفين، ومحاولتهم دخول مقر الشركة.
كذلك تمَّ استدعاء الشرطة إلى اجتماع الجمعية العامة لمساهمي مجموعة "تشاينا هيلث غروب" في عام 2016، بعد أن تسبَّب مجهولون في تعطيل عملية التصويت داخل الاجتماع، وقاموا بدفع مدير الشركة بحسب ما أفادت بلومبرغ نيوز.
الشرطة تحقق في الحادث
قال متحدِّث باسم الشرطة، إنَّ ضباطاً من وحدة مكافحة الشغب في هونغ كونغ تجري تحقيقاً بشأن تلك الأحداث، وما إذا كان هناك تورط محتمل لعصابات الجريمة المنظمة في الأحداث التي شهدها أحد الاجتماعات الملتهبة لمساهمي إحدى الشركات، فقد ظهرت مجموعات السياسيين المحليين التي تنحاز إلى مجموعات من المساهمين المتصارعين حول السيطرة على الشركة.
وقال بول تسي، محامي شركة التطوير العقاري الصينية "كايسا غروب هولدنغ" التي تحاول السيطرة على شركة "كونفوي"، إنَّه قد تمَّ طرد مجموعة تمثِّل مالكي "كايسا" من غرفة الاجتماع بعد إخبار المشاركين بإصدار أمر قضائي بتأجيل الاجتماع.
في حين قال متحدِّث باسم "كونفوي"، إنَّ الشركة لم تتلقَ إنذاراً رسمياً حتى نهاية الاجتماع، وإنَّ التصويت تمَّ بشكل طبيعي.
رفض كووك هيو كوان، نجل رئيس "كايسا غروب هولدنغ" الذي يمتلك نحو 29% من أسهم "كونفوي" التعليق. وكان كووك قد نفى في وقت سابق اتهامات قدَّمتها "كونفوي" في المحكمة بشأن تحالفه مع مديرين سابقين بالشركة.
بعد ستة أسابيع من الاعتداء الذي شهده اجتماع المساهمين، أعلنت بورصة هونغ كونغ، يوم الجمعة، أنَّ إلغاء إدراج أسهم الشركة سيكون اعتباراً من 4 مايو. ولم يتم التداول على سهم الشركة منذ أن تمَّ إيقافه أواخر عام 2017.
وقد زادت البورصة من قدرتها على شطب الشركات منذ العام 2018 ضمن استهدافها لشطب الشركات التي لم يتم تداول أسهمها لمدة تزيد عن 18 شهراً.