تعثر نادي "إنتر ميلان" مالياً يدفع مالكه الصيني للبحث عن شركاء

time reading iconدقائق القراءة - 9
نادي إنتر ميلان مثل غيره من الأندية الأوروبية يعاني من تعثرات مالية ويسعى للحصول على تمويلات جديدة - المصدر: بلومبرغ
نادي إنتر ميلان مثل غيره من الأندية الأوروبية يعاني من تعثرات مالية ويسعى للحصول على تمويلات جديدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في الريف وعلى بعد حوالي ساعة بالسيارة شمال ميلانو، يقع مجمع كرة القدم الذي يحمل اسم "مركز سانينغ للتدريب" (Suning Training Center)، وهو المكان الذي يصقل فيه لاعبو نادي "إف سي إنترناسيونالي ميلانو"، لياقتهم البدنية تحضيراً لمبارياتهم، بحضور عدد قليل من المشجِّعين الذين يطوفون على البوابات لإلقاء نظرة على نجومهم الوافدين.

وبالنسبة لـ"إنتر ميلان"، فقد تحوَّل الموقع المتواضع إلى مصدر غني للإيرادات.

وتكشف حسابات الشركة المودعة لدى المنظمين الإيطاليين أنَّ التكتل الصيني "سانينغ هولدينغز غروب" (Suning Holdings Group Co)، المالك الأكبر للنادي العريق، قد ساعد في زيادة دخل الفريق من خلال دفع الملايين لإبقاء اسم المالك في المركز، بما في ذلك مبلغ 25 مليون يورو (30.1 مليون دولار) كرسوم التزام في عام 2016.

وتعود هذه المساهمات لتطارد النادي ومالكه الصيني، الذي يستكشف طرقاً لجلب مستثمر آخر لـ"إنتر ميلان" بعد خطة إنقاذ برعاية الدولة.

أما بالنسبة إلى عدد قليل من المهتمين المحتملين، فليس هناك يقين من أنَّ

ما يسمى بإيرادات الرعاية الإقليمية، هي في الواقع مصدر مستدام للدخل في حال حدوث تغيير في الملكية، مما يُعقِّد تقييم إجمالي الأصول، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على المحادثات.

وحصد النادي أكثر من 260 مليون يورو من الإيرادات من الكيانات الصينية- مما يعادل ربع إجمالي المبيعات - بين عامي 2017، و2019 من صفقات الرعاية الإقليمية.

وبالإضافة إلى رسوم الالتزام، فإنَّ موقع التدريب وحده يسحب حصة إيرادات سنوية قدرها 16.5 مليون يورو، بالإضافة إلى المكافآت، بحسب ما كشفت الحسابات.

حالة تردد

مثل العديد من الأندية العريقة في جميع أنحاء أوروبا، يمتلك "إنتر ميلان" قاعدة جماهيرية مخلصة، واسماً معترفاً به عالمياً، إلا أنَّه يفتقر إلى الجيوب الغنية اللازمة للحفاظ على فريق باهظ الثمن يكلِّف مئات الملايين كل عام. وهذا هو السبب في أنَّ مجموعة من 12 نادياً لكرة القدم من إيطاليا، وإسبانيا، وإنجلترا قد فكرت في إنشاء دوري انفصالي هذا الشهر كان سيضخُّ الأموال التي تشتد الحاجة إليها في أندية مثل "إنتر ميلان".

إلا أنَّ الخطة لم تدم طويلاً بعد احتجاج جماهيري من المشجعين، ومنظِّمي كرة القدم، فقد بدأت الفرق في الانسحاب مرة أخرى.

محاولات جذب المستثمرين

وأشار أشخاص مطَّلعون على محادثات الشهر الماضي، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة المداولات الخاصة، إلى أنَّ شركة الأسهم الخاصة "بي سي بارتنرز"، قد انسحبت بالفعل من الصفقة بعد شكوك بشأن استقرار المدفوعات الصينية على المدى الطويل.

وإلى جانب موقع التدريب، تلقى "إنتر ميلان" مساهمات سنوية بلغ مجموعها 45 مليون يورو من أطراف صينية غير مرتبطة بخدمات تشمل "السياحة والتعليم"، بالإضافة إلى العلامات التجارية، وحقوق الإعلام في أجزاء من آسيا.

وأوضح الأشخاص المطَّلعون أنَّ المشترين المحتملين الذين فكروا في الاستثمار في إنتر ميلان قرروا عدم المضي قدماً في مسعاهم بعد تقييم جزء الإيرادات المرتبط بالكيانات الصينية.

وقال أحد المشترين المحتملين، إنَّ مجموعته حددت إجمالي الدين في النادي بحوالي 500 مليون يورو، وإنَّه لن يستمر إلا إذا كانت هناك إعادة هيكلة كاملة للديون وحقوق الملكية.

ولم يعلِّق ممثِّل "سانينغ" على موضوعي الرعاية الإقليمية، والبيع المحتمل لأسهم "إنتر ميلان"، في حين رفض مسؤول من نادي كرة القدم التعليق، على غرار متحدِّث باسم "بي سي بارتنرز".

وفي هذا الصدد، يتصاعد الضغط على "إنتر ميلان" لدعم موارده المالية بعد انهيار مشروع الدوري الممتاز، الذي وعد بضخِّ أكثر من 300 مليون يورو من السيولة في الفريق الإيطالي. كما فشل النادي في دفع رواتب لاعبيه بانتظام في الأشهر الأخيرة، مما يسلط الضوء على وضعه المتوتر.

هذا وتجري شركة "أوكتري كابيتال غروب" محادثات متقدِّمة مع "إنتر ميلان" لتوفير 150 مليون يورو لدعم الشؤون المالية للنادي، وفقاً لأشخاص مطَّلعين.

وأضاف الأشخاص المطَّلعون أنَّ الطرفين عقدا عدَّة اجتماعات في الشهر الماضي، ومن الممكن أن تؤدي صفقة محتملة مع "إنتر ميلان" إلى أن تصبح شركة "أوكتري" في مرحلة ما من المساهمين الأقلية في الفريق. ورفض ممثِّل في شركة "أوكتري" التعليق على الموضوع.

المال الصيني

ما يزال "إنتر ميلان" يعاني من ضائقة مالية شديدة، خاصة بعد أن جفت بعض مدفوعات الرعاية الإقليمية في نهاية العام الماضي.

وتُظهر حسابات النادي أنَّ الإيرادات المعدَّلة تراجعت إلى حوالي 372 مليون يورو العام الماضي من 417 مليون يورو في عام 2019، وذلك بعد انتهاء العقود مع ثلاثة كيانات صينية غير مباشرة، وهي"فولشير هولدينغ ليمتد"، و"كينغ دون إنفستمنتس ليمتد"، و"بيجينغ يشينشجي"، التي جلبت 45 مليون يورو إضافية كل عام.

وفي الواقع، فإنَّ "إنتر ميلان" ليس النادي الرئيسي الوحيد الذي يواجه مشكلات مالية، ويسعى إلى تغيير واقع عمله من خلال المراهنة على مشروع الدوري الممتاز، الذي كان يهدف إلى ضمان المباريات، والإيرادات للأندية المشاركة لسنوات قادمة. إذ يبلغ صافي ديون الأندية الـ 12 المؤسسة للدوري الممتاز قصير الأجل أكثر من 2.5 مليار يورو، وفقاً لِـ "كيه بي إم جي فوتبول بنشمارك".

وتمثِّل الأندية الإيطالية الثلاثة وحدها – "يوفنتوس، وميلان، وإنتر ميلان"- حوالي 800 مليون يورو من هذا الرقم، بعد أن خسر الثلاثي مبلغ 440 مليون يورو في موسم 2020.

وما من شكٍّ في أنَّ أيَّ تأخير في حلِّ الوضع المالي، وهياكل الملكية قد يمتد إلى التخطيط للموسم المقبل، بما في ذلك انتقالات اللاعبين المحتملة؛ كما أنَّ وصول "إنتر ميلان" للصدارة قد أعطاه الفرصة للفوز باللقب الإيطالي لأوَّل مرة منذ أكثر من عقد.

المُلّاك الروس

ترتيبات الرعاية المعقدة ليست أمراً غير معتاد في الرياضة؛ فقد أبرم نادي "إيفرتون" الإنجليزي لكرة القدم، المملوك لرجل الأعمال البريطاني الإيراني "فرهاد موشيري"، صفقة حول موقع تدريب مع شركة "يو إس إم" (USM) المملوكة لشريكه التجاري "أليشر عثمانوف".

وإلى جانب رعاية فريق سيدات النادي، وبعض المدفوعات الأخرى، يجلب الاتفاق حوالي 20 مليون جنيه إسترليني كإيرادات إضافية كل عام، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الترتيبات. في حين امتنع نادي "إيفرتون" عن التعليق.

ومن الشائع أن يكون لدى العديد من الأندية الأوروبية مالكون أثرياء – بدءاً من الأوليغارشي الروسي "رومان أبراموفيتش" في نادي "تشيلسي"، وصولاً إلى المليارديرين الأمريكيين المالكين لناديي "ليفربول"، و"مانشستر يونايتد"، جون هنري، و جويل غليزر – ولكن هذا لا يمنح أياً منهم الحرية لإغراق فرقهم بمبالغ غير محدودة من المال.

وفي الواقع، يجب أن تلتزم فرق كرة القدم بقواعد اللعب النظيف المالية التي حددها مجلس إدارة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، التي تطالب بامتناع الفرق عن الإنفاق بسخاء على اللاعبين، ما لم يكن لديها الأموال اللازمة لدعم الانتقال. ويمكن أن يؤدي انتهاك القواعد إلى الطرد من البطولات المربحة، مثل دوري أبطال أوروبا؛ هذا ولم تُتخذ مثل هذه الخطوة القاسية منذ أن دخلت القواعد حيز التنفيذ في عام 2011.

التمويل الخارجي

ينبع الوضع المالي الصعب لـ"إنتر ميلان" جزئياً من كونه فريقاً باهظ الثمن يضمُّ لاعبين كبار، مثل "روميلو لوكاكو"، و"كريستيان إريكسن"، الذين تبلغ رواتبهم الشهرية ملايين اليوروهات. كما أثَّرت الجائحة بشدة على الأندية التي كانت تلعب في ملاعب فارغة طوال الجزء الأكبر من العام، مما حرمها من مصدر دخل مهم.

علاوةً على ذلك، قال شخص مطَّلع على الوضع، إنَّ صبر شركة "ليون روك كابيتال"، مالكة الأقلية في النادي بحصة 30٪، قد بدأ ينفد بشكل متزايد، وذلك بالنظر إلى الوضع في "إنتر ميلان"، وإحجام "سانينغ" عن إبرام صفقة مع مالك جديد؛ فقد قال الشخص المطَّلع، إنَّ الشركة كانت تضغط بنشاط من أجل التمويل الخارجي، إلا أنَّها تدرك حدود هذا المسعى.

وفي حال انسحبت"سانينغ" في النهاية من "إنتر ميلان"، فستكون خطوة أخرى على طريق انسحاب الملَّاك الصينيين من كرة القدم الأوروبية.

وتعليقاً على الموضوع، قال "كيث هاريس"، الممول البريطاني والخبير في عمليات الاستحواذ، بما في ذلك ما يخص "تشيلسي"، و"مانشستر سيتي": "كل ما يمتلكه الصينيون تقريباً كان إما لعباً أو كارثة مالية؛ وقد يجلب رحيلهم بعض الدماء الجديدة التي تُعدُّ ضرورية للغاية، ولن يحزن الكثيرون على رحيلهم".

تصنيفات

قصص قد تهمك