بلومبرغ
ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية في بداية أسبوع حافل بإعلان نتائج شركات، مع استعداد المتداولين أيضاً للانتخابات الرئاسية الأميركية، والبيانات الاقتصادية الرئيسية التي ستمهد الطريق لقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي التالي.
حققت جميع المجموعات الرئيسية في مؤشر "إس آند بي 500" مكاسب، باستثناء أسهم الطاقة التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط.
ارتفعت أسهم شركات التشفير، مع ارتفاع "بتكوين" بنحو 3%. وصعدت أسهم "ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب" (Trump Media & Technology Group Corp) بنسبة 22%، حيث أقبل المتداولون الأفراد على شراء السهم بعد الحدث البارز لدونالد ترمب في نيويورك يوم الأحد. تم تداول أسهم الشركة بوصفها مقياساً لمشاعر فرص الرئيس السابق المتصورة للفوز بالانتخابات، مع ارتباط التحركات الأخيرة بأسواق الرهانات بدلاً من استطلاعات الرأي الفعلية. وارتفعت أسهم شركة شبكة الفيديو المحافظة "رامبل إنك" بنسبة 14%. وفي الساعات الأخيرة من التداول، انخفضت أسهم شركة "فورد موتور" بعد أن خفضت توقعات أرباحها.
ترمب أكثر فائدة للأسهم وبتكوين
وفقاً لاستطلاع أجرته "بلومبرغ ماركتس لايف بولس"، فإن فوز ترمب سيكون أكثر فائدة للأسهم وبتكوين مقارنة بمنافسته الديمقراطية، في حين أن رئاسة كامالا هاريس ستجلب المزيد من الراحة لتكاليف الإسكان. يرى حوالي 38% من المستجيبين تسارعاً في الأسهم بعد عام من الآن تحت قيادة المرشح الجمهوري، مقابل 13% تحت قيادة هاريس.
قالت ليزا شاليت من "مورغان ستانلي لإدارة الثروات" إن الأسواق "كانت نشطة للغاية على مدار الشهر الماضي، حيث قام المتداولون بإحياء السيناريو المتفائل بالفعل في ما يتعلق بتقييمات الأسهم، ما يزيد احتمالات مرتفعة لاكتساح الجمهوريين إلى قائمة العوامل الإيجابية المؤثرة على ارتفاع الأسهم".
اعتبرت كالي كوكس من "ريثولتز لإدارة الثروات" (Ritholtz Wealth Management) أن التوتر الذي يسبق الانتخابات لم يظهر بعد في سوق الأسهم. لم يشهد مؤشر "إس آند بي 500" يوماً صعوداً أو هبوطاً بنسبة 1% هذا الشهر. وقالت إنه إذا استمرت هذه الحال، فسيكون هذا أول شهر أكتوبر بدون تحرك كبير منذ عام 2017. كما سيكون أول شهر أكتوبر من عام الانتخابات دون تحرك بنسبة 1% منذ 1968.
وأضافت: "نحن نتجه إلى أسبوعين مزدحمين. ستكون محادثة الانتخابات هي الأكثر ضجيجاً، لكن الأسواق قد تهتم بقائمة الأرباح والبيانات الاقتصادية المزدحمة أكثر من غيرها. وقد تكون النتائج صاخبة، خاصة من جانب الوظائف".
مرونة الاقتصاد وخلل في نمو الوظائف
قبل أسبوع من اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي للتفكير في الوتيرة المناسبة لخفض أسعار الفائدة، من المقرر أن تُظهر البيانات مرونة أساسية في الاقتصاد الأميركي، وخلل مؤقت في نمو الوظائف. ينتظر المستثمرون أيضاً نتائج الشركات التي تمثل ما يقرب من 42% من القيمة السوقية لمؤشر "إس آند بي 500"، بما في ذلك العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "أبل" و"ميتا" و"مايكروسوفت".
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.3%، ولم يتغير مؤشر "ناسداك 100" كثيراً، في حين ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.6%، ومؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 1.6%.
وانخفضت السندات وسط ضعف الطلب على مبيعات زوج من السندات الأميركية. وخفضت وزارة الخزانة تقديراتها للاقتراض الفيدرالي للربع الحالي، في حين استمرت في توقع رصيد نقدي بقيمة 700 مليار دولار في نهاية العام. وانخفضت أسعار النفط مع تقييد إسرائيل للضربات التي تشنها على إيران لتقتصر على الأهداف العسكرية.
التركيز على أهداف طويلة الأجل
قال كريس لاركين من "إي تريد" التابعة لـ"مورغان ستانلي"، إن بيانات الأرباح ووظائف شركات التكنولوجيا العملاقة هذا الأسبوع، ستوفر الكثير من الزخم المحتمل للسوق في الأمد القريب، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان المستثمرون يريدون الجلوس مكتوفي الأيدي حتى بعد الانتخابات، خاصة بالنظر إلى التقلبات حول الانتخابات الماضية".
وأشار إلى أن الأسهم بيعت في الأسبوع الذي سبق انتخابات 2016 و2020، وارتفعت بشكل حاد بعدها.
بالنسبة لسيرة مالك من "نوفين" (Nuveen)، فإن "من الأهمية بمكان أن يظل تركيزنا على أهداف الاستثمار طويلة الأجل، والاهتمام بالظروف الاقتصادية الأوسع وأساسيات الشركات، حيث كانت التقلبات الناجمة عن الانتخابات قصيرة الأجل تاريخياً".
وقالت: "مع وضع ذلك في الاعتبار، يجب أن تظل أرباح الشركات والتضخم واتجاه أسعار الفائدة هي المحركات الهيكلية للأسواق المالية"، مضيفة: "كان هذا واضحاً في التغير الأخير في عائدات سندات الخزانة الأميركية، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها في منتصف سبتمبر بعد خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومنذ ذلك الحين، ربما أدى ارتفاع العائدات، إلى جانب العوامل الأساسية، إلى خلق نقطة دخول جذابة أخرى لأحد قطاعات الدخل الثابت المفضلة لدينا".
على الرغم من أن استطلاعات الرأي متقاربة للغاية، فقد أظهرت أسواق الأسهم والسندات زخماً حديثاً يبدو أنه يصب في صالح نتيجة تعيد الرئيس السابق ترمب إلى البيت الأبيض، وفقاً لأنتوني ساغليمبيني من "أميريبرايز" (Ameriprise).
وقال: "ارتفعت عائدات السندات الحكومية، وتعزز الدولار الأميركي، وارتفعت مناطق سوق الأسهم التي قد تستفيد من تقليل التنظيم وخفض الضرائب". وأضاف: "يرتبط بعض هذا بالاقتصاد القوي والأرباح المتزايدة، في حين قد يُعزى بعض هذا الزخم إلى المستثمرين الذين يفضلون بشكل متزايد فوز ترمب".
أداء جيد مهما كانت النتيجة
ساغليمبيني رأى أن "السوق قادرة على أن تؤدي بشكل جيد حتى نهاية العام، سواء فازت هاريس أو ترمب في نوفمبر"، مضيفاً أن متوسطات الأسهم الرئيسية قد تشهد ارتفاعاً بحلول نهاية العام، مشيراً إلى أن "الظروف الأساسية في الولايات المتحدة قوية، والعوامل الموسمية والاتجاهات التاريخية مواتية للأسهم، كما أن معرفة نتائج الانتخابات، ستسمح للمستثمرين أخيراً بالانتقال إلى موضوع آخر".
يتوقع المستثمرون أن تقود الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة السوق في ظل جميع سيناريوهات الانتخابات، باستثناء حصول اكتساح للجمهوريين، وفق مسح أجرته شركة "في 22 ريسرتش" (22V Research).
قالت الشركة: "في ظل اكتساح الجمهوريين، يعتقد المستثمرون أن الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة ستقود. قد تساعد التعريفات الجمركية الحمائية، والسياسات الضريبية الأكثر ودية لأرباح الولايات المتحدة، في تفسير ديناميكية التوقعات بعائدات خزانة أعلى، وتفوق للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة، في حال تحقق هذا السيناريو".
وأضافت أنه بناءً على تفاعلات الشركة مع العملاء، يركز المستثمرون على الآثار المترتبة على التعريفات الجمركية في ظل ترمب أكثر من الإنفاق بالعجز، والذي توجد له ضمانات. وفي ظل رئاسة ترمب، يتوقع المستثمرون زيادة العائدات على السندات لأجل 10 سنوات. ولكن التوقعات بشأن هذه السندات تنقسم بين من يرى أنها ستكون أعلى وبين من يراها أدنى في ظل رئاسة هاريس.
نفس نهج 2016
تميل الأسهم الأميركية بشكل عام نحو نفس النهج الذي اتبعته خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، على الرغم من أن الإشارات أكثر اختلاطاً هذه المرة جراء العوامل الاقتصادية المختلفة، وفقاً لاستراتيجيي "مورغان ستانلي".
ويقول الفريق الذي يقوده مايكل ويلسون، إن الأداء المتفوق في أسهم الشركات المالية والصناعية يُظهر أن تحركات السوق متشابهة إلى حد ما مع تلك التي شهدناها في عام 2016. وأضافوا أن المواد والأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة، والتي كانت متفوقة نسبياً في انتخابات عام 2016، تأخرت بشكل متواضع منذ الأول من أكتوبر، عندما بدأ احتمال فوز ترمب في الارتفاع بشكل أكثر جوهرية في أسواق المراهنات.
وفي حين اكتسبت ما يُسمى "صفقات ترمب" شعبية مع ارتفاع احتمالات فوز الرئيس السابق بالانتخابات، تقول "سيتي غروب" إن التصويت متقارب، و"قد نرى بعض التناوب في الفترة التي تسبق الخامس من نوفمبر".
قال استراتيجيون بما في ذلك ديفيد غرومان وبياتا مانثي، إن صفقات ترمب الشعبية مثل الدولار القوي، وأسعار الفائدة المنخفضة، والارتفاع الطويل للأسهم الأميركية مقابل بقية العالم، قد تحد من الارتفاع في الأمد القريب.
وفي الوقت نفسه، تقوم استراتيجية عالمية تراهن على فوز هاريس على ضعف الدولار، وانخفاض العائدات الاسمية، وارتفاع الضرائب المحتمل، والميل العام نحو السياسات الصديقة للمناخ، مما يعني تفضيل أسهم بقية العالم مقابل الولايات المتحدة، والصناعات غير الأميركية مقابل الطاقة والرعاية الصحية، وكذلك أسهم الأسواق الناشئة الحساسة لضعف الدولار.
تقليص المخاطر
"مع اقتراب موعد الانتخابات بأسبوع واحد، وإشارة استطلاعات الرأي إلى تعادل واضح، فمن غير المرجح أن يجري المستثمرون الكثير من المخاطر الجديدة، بل وربما يفضلون تقليص المخاطر إلى أن تتضح النتيجة"، كما قال جيسون دراهو من إدارة الثروات العالمية في "يو بي إس" (UBS). وأضاف: "بمجرد أن تستقر الأمور وتصبح النتيجة واضحة، ينبغي للأساسيات الكلية أن تستعيد مكانها في مقعد القيادة، وتحدد اتجاه السوق".
من جهته، تساءل بريان ليفيت من "إنفيسكو" (Invesco): "هل سمعتم ما يُقال عن تفضيل الأسواق للحكومة المنقسمة؟ بالطبع سمعتم. من المسلم به أن الأرقام تؤكد ذلك، رغم أنني أزعم أن التحليل ليس ذا دلالة إحصائية. بل إن العائدات في معظم الحالات تميل إلى أن تكون مدفوعة بعدد قليل من السنوات البارزة".
يتناول ليفيت نتيجتين محتملتين لانقسام الحكومة في عام 2024، الأولى تتمثل في رئيس جمهوري ومجلس شيوخ جمهوري ومجلس نواب ديمقراطي، وهو ما أسفر سابقاً عن ثاني أفضل نتيجة للأسهم، أما النتيجة الثانية فهي رئيس ديمقراطي ومجلس شيوخ جمهوري ومجلس نواب ديمقراطي، وهو مزيج لم يحدث منذ عام 1886-1889، مما دفعه إلى تركه خارج فترة التحليل.
وقال: "من الجدير بالذكر أن سوق الأسهم الأميركية سجلت عائدات قوية إيجابية في الأمثلة الأخيرة للحكم الحزبي الواحد، بما في ذلك في عهد الديمقراطي بيل كلينتون (1993-1994)، والجمهوري جورج دبليو بوش (2005-2006)، والديمقراطي باراك أوباما (2009-2010)". وأضاف: "قد يعلم الجميع أن السوق تعمل بشكل أفضل في ظل حكومة منقسمة، أو قد يخلط الجميع بين الارتباط والسببية".
عودة حراس السندات
يقول إيد يارديني، الخبير المخضرم في وول ستريت، إن الانتخابات الأميركية المقبلة قد تنبئ بعودة "حراس السندات" في السوق، مع استعداد وزارة الخزانة لخطط إصدار ديون جديدة.
"حراس السندات" هي دعوة أطلقها مؤسس شركة "يارديني" للأبحاث، الذي صاغ العبارة الشهيرة في الثمانينيات لوصف المستثمرين الذين يبيعون السندات لإعادة الحكومة الأميركية إلى مسار ضبط النفس المالي.
وقال يارديني لتلفزيون "بلومبرغ" يوم الإثنين، إن "سيناريو تزايد حراس السندات يمكن تصوره بالتأكيد. لا يوجد نقاش بين أي من المرشحين حول القيام بأي شيء لخفض العجز للتعامل مع الدين، والتعامل مع نفقات الفائدة الصافية المتفجرة للحكومة".