بلومبرغ
يستعد بعض المستثمرين المتمرسين للعودة إلى سوق الأسهم في الهند حتى مع قلق المضاربين بشأن مقدار الألم الذي ستلحقه موجة فيروس كورونا الخارجة عن سيطرة البلاد بالسوق المحلية.
وتثير المخاوف من أنَّ جولة جديدة من القيود الشبيهة بعملية الإغلاق التي تسبَّبت فيها موجة الفيروس الجديدة ستعرقل التعافي الاقتصادي الصاعد في الهند، مما جعل مؤشر "ستاندرد آند بورز بي إس إي سينسكس آسيا" هو الأسوأ أداء في شهر أبريل الجاري، وهو ما يضعه على مسار تصحيح فني وشيك خلال هذا الأسبوع. وقد أدى ضعف ثقة المستثمرين أيضاً إلى تحول الصناديق الأجنبية إلى بائع صافي الأسهم المحلية بعد موجة شراء استمرت ستة أشهر.
فرص شراء
وفي حين لا يمكن إنكار أنَّ تفشي المرض وآثاره المالية والإنسانية لا يزال محور التركيز الرئيسي لمراقبي السوق، فإنَّ بعض المستثمرين على المدى الطويل، مثل شركة "فيديليتي إنترناشيونال"، و"إنفسكو" يبحثون بالفعل عن فرص لشراء أسهم إضافية. ويجري النظر إلى التقدُّم المحرز في حملة التطعيم الهندية، وإجراءات الإغلاق الأقل اضطراباً نسبياً في تقديم بعض الدعم لثالث أكبر اقتصاد في آسيا، وسوق الأسهم لديها.
قال "سوكومار راجا" ، مدير إدارة المحافظ الاستثمارية في شركة "فرانكلين تمبلتون أيمريجينغ ماركيتس إكويتي": "نعتقد أنَّ عودة ظهور كوفيد-19 هو مصدر قلق على المدى القصير. ولا نتوقَّع عمليات إغلاق واسعة النطاق، إذ يتخذ صانعو السياسة نهجاً أكثر محلية للسيطرة على الموجة الجديدة للفيروس". وتابع:"نستمر في التحلي بالإيجابية في أسواق الأسهم الهندية، ونواصل تحديد الفرص التصاعدية، بناءً على معايير الجودة، والاستدامة، والنمو لدينا".
تصحيح فني
يردد عدد قليل من مديري الأموال الآخرين وجهات نظر مماثلة، فقد أدى التراجع الأخير في السوق إلى خفض التقييمات عن المستويات المرتفعة القياسية التي شوهدت في وقت سابق من العام. وانخفض مؤشر "سينسكس " بحوالي 8% من أعلى مستوى له على الإطلاق في شهر فبراير الماضي – وسيمثِّل الانخفاض بنسبة 10 % تصحيحاً فنياً.
قال "جيتندرا جوهيل"، رئيس أبحاث الأسهم الهندية في " كريدي سويس ويلث مانجمنت": "قبل شهرين ، كانت لدينا وجهة نظر مفادها أنَّ السوق يرتفع على خلفية وجود الكثير من الإيجابيات، ومنذ ذلك الحين شهدنا زيادات في الأرباح، وعمليات تصحيح للقيم". وأضاف:"نحن إيجابيون في السوق، ونوصي المستثمرين بالشراء بسبب هذا الضعف، وذلك لأنَّ وجهة نظرنا هي أنَّ الانتعاش سيكون حاداً جداً في الجولة الثانية".
قد تؤخر هذه الموجة الجديدة من حالات الفيروس تعافي الهند، لكن من غير المرجح أن تخرجها عن مسارها، وفقاً لتصنيفات وكالة " فيتش " للتصنيفات الائتمانية، التي أكَّدت تصنيف الدين السيادي للهند عند (-BBB)، وهي أدنى درجة استثمارية.
لم يتغيَّر مؤشر " سينسكس " كثيراً حتى الآن في عام 2021 بعد أن صعد على مدار السنوات الخمس السابقة. وارتفع المؤشر بنسبة 85 % عن أدنى مستوى له في مارس 2020 ، عندما تلقت أسواق الأسهم العالمية الضربة الأكبر من الجائحة، محققاً قفزة بلغت 71 % في مؤشر "مورغان ستانلي" للأسهم الإقليمية في آسيا والمحيط الهادئ.
قال "أميت غويل"، مدير المحفظة في "فيديليتي إنترناشيونال": "سنكون انتقائيين وحذرين على المدى القصير، لكن أي حركة تصحيح في السوق ستوفر فرصة شراء". تابع: "ما نزال متفائلين بشأن الاقتصاد والأسهم على المدى المتوسط والطويل، مدفوعين بمحرِّكات النمو الهيكلية، مثل: التركيبة السكانية القوية، ونقص السلع والخدمات الاستهلاكية بالنسبة للطلب، وزيادة التوسع الحضري ، والنمو في القوى العاملة المتعلِّمة".
جني الأرباح
يبدو أنَّ بعضهم أكثر حذراً من بعضهم الآخر، فقد أبلغت الهند عن نحو 314 ألف (314835) إصابة جديدة يوم الخميس، وهي أكبر قفزة في العالم ليوم واحد في حالات الإصابة بفيروس كورونا على الإطلاق. وجرى دفع النظام الصحي في البلاد إلى نقطة الانهيار ، فقد أبلغت المستشفيات عن نقص في كل شيء بداية من أسرَّة العناية المركزة وصولاً إلى الأكسجين الطبي.
تثير الجثث المتراكمة في محارق الجثث، وأماكن الدفن في جميع أنحاء البلاد مخاوف من أنَّ عدد القتلى من موجة فيروس كوفيد-19 الجديدة الشرسة قد يكون أعلى بكثير من السجلات الرسمية.
تظهر المخاوف بشأن الفيروس أيضاً في أسواق العملات والديون في الهند. وتعتبر عملة الروبية الهندية هي أسوأ العملات أداء في قارة آسيا خلال شهر أبريل، وتسبَّب تراجعها في تفاقم الهبوط في سندات الشركات الهندية بالدولار التي تعدُّ الآن من بين الأسوأ أداء في المنطقة.
تقول شركة "أبريدين ستاندرد إنفستمنتس": إنَّه في حين أنَّ زيادة الإصابات يمكن أن تؤدي إلى عمليات إغلاق أكثر صرامة إذا ساء الوضع، فإنَّ ذلك سيكون له تأثير كبير على إعادة فتح الاقتصاد، وآفاق الانتعاش.
وقالت "كريستي فونغ"، كبيرة مديري الاستمار في الأسهم الآسيوية في شركة "أبيردين ستاندرد": " لقد كنَّا أذكياء فيما يتعلَّق بجني بعض الأرباح من فوق الطاولة أو زيادة مراكزنا -شراء مزيد من الأسهم- عندما نرى فرصة للقيام بذلك"..
الأفضلية للهند
لكنَّها أضافت أيضاً بأنَّه على المدى الطويل، هناك العديد من الاتجاهات التي تعطي الأفضلية للهند مشيرة إلى وجود العديد من الشركات الآسيوية الأكثر نجاحاً التي جرى تجربتها واختبارها من خلال أزمات سابقة بجانب طبقة وسطى من الشعب الهندي متنامية تزداد ثراء.
أما بالنسبة للعديد من الصناديق، فينبع تفاؤلهم أيضاً من توقُّعات بانتعاش قوي في أرباح الشركات، وعزز المحللون تقديرات أرباحهم المستقبلية لمدة 12 شهراً للشركات العضوة في مؤشر "سينسكس" بنحو 14% حتى الآن هذا العام ، أي نحو ضعف الارتفاع الذي شهدته الشركات في مؤشر "مورغان ستانلي" لآسيا والمحيط الهادئ، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ".
قال "راجا" من شركة "فرانكلين تمبلتون": "ما نزال نرى إمكانات جيدة لنمو الأرباح على المنظورين القريب والطويل الأجل، الذي سيكون داعماً لسوق الأسهم الهندية القوية ".
ويشعر "شيخار سامبهشيفان"، مدير الاستثمار في شركة "إنفسكو" بالارتياح من حقيقة أنَّ المصانع مستمرة في العمل بقدرة "مناسبة " خلال الموجة الحالية من الإصابات. في غضون ذلك، تحوَّل فريقه إلى الأسهم الدفاعية للخوض في تقلُّبات السوق على المدى القريب. وقلَّلت بالفعل من التعرُّض للأسهم الاستهلاكية المتأثِّرة بحركة السوق في الشهر الماضي، لأنَّها ترى أنَّ إنفاق الأسرة بدأ يتأثر، لكنَّها رفعت حجم حيازاتها من أسهم شركات الأدوية وتكنولوجيا المعلومات.