بلومبرغ
استقبلت بورصة "ناسداك"، الإدراج المباشر لشركة "كوين بيس"، وهو حدث لم تشهده مطلقاً من ذي قبل.
وظهرت "كوين بيس" أكبر منصة أمريكية للعملات المشفرة، لأوَّل مرة أمس الأربعاء ، على شاشات بورصة "ناسداك" من خلال إدراج مباشر، (البديل للطرح العام الأولي التقليدي)، وهو أمر يحدث قليلاً في الإدراج المباشر، إذ تبيع الشركة الأسهم مباشرة للمستثمرين دون الحصول على مساعدة من الوسطاء.
وبرغم أنَّ شركات مثل "سلاك"، و "بالانتير تكنولوجيز"، ومؤخراً "روبلوكس" كلها مدرجة في بورصة نيويورك، إلا أنَّ "كوين بيس" اختارت بورصة "ناسداك" المشهورة بتداول أسهم الشركات العاملة في القطاع التكنولوجي.
وحدَّدت بورصة "ناسداك" يوم الثلاثاء الماضي سعراً مرجعياً قدره 250 دولاراً لإدارج سهم " كوين بيس" بشكل مباشر، وهو سعر السهم المطلوب لبدء التداول، لكنَّه ليس مؤشراً مباشراً للقيمة السوقية المحتملة للشركة.
وجرى تداول أسهم شركة "كوين بيس"عند تقييم يقارب 90 مليار دولار في مطلع مارس، بحسب ما أفادت "بلومبرغ" حينذاك، فيما كانت إحدى الفرص الأخيرة للمستثمرين لتداول أسهمها قبل إدراجها المباشر في مؤشر "ناسداك".
ووفق التقييم، المستند إلى 350 دولاراً للسهم الذي تمَّ تداول السهم به في سوق "ناسداك" الخاص، سيجعلها أكبر شركة تسلك طريق الإدراج المباشر إلى السوق. ومقابل 250 دولاراً للسهم، ستبلغ القيمة السوقية لــ"كوين بيس" حوالي 47 مليار دولار بناء على الأسهم القائمة المدرجة في نشرة الإصدار.
ومع ذلك، من المحتمل تنفيذ القليل من التعاملات مقابل ذاك السعر. ويبدأ التداول على أسهم الشركات المدرَجة بشكل مباشر، وهي حتى الآن أعلى بكثير من السعر المرجعي، إذ بدأ تداول أسهم " روبلوكس" مقابل 64 دولاراً، مما يعادل 42% أعلى من السعر المرجعي الذي حدَّدته البورصة.
وغرَّد باري سيلبرت، مؤسس " ديجيتال كرنسي" ، الذي بنى إمبراطورية في عالم العملات المشفرة يوم الثلاثاء الماضي أنَّ أسهمه لن تتغيَّر بالتأكيد بتلك النسبة.
معركة ناسداك
وشهدت "ناسداك" عمليات إدراج مباشرة أصغر حجماً لشركات التأمين والتكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الحيوية، دون أن تشهد عملية إدراج مباشر أكبر حجماً مثل " كويس بيس" من قبل.
وقال مصدر مطَّلع على الأمر، إنَّ قدرة بورصة " ناسداك" على توفير سوق خاص للأسهم، فضلاً عن خدماتها التي تساعد الشركات المطروحة، على الوصول إلى المستثمرين، من بين نقاط مصادر قوتها.
وعلى نحو ملائم بالنسبة لشركة قالت في مايو 2020، إنَّها تلتزم بثقافة العمل "عن بعد أولاً"، ولم توضِّح مقرَّها في ملف الإفصاح الخاص بها، لأنَّ اجتماعات " كوين بيس" مع "ناسداك" قد جرت افتراضياً، وفق المصدر المطَّلع. وامتنع متحدِّثون رسميون من "كوين بيس"، و"ناسداك" عن التعليق.
وفي الإدراج المباشر، يبدأ تداول أسهم الشركة دون إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس المال. ويؤدي ذلك إلى تجنُّب إضعاف الأسهم. وأيضاً؛ على عكس الطرح العام الأولي التقليدي، غالباً ما يسمح للمستثمرين الحاليين بالشركة بالتعامل على أسهمهم في السوق دون انتظار انتهاء فترة الحظر، التي تستغرق عادة ستة أشهر.
ويمثِّل جذب " كوين بيس" بمثابة مكسب لـ "ناسداك"، التي اكتسبت معركتها على مدار سنوات لنيل حصة أكبر من عمليات الإدراج الضخمة زخماً في 2020. وكان نصف أكبر 10 اكتتابات عامة في الولايات المتحدة، باستثناء شركات الشيكات على بياض، من نصيب بورصة "ناسداك"، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
وشمل ذلك ثالث أكبر طرح عام أولي لشركة "اير بي ان بي"(Airbnb Inc) بقيمة 3.8 مليار دولار في ديسمبر 2020 ، الذي كان أكبر إدراج في بورصة "ناسداك" منذ طرح شركة " فيسبوك" البالغ قيمتها 16 مليار دولار في عام 2012.
الشركات الناشئة
ووضع برايان أرمسترونغ الرئيس التنفيذي لشركة "كوين بيس" ثقته في البورصة، وأطلق الشركة مع فريد إهرسام في عام 2012. وفي ذلك الوقت، كان القليل من الناس قد سمعوا عن "بتكوين"، وكان العديد من بورصات العملات المشفرة يديرها هواة من مرآبهم ومنازلهم.
وعلى عكس معظم المنافسين، قرر مؤسسو "كوين بيس" دائماً الامتثال للقواعد التنظيمية الصارمة باعتبارها حجر زاوية لنشاطهم، مما ساعد البورصة على النمو في الولايات المتحدة، إذ يوجد العديد من المتداولين والمستثمرين الأوائل في عملة "بتكوين".
وترك "إهرسام" الشركة في عام 2017، ويستثمر حالياً في الشركات الناشئة العاملة بمجال العملات المشفرة. ويمتلك كلٌّ من أرمسترونغ وإهرسام حصصاً كبيرة من "كوين بيس" بواقع حوالي 15 مليار دولار، وحوالي 2 مليار دولار على التوالي.
وجرى تداول أسهم "كوين بيس" في البورصة في اليوم التالي، لصعود " بتكوين" التي شكَّلت مع "إيثريوم" 56% من حجم التداول لديها في عام 2020، إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. وبلغت قيمة العملة الرقمية "بتكوين" 63246 دولاراً يوم الثلاثاء الماضي، متجاوزة الذروة السابقة التي سجَّلتها في مارس.
كما ارتفعت أسهم الشركات المنكشفة على العملات المشفرة مثل "ريوت بلوكتشين"، و"ماراثون ديجيتال هولدنغز".
وبفضل الازدهار، قالت "كوين بيس" الأسبوع الماضي، إنَّها تتوقَّع أن تتراوح أرباحها في الربع الأول من 2021 بين 730 مليون دولار، و800 مليون دولار، أي أكثر من ضعف ما حققته في 2020 كاملاً.
وقال باري شولر، المؤسس المشارك في شركة "دي إف جيه جروث" العالمية لرأسمال المغامر، التي تستثمر في "كوين بيس"، وكان حتى العام الماضي عضواً في مجلس إدارة الأخيرة، إنَّهم " يعتزمون تأسيس شركة خدمات مالية كاملة.. تكون على غرار "غولدمان ساكس"، أو "مورغان ستانلي"، وتعمل في مجال العملات المشفرة".
المتشككون والمؤيديون
ولم يمر النمو السريع الذي حقَّقته الشركة دون مسائل خلافية، بما في ذلك الانقطاعات المتكررة خلال فترات التداول المكثف والقيود الجديدة التي وضعها أرمسترونغ بشأن مناقشات الموظفين إزاء مسائل السياسة في الخريف الماضي.
وفي مارس، توصَّلت "كوين بيس" لتسوية مع لجنة تداول السلع الآجلة مقابل 6.5 مليون دولار، بعد أن قالت الوكالة الأمريكية، إنَّ الشركة قدَّمت بيانات غير دقيقة حول المعاملات، وإنَّ موظفاً سابقاً شارك في صفقات غير سليمة.
ويوجد متشككون في جدوى العملات المشفرة، وكذلك الجهات التنظيمية في جميع أنحاء العالم التي تصعد عمليات الرقابة، وتشكِّك في فائدة " بتكوين" باعتبارها عملة.
ووصفت إيزابيل شنابل عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي في مقابلة خلال الشهر الجاري مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية، "بتكوين" بأنَّها "أصل يتعرَّض للمضاربة بدون أيِّ قيمة أساسية يمكن إدراكها". وتختلف وجهة نظر المستثمرين الأوائل في " كوين بيس" عما يراه المتشكِّكون في جدوى العملات المشفرة.
وقال غاري تان ، المؤسس والشريك الإداري في (Initialized Capital)، صندوق رأس مال مغامر، ومن أوَّل المستثمرين في "كوين بيس" في مقابلة مع تلفزيون
"بلومبرغ" يوم الثلاثاء: "أعتقد أنَّ "كوين بيس" بمثابة "مايكروسوفت"، أو "نتسكيب" أو "غوغل"، أو "فيسبوك" خلال العقد الحالي". وأضاف: "عندما يفكر الناس فيما إذا كانوا سيستثمرون في "كوين بيس"، ينبغي تصغير المشهد، والتفكير فيما يعنيه عالم العملات المشفرة للمجتمع من هنا".