بلومبرغ
لم يتعافَ متداولو العملات الآسيوية بشكل كامل من موجة البيع التي شهدتها الأسواق أمس الأربعاء، لكنهم يستعدون لموجة جديدة من المخاطر الاقتصادية التي تلوح في الأفق.
تترقب مكاتب التداول في كافة أنحاء المنطقة احتمالات تكبد خسائر إضافية عند إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن سياسته النقدية اليوم الخميس، بينما يختتم المشرعون الصينيون اجتماعهم يوم الجمعة. وربما تتعرض العملات الآسيوية لضغوط كبيرة إذا أشار البنك المركزي الأميركي إلى اتباع نهج حذر في خفض أسعار الفائدة أو جاء إعلان الصين دون تطلعات المستثمرين.
فوز ترمب يثير تقلبات العملات الآسيوية
استقرار سوق النقد الأجنبي في آسيا أصبح محط الأنظار مجدداً، بعد أن تسبب فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية في موجة بيع دفعت الين الياباني إلى مستوى 155 لكل دولار، وأوصلت اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته خلال 16 عاماً. ويشير بعض المحللين الاستراتيجيين إلى أن فرض رسوم جمركية أميركية جديدة قد يشعل سباقاً لخفض قيمة العملات في المنطقة.
علق شوكي أوموري، كبير استراتيجيي التداول في "ميزوهو سيكيوريتيز" (Mizuho Securities)، قائلاً إن "المتداولين في العملات الآسيوية لن يشهدوا أي راحة هذا الأسبوع، حيث أدى فوز ترمب إلى تعزيز قوة الدولار بالفعل، وعلى المستثمرين الآن الاستعداد لمخاطر التدخل المحتملة إذا فاجأ الاحتياطي الفيدرالي أو مؤتمر الشعب الوطني الصيني الأسواق".
تأتي البداية مع اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث سيحلل المتداولون تصريحات صُناع السياسات النقدية لتحديد وتيرة خفض أسعار الفائدة في المستقبل. ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة الأساسي يوم الخميس بواقع ربع نقطة مئوية، وتشير متوسط التقديرات الصادرة في سبتمبر إلى احتمال إجراء خفض إضافي بمقدار ربع نقطة هذا العام ثم نقطة مئوية كاملة في عام 2025.
أي مفاجآت في هذا الصدد قد تزعزع استقرار الدولار، وبالتالي العملات الإقليمية، مما قد يدفع السلطات للتدخل مجدداً. انخفض مؤشر "بلومبرغ للدولار الفوري" اليوم الخميس بعد أن سجل أكبر مكاسب يومية منذ أكثر من عامين في الجلسة السابقة.
دعم العملات في وجه الاضطرابات
من جهتها، أعلنت كوريا الجنوبية عن تطبيق خطط طوارئ إذا زادت تقلبات السوق بشكل مفرط. كما ظهرت مؤشرات على تدخل البنك المركزي الهندي لدعم الروبية، فيما صرح بنك إندونيسيا أمس الأربعاء عن استعداده لتخفيف تقلبات السوق.
كذلك، حدد بنك الشعب الصيني السعر المرجعي اليومي لليوان عند أدنى مستوى له منذ نحو عام يوم الخميس، إلا أن هناك شعوراً بأن السلطات لن تتسامح مع الانخفاض الحاد في قيمة العملة.
وقال لين سونغ، كبير الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى لدى "آي إن جي بنك" (ING Bank NV): "نتوقع أن يكثف بنك الشعب الصيني تدخله مرة أخرى لمنع التدهور الكبير في قيمة العملة".
أدى فوز ترمب إلى دفع الدولار إلى أعلى مستوياته في عام، مما دفع المستثمرين للعودة إلى دعم الأصول التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري ويطلق عليها اسم "تجارة ترمب" وتشمل تعزيز قوة الدولار، وهو ما حرك عملات مثل البيزو المكسيكي والوون الكوري الجنوبي نحو أدنى مستوياتها منذ أعوام.
دعم الاقتصاد الصيني
بعد اجتياز عقبة الاحتياطي الفيدرالي، سيتعين على المتداولين مواجهة الصين. إذ من المتوقع أن تقدم اللجنة الدائمة لمجلس الشعب الصيني، وهي الهيئة التنفيذية للهيئة التشريعية العليا في البلاد، مزيداً من الحوافز الاقتصادية بعد اجتماع هذا الأسبوع.
أطلقت بكين سلسلة من التدابير، مثل حملة سياسية في أواخر سبتمبر، لدعم اقتصادها، لكن المحللين يرون أن السلطات بحاجة إلى تحفيز الاستهلاك لتعزيز النمو. وإذا أخفق صُناع السياسات في تلبية توقعات السوق يوم الجمعة، فقد يشهد اليوان تراجعاً جديداً مع استيعاب المتداولين لتأثير جولة أخرى من الرسوم الجمركية الأميركية.
ويحذر بعض المحللين من عواقب أكثر خطورة إذا استمرت عودة ترمب إلى البيت الأبيض في تعزيز قوة الدولار، فقد تندلع حرب عملات في آسيا مع مساعي السلطات للحفاظ على القدرة التنافسية لصادراتها.
وفي حال زيادة المخاطر المتعلقة بفرض رسوم جمركية أميركية، قد يستهدف الباعة على المكشوف اليوان بشكل مباشر خاصة أن الصين تُعد هدفاً رئيسياً لترمب. وتمتد هذه المخاطر إلى بقية أجزاء آسيا، حيث تجاوز الوون الكوري الجنوبي المستوى الرئيسي البالغ 1400 لكل دولار، فيما هبطت الروبية الإندونيسية والبيزو الفلبيني إلى أدنى مستوياتهما منذ أشهر.
في مذكرة أشار فيها إلى الصين، كتب براد بيكتل، رئيس قسم النقد الأجنبي العالمي لدى "جيفريز" (Jefferies LLC): "إنهم لا يملكون أي خيار تقريباً. سيقومون بخفض قيمة العملة لمواجهة أي رسوم جمركية يفرضها ترمب، بحيث يتناسب حجم التخفيض مع تصوراتهم لتأثيرها الاقتصادي".