بلومبرغ
تراجع الروبل الروسي مقترباً من عتبة الـ100مقابل الدولار الأميركي، ويبدو هذه المرة أن المسؤولين الروسيين لا يمانعون بلوغ هذا المستوى الذي كان في الماضي يثير زوبعة من السياسات الاقتصادية القوية لكبح تدهور العملة المحلية.
لم يعد انخفاض الروبل مصدر قلق كبيراً حالياً، إذ يُمكن أن يفيد الميزانية الحكومية في ظل خطط لزيادة الإنفاق خلال العام المقبل، وفق ما ذكره شخصان مطلعان على الموقف، رفضا الكشف عن هويتيهما نظراً لمناقشة السياسات الحكومية. وأوضح الشخصان أن المسؤولين مستعدون للسماح للروبل الروسي بالوصول إلى مستوى 100 مقابل الدولار.
سعر صرف الروبل
يعتمد بنك روسيا المركزي الآن على معاملات البنوك البينية لتحديد سعر صرف الروبل منذ أن أوقفت بورصة موسكو تداول الدولار واليورو عقب فرض العقوبات الأميركية على مجموعة الكيانات الروسية خلال شهر يونيو الماضي. وتفاقمت الأزمة بسبب نقص العملة الأجنبية، إذ أظهرت بيانات البنك المركزي الروسي أن الروبل فقد نحو 9% من قيمته منذ آخر يوم تداول.
انقضت المهلة التي حددتها الولايات المتحدة الأميركية للشركات لإنهاء أنشطتها في البورصة الروسية في 12 أكتوبر الحالي.
قال أوليغ فيوغين، المسؤول السابق رفيع المستوى في البنك المركزي الروسي: "في الوضع الراهن، لا يكون وصول الروبل إلى مستوى 100 مقابل الدولار بالضرورة مخيفاً بشدة، رغم أنه قد ينجم عنه بعض الضغوط التضخمية".
لم ترد المكاتب الإعلامية التابعة للحكومة والبنك المركزي الروسي على طلبات التعليق في حينه.
على مدى نفس الفترة، شهد الروبل أيضاً انخفاضاً في قيمته مقابل اليوان الصيني، الذي أصبح العملة البديلة الرئيسية بعد أن وصف الكرملين العملات الغربية بـ"السامة" منذ الغزو الروسي لأوكرانيا خلال 2022، والذي تبعه فرض عقوبات واسعة النطاق من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها. وهبط الروبل 11% مقابل اليوان في بورصة موسكو ليصل إلى 13.26 يوان، في أدنى مستوى منذ شهر مايو الماضي.
تدخلات حكومية لدعم الروبل
خلال السنة الماضية، تجاوز الروبل حاجز 100 مقابل الدولار الأميركي مرتين. ورد البنك المركزي الروسي برفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 350 نقطة أساس في اجتماع طارئ خلال أغسطس من السنة الماضية. في أعقاب ذلك، فرضت الحكومة قيوداً صارمة على حركة رأس المال خلال أكتوبر الماضي، إذ طُلب من 43 من مجموعات المصدرين إعادة 80% من عائداتهم بالعملة الأجنبية وبيع معظمها مقابل الروبل الروسي في السوق المحلية.
تشير توقعات وزارة الاقتصاد إلى أن الحكومة تخطط لتراجع العملة، إذ تتوقع أن يبلغ متوسط سعر الروبل الروسي مقابل الدولار الأميركي 96.5 خلال 2025 بالمقارنة بـ91.2 العام الحالي.
أوضح دميتري بولوفي، مدير الاستثمار في شركة "أسترا أسيت مانجمنت" (Astra Asset Management) التي يقع مقرها في موسكو، أن ضعف الروبل الأخير يعكس الصعوبات التي يواجهها المستوردون والمصدرون في تسوية المدفوعات التجارية الخارجية.
خلال يونيو الماضي، صعّدت الولايات المتحدة الأميركية تهديدات فرض عقوبات ثانوية على البنوك الموجودة لدى شركاء روسيا التجاريين الرئيسيين. كما تواجه الشركات صعوبات متزايدة في تنفيذ عمليات المدفوعات. وتحصل الشركات حالياً على عملات أجنبية أقل، كما تجد صعوبة أكبر في إعادتها إلى روسيا من أماكن على غرار الصين وتركيا.
ردت الحكومة الروسية بتخفيف التدابير المفروضة لدعم الروبل. وأصدرت أمراً يوم الجمعة الماضي بخفض التحويل الإلزامي لحصيلة الصادرات من 50% إلى 25%. وسبق ذلك قرارات بتخفيض متطلبات إعادة العائدات إلى 60% في يونيو الماضي ثم إلى 40% خلال الشهر التالي.
احتياجات المصدرين في روسيا
ذكرت ناتاليا ميلتشاكوفا، محللة في شركة "فريدوم فاينانس غلوبال" (Freedom Finance Global) في كازاخستان: "الحكومة مجبرة على التكيف مع احتياجات المصدرين".
وانهارت مبيعات العملة من قبل أكبر المصدرين الروس بنسبة 30% خلال سبتمبر الماضي بالمقارنة مع الشهر السابق، إذ أُجريت نسبة أكبر من التسويات بالروبل، وفق بيانات البنك المركزي الروسي.
تراجع الروبل إلى 120 مقابل الدولار الأميركي تقريباً بعد بدء الحرب مباشرة، لكنه تعافى بسرعة بعد أن رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 20% في ارتفاع طارئ قبل أن يقلصه تدريجياً.
في الوقت الحاضر، مع عودة سعر الفائدة إلى 19%، قد يعود إلى مستوى الذرورة المشار إليه أعلاه عندما يجتمع صناع السياسات النقدية الأسبوع المقبل، بينما يسعى البنك المركزي إلى تهدئة الاقتصاد الروسي مفرط النشاط جراء الحرب وكبح التضخم المتسارع الذي يتجاوز ضعف هدفه البالغ 4%.
وسيتعين على البنك استخدام أدوات السياسات النقدية لتعويض الأضرار المصاحبة لضعف الروبل، والتي تؤدي إلى ارتفاع التضخم، وفق تحليل ميلتشاكوفا.
اختتم فيوغين بأن انخفاض سعر الصرف هو أمر مفيد دائماً بالنسبة لميزانية الدولة.