بلومبرغ
يستعد المتداولون، من مكسيكو سيتي إلى شنغهاي، الذين عصفت بهم التقلبات على مدار عام، لمواجهة صدمة سياسية جديدة، تتمثل في انتخابات رئاسية أميركية تهدد بإعادة صياغة التجارة العالمية، وربما زعزعة التوقعات الاقتصادية في العالم النامي.
مع استمرار تقارب حظوظ مرشحي السباق الانتخابي في الفوز قبيل موعد التصويت يوم الثلاثاء، أعاد المستثمرون ترتيب مراكزهم تحسباً لنتائج فوز دونالد ترمب الذي قد تؤدي خططه بشأن التعريفات والضرائب إلى تقييد الواردات، وتفاقم الضغط بسبب أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وبالتالي، كثّفت صناديق التحوط رهاناتها ضد البيزو المكسيكي ما أدى إلى انخفاضه لأدنى مستوى هذا العام. كما انخفض اليوان الصيني، في ظل تسجيل الدولار أكبر ارتفاع له منذ أكثر من عامين. وسحب المستثمرون أموالهم من الصناديق التي تركز على سندات الأسواق الناشئة، وسجلت الأسهم في الأسواق الناشئة حول العالم أسوأ خسارة شهرية منذ يناير.
تعكس هذه التحركات في الأسعار المخاطر العالية التي تواجه الأسواق الناشئة، مما يضعها في حالة تأهب لجولة جديدة من البيع، أو لانتعاش سريع في حال فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات.
قال عارف جوشي، رئيس قسم ديون الأسواق الناشئة في "لازارد أسيت مانجمنت"، إنه "في انتخابات غير محسومة، من الصعب جداً اتخاذ رهانات فعّالة على العملات"، مضيفاً أن الأسواق قد أخذت في الاعتبار بعض المخاطر المترتبة على عودة ترمب إلى البيت الأبيض. ويشير ذلك إلى أن فوز هاريس سيكون "تحركاً صاعداً هيكلياً للأسواق الناشئة".
في الولايات المتحدة، من المتوقع أن يُحدث ترمب تغييرات أكثر جذرية من هاريس، عضو مجلس الشيوخ الأميركية السابقة التي عملت كنائبة للرئيس جو بايدن على مدار السنوات الأربع الماضية. في الأسواق الناشئة، يكمن الخطر الرئيسي في خطط ترمب لفرض تعريفات، مما سيضعف صادرات هذه الأسواق، ويقلل الطلب على عملاتها.
شكك ترمب أيضاً في التزام الولايات المتحدة بتحالفات مثل "حلف شمال الأطلسي" (ناتو)، ودعم جهود أوكرانيا في هزيمة الغزو الروسي. أثر هذا الشك على السندات المحلية لبعض دول شرق أوروبا، ورفع تكلفة ديون أوكرانيا المقومة بالدولار، وسط تكهنات بأن انتخاب ترمب قد يجبر البلاد على عقد اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا.
قال روبرت كونيجسبيرغر، مؤسس ومدير الاستثمار الرئيسي في "غرامرسي أسيت مانجمنت": "لن أستغرب رؤية رد فعل سلبي سريع إذا انتُخب ترمب، حيث سيُصاب الجميع بالذعر، ثم يبدأون بتقييم ما إذا كان النهج أكثر واقعية".
قد لا تظهر نتيجة الانتخابات في ليلة الاقتراع، أو حتى بعد ذلك بفترة وجيزة، إذا كانت النتائج متقاربة بما يكفي لإعادة الفرز أو تقديم طعون قانونية. كما ستعتمد قوة الرئيس القادم إلى حد كبير على ما إذا كان حزبه مسيطراً على الكونغرس.
رأي استراتيجيي "بلومبرغ"
كانت الأسواق الناشئة التي تعتمد على التصدير (باستثناء الصين) أقل تضرراً خلال ولاية دونالد ترمب الأولى، بينما عانت الدول ذات الديون الخارجية الكبيرة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. قد يكون سيناريو تولي ترمب إدارة ثانية مشابهاً للأسواق الناشئة، وذلك اعتماداً على ما إذا كان ترمب سينفذ تهديداته بفرض تعريفات عالمية، واتجاه أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
- أدريانا دوبيتا، خبيرة اقتصادية في "بلومبرغ"
العملات
يُتوقع أن يكون البيزو المكسيكي الذي يُتداول على مدار 24 ساعة وبكميات كبيرة، أحد أولى المؤشرات على تأثير نتائج الانتخابات على الأسواق الناشئة. ارتفع بالفعل مؤشر التقلبات على العملة إلى أعلى مستوى له منذ بداية الجائحة.
توقع كل من جيزيلا برانت وتانيا إسكوبيدو جاكوب، الاستراتيجيتان في "جيه بي مورغان تشيس"، أن البيزو، الذي كان يتجاوز 20 مقابل الدولار يوم الجمعة، قد يرتفع إلى ما دون 19 إذا فازت هاريس. على الجانب الآخر، يقول براد بيشتل من "جيفريز" إن البيزو قد ينخفض إلى نحو 22 مقابل الدولار إذا انتُخب ترمب.
قد تتعرض العملات الآسيوية، بما في ذلك اليوان الصيني والوون الكوري الجنوبي للضغط أيضاً إذا بدا أن هناك احتمالاً لزيادة التعريفات. انخفض اليوان بنسبة 1.6% في أكتوبر، وارتفعت تقلباته المتوقعة لأجل شهر إلى أعلى مستوى لها منذ عامين.
السندات
من المحتمل أن يمتد التأثير إلى أسواق السندات العالمية كذلك. قد تسجل ديون حكومة السلفادور ارتفاعاً إذا اعتُبر فوز ترمب دعماً للرئيس نجيب بوكيلي في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، بفضل علاقته بالحزب الجمهوري. كما ارتفعت سندات أوكرانيا قبل الانتخابات وسط تكهنات بأن عودة ترمب قد تسرع إنهاء الحرب.
في الوقت نفسه، قد يكون هذا "سيناريو سلبياً لبولندا وأعضاء آخرين في الناتو"، وفقاً لبيوتر ماتيس، كبير استراتيجيي العملات في "إن تاتش كابيتال ماركتس".
تراجعت السندات المحلية المقومة بالعملة المحلية في بولندا وجمهورية التشيك والمجر مقارنة بنظيراتها منذ نهاية سبتمبر، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".
الأسهم
تحمل خطط التعريفات التي يعتزم ترمب فرضها مخاطر خاصة على الصين، التي خصّها بتعريفات تصل إلى 60% أو أكثر، في وقت تحاول فيه حكومتها إنعاش الاقتصاد المتباطئ.
قد تواجه الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، وتستورد بكثافة من الصين تحديات من تصاعد الحرب التجارية، وفقاً لـ"غولدمان ساكس". قال البنك إن أسهم الشركات في دول مثل كوريا الجنوبية وتايوان قد تتأثر بزيادة التكاليف واضطرابات سلسلة التوريد.
في أميركا اللاتينية، يتوقع استراتيجيو "مورغان ستانلي"، بمن فيهم نيكولاج ليبمان، حدوث "انتعاش" في أسواق الأسهم في البرازيل والمكسيك، مدعومة بمكاسب العملة، في حال فوز هاريس. بينما يُتوقع أن تشهد الأسواق ضعفاً إذا فاز ترمب.