نمت شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية (TSMC) بهدوء، ووصلت إلى مكانة بارزة عالمياً من خلال كونها الشركة الرائدة في تكنولوجيا تصنيع الرقائق.
وخلال الأسبوع الماضي، تضاعفت قيمة الشركة من خلال الإعلان عن خطة إنفاق قياسية بقيمة 30 مليار دولار، مع شيكات أكبر ستكتب العام المقبل، ثمناً للمعدَّات المطلوبة لصنع الرقائق الأكثر تقدُّماً في العالم.
ويدخل الطلب على المكوِّنات الإلكترونية مرحلة نمو مستدامٍ، إذ يقوم المزيد من الأشخاص ببثِّ المحتوى عبر الإنترنت، وتسمح الشركات للموظفين بالعمل من المنزل، ويتمُّ طرح أجهزة وشبكات الجيل الخامس المحمولة.
من خلال 10 رسوم بيانية، سنوضِّح بعض المقاييس الرئيسية في مورد "آبل"، و"كوالكوم"، و"إنفيديا"، وعشرات الشركات الأخرى، وهي الشركة التي يقع مقرُّها في هسينشو.
تُظهر البيانات أنَّه برغم ارتفاع الإنفاق ومتوسط الأسعار، فإنَّ شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات، ومساهميها - يتحمَّلون عبئاً أكبر على المدى القصير. وتراهن الشركة على مكافآت كبيرة في نهاية فورة الإنفاق، ولكن هناك الكثير من المخاطر التي يجب مواجهتها أيضاً.
التوسع المستمر ليس قاعدة بالنسبة لـ"تي إس إم سي"
في الواقع، وعند النظر إلى الناتج الفعلي - المُقاس بالرقائق - كانت هناك فترات عديدة من الركود، بل حتى الانحدار، إذ يتضاءل الاقتصاد العالمي ويخبو. كما يمكن لهذا أن يحدث برغم التقدُّم التكنولوجي الذي وصل إلى مستويات جديدة.
التفوق التكنولوجي هو ما يحافظ على ارتفاع الإيرادات
من خلال تقديم أفضل قدرة تصنيعية في العالم دائماً، يمكن للشركة الحفاظ على ارتفاع الأسعار حتى مع تأخر المنافسين.
على سبيل المقارنة، بالكاد نجح المسبك التايواني "يوناتيد مايكرو إيلكترونكس كورب" (United Microelectronics Corp) في رفع الأسعار على مدى السنوات الخمس الماضية، لأنَّ الضغط التنافسي والتكنولوجيا الرديئة لا يمنحانه مجالاً للمناورة.
تعدُّ الأجهزة المتصلة بالإنترنت والخوادم التي تديرها مجالات نمو كبيرة. وبرغم شكاوى صناعة السيارات الأخيرة بشأن نقص المكوِّنات الذي يضر بإنتاج شركات صناعة السيارات، فإنَّ هذا القطاع ببساطة لم يواكب التطور.
تستمر الهواتف الذكية في السيطرة على أعلى مستويات الإيرادات والنمو في "تي إس إم سي"، مع مساهمة الحوسبة عالية الأداء، مثل الخوادم، ومحطات الهواتف المحمولة بقوة.
وبالكاد تظهر السيارات في هذا المجال، كما تراجعت الإلكترونيات الاستهلاكية الرقمية، التي تشمل أجهزة التلفزيون، والكاميرات الرقمية، في السنوات الأخيرة.
يأتي الإنفاق الرأسمالي في فترات الذروة والانخفاضات التي تدوم حوالي خمس سنوات. ونحن الآن في السنة الثالثة من دورة أخرى محتملة بالنسبة لـ "تي إس إم سي".
وتزامنت الارتفاعات السابقة مع الطفرة في أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية، وكلاهما كان من العوامل الرئيسية للطلب على أشباه الموصلات. هذه المرة، من المحتمل أن نرى الكثير من الرقائق مخبأة في مزارع الخوادم، ومحطات قواعد الهواتف المحمول.
ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الأموال، في شكل ديون، لتمويل التوسُّع الحالي، إذ تمتص فاتورة الإنفاق الضخمة التدفق النقدي التشغيلي.
ومع السندات مستحقة الدفع في نهاية مارس بقيمة أقل من 10 مليار دولار، و14.3 فقط نسبة الدين إلى حقوق الملكية طويلة الأجل؛ فإنَّ الشركة لديها مجال كبير للاقتراض.
وبالمقارنة، فإنَّ منافستها الأمريكية "إنتل كورب" - التي أعلنت للتوِّ عن انتقالها إلى أعمال سبك المعادن - لديها ديون طويلة الأجل بقيمة 34 مليار دولار، ونسبة أعلى بثلاثة أضعاف، تصل إلى 42.3.
التكاليف المرتفعة ستؤذي الهوامش لأنَّ الاستهلاك عنصر رئيسي في النفقات. من المحتمل أنَّنا وصلنا إلى الذروة على المدى القريب مع تآكل في أرباع قليلة، إذ يؤدي الارتفاع المفاجئ في الإنفاق إلى ارتفاع التكاليف.
قد يتمُّ تخفيف ذلك من خلال الإيرادات طويلة الأجل الأقوى التي تنبَّأت بها الشركة.
يمكن أن تؤدي تقلُّبات العملات الأجنبية إلى الإضرار بالأرباح أو مساعدتها. وصرَّحت "تي إس إم سي" سابقاً أنَّ كل ارتفاع بنسبة 1% في الدولار التايواني يضر بالهامش الإجمالي بحوالي 40 نقطة أساس.
قد يزداد هذا الأمر سوءاً بعد أن ألمح تقرير وزارة الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي إلى أنَّه قد يضغط على البنك المركزي التايواني للسماح لعملته بالارتفاع.
ارتفاع سعر سهم "تي إس إم سي" يضغط على عائد توزيعات الأرباح. وقد يمثِّل هذا في نهاية المطاف قضية مهمة، لأنَّ أرباح الشركة الثابتة والمربحة كانت بمثابة نقطة جذب لبعض مديري الصناديق.
الطبيعة الأم أقوى حتى من أقوى الشركات، ويتطلَّب تصنيع الرقائق الكثير من المياه، وتواجه تايوان جفافاً حاداً بعد أن أدَّى تراجع عدد الأعاصير في العام الماضي إلى عدم امتلاء خزانات الجزيرة.
نظراً لأنَّ الأضواء العالمية مسلَّطة على "تي إس إم سي"، وتتمتَّع بثقة متجددة بسبب أنَّ التكنولوجيا والخدمات التي تقدِّمها ستكون موضع طلب هائل بعد سنوات عديدة، سيحتاج المستثمرون إلى مراقبة جميع الأجزاء المتحرِّكة التي تؤكِّد نقاط قوة الشركة، وتكشف نقاط ضعفها عن كثب.
وهناك احتمال جيد ألا تكون فورة الإنفاق هذه مربحة مثل السنوات القليلة الماضية.