بلومبرغ
تضررت أكبر سوق سندات في العالم، بعد أن دفع تقرير مبيعات التجزئة القوي المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.
ارتفعت عائدات الخزانة الأميركية، حيث أثارت الأرقام الاقتصادية الشكوك حول مدى سرعة تخفيف البنك المركزي للسياسة النقدية. تم تسعير عقود المبادلة بإجمالي 42 نقطة أساس من تخفيضات الأسعار خلال اجتماعات نوفمبر وديسمبر.
تلاشى تقدم الأسهم بعد أن سجل مؤشر "إس آند بي 500" أعلى مستوياته على الإطلاق. في أواخر التداول، ارتفعت أسهم شركة "نتفليكس"، بعدما تجاوز عدد المشتركين الجدد تقديرات وول ستريت.
بيانات أقوى من المتوقع
ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية في سبتمبر بأكثر من المتوقع، ما يوضح الإنفاق الاستهلاكي المرن الذي يستمر في دعم الاقتصاد. جاءت البيانات في أعقاب تقريري الوظائف والتضخم الذي جاء أقوى من المتوقع، وهي بيانات صدرت في وقت سابق من هذا الشهر، وعززت وجهة النظر القائلة إن الاقتصاد ليس قريباً من الركود.
قال ماثيو ويلر من "سيتي إنديكس" و"فوركس دوت كوم" (Forex.com وCity Index)، إن "هناك مساراً ضعيفاً نحو توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض الفائدة في نوفمبر، لكن ذلك يتطلب أن يشير كل تقرير اقتصادي بارز بين الآن وحتى ذلك الحين، إلى اقتصاد أقوى من المفترض". وأضاف: "بغض النظر عما يفعله بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر، فإن المسار المتوقع لأسعار الفائدة حتى عام 2025 وما بعده أعلى مما كان عليه في أسابيع".
لم يتغير مؤشر "إس آند بي 500" ومؤشر "ناسداك 100" كثيراً، في حين ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي 0.4%. وصعدت أسهم شركة "إنفيديا" بعد توقعات إيجابية من "تي إس أم سي" (TSMC)، كما صعدت أسهم "ترافيليرز" (Travelers) بنسبة 9% على خلفية تضاعف الأرباح ثلاث مرات إلى 1.3 مليار دولار مقارنة بالعام السابق. وانخفضت أسهم "إيليفانس هيلث" (Elevance Health Inc) بنسبة 11%، بعد أن خفضت شركة التأمين توقعاتها السنوية.
ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار سبع نقاط أساس إلى 4.09%. وانخفض اليورو مع إضافة المتداولين إلى الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في ديسمبر. وانخفض الين ليلامس المستوى النفسي الرئيسي عند 150 مقابل الدولار، مما أعاد التركيز على خطر التدخل من قبل بنك اليابان.
ترجيح خفض بربع نقطة
قالت إلين زينتنر من "مورغان ستانلي لإدارة الثروات" إن "بيانات اليوم تسلط الضوء على قوة لا يمكن إنكارها في جميع أنحاء الاقتصاد". وأضافت أن هذه البيانات ستشجع بعض المعارضة من جانب المشاركين في بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى في نوفمبر، و"لكن من غير المرجح أن يتراجع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عن المضي قدماً في التحركات الثابتة بربع نقطة".
من جهته، اعتبر جيف روتش من "إل بي إل للأبحاث" أن الإنفاق الاستهلاكي القوي في سبتمبر يشير إلى أن النمو الاقتصادي في الربع السابق كان أعلى من الاتجاه بشكل ثابت. بالنظر إلى المستقبل، يحتاج المستثمرون إلى مراقبة أي علامات على أن العاطلين عن العمل يجدون صعوبة أكبر في الحصول على راتب.
أما كوينسي كروسبي من "إل بي إل فاينانشال" فاعتبر أن "مبيعات التجزئة جاءت أعلى بكثير من التوقعات، وتستمر في تحدي نظرية الاقتصاد الضعيف".
وأضاف أن الآثار المترتبة على السياسة النقدية تترتب على ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي "يخشى أن تؤدي القوة المتجددة في الاقتصاد إلى ارتفاع التضخم، على الرغم من أن التوقعات لا تزال تشير إلى أنه سيكون هناك خفض بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل".
أدت سلسلة من البيانات الأقوى من التوقعات إلى صعود النسخة الأميركية من مؤشر المفاجآت الاقتصادية لمجموعة "سيتي غروب" إلى أعلى مستوى منذ أبريل. ويقيس هذا المؤشر الفرق بين الإصدارات الفعلية، وتوقعات المحللين.
وبحسب بريت كينويل من "إي تورو" فإنه إذا استمرت البيانات القوية في القدوم، فقد تجبر المستثمرين على خفض توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل.
وأشار إلى أن "خفض أسعار الفائدة مهم للسوق، إلا أنه ليس الشيء الوحيد المهم. ولنتأمل مدى نجاح السوق هذا العام على الرغم من التقلبات الجامحة في توقعات أسعار الفائدة، حيث دفعت الأرباح والاقتصاد الأسهم إلى الارتفاع". وأضاف: "ما دامت هذه الركائز قائمة، فإن هذا من شأنه أن يبشر بالخير للأسهم".
عكس الاتجاه
في حين تحوم الأسهم الأميركية بالقرب من مستوى قياسي، تعمل مجموعة واحدة على الأقل من المستثمرين - الصناديق المنهجية - على تقليل تعرضها للأسهم وسط تقلبات الأسعار المتزايدة. ولكن إذا كان التاريخ دليلاً، فإن الاتجاه سينعكس بعد الانتخابات.
يتداول مؤشر التقلبات في بورصة شيكاغو، أو مؤشر "VIX"، بالقرب من 20 دولاراً، ارتفاعاً من متوسط قراءته عند 15 دولاراً هذا العام حتى سبتمبر. وقد أدى ذلك إلى خلق ضغوط بيع للصناديق المنهجية القائمة على القواعد، والتي تأخذ عادةً إشارات من اتجاه السوق.
تاريخياً، تميل تقلبات الأسعار إلى الارتفاع قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسط توتر المتداولين جراء حالة عدم اليقين السياسي، قبل أن تهدأ بعد فترة وجيزة، كما يقول تانفير ساندو، كبير استراتيجيي المشتقات المالية العالمية في "بلومبرغ إنتليجنس".