بلومبرغ
تتوقع حكومة النرويج، التي تشرف على أكبر صندوق سيادي في العالم، أن تهيمن القضايا المناخية والاجتماعية على قرارات الاستثمار في العقود المقبلة.
وقال وزير المالية النرويجي "جان توري سانر" في مقابلة أمس الجمعة: "هناك توقعات متزايدة، ليس فقط في النرويج، ولكن على الصعيد الدولي بأنه سيكون هناك مستوى عال من الوعي الأخلاقي".
وأضاف "يتعين أن نحقق أعلى عائد ممكن على أموالنا، لكننا نريد أيضا أن نعرف أنه يتم استثمارها بطريقة مسؤولة".
وأدلى الوزير النرويجي بتصريحاته بعد فترة وجيزة من الكشف عن مجموعة جديدة من المبادئ التوجيهية التي يمكن أن تجبر الصندوق على التخلص من حوالي 2200 استثمار، أو ما يقرب من ربع الشركات في محفظته. وتريد حكومة النرويج أيضا أن يتوقف الصندوق عن إضافة الأسواق الناشئة إلى محفظته الاستثمارية.
وقت ضيق
وتمثل تصريحات الوزير النرويجي أحدث علامة على أن المؤسسات الاستثمارية لا تستطيع تجاهل الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة.
ويسير جدول الأعمال وفق الاتجاه السائد إذ يدرك المستثمرون والسياسيون أن الوقت يداهمهم لمنع الارتفاع الخطير في درجات الحرارة الذي سيجعل أجزاء كبيرة من الكوكب غير صالحة للسكن للأجيال القادمة.
وقال "سانر" إن الهدف هو "زيادة الكفاءة المتعلقة بمخاطر المناخ، وفرص الاستثمار، والعواقب المرتبطة بالتحول إلى مجتمع منخفض الانبعاثات.. وربما سيكون هذا أهم شرط لإطار العمل لكبرى المؤسسات الاستثمارية في السنوات العشر إلى العشرين القادمة".
وتحاول أكبر دولة نفطية في أوروبا الغربية حاليا استخدام صندوقها السيادي لتوجيه الكوكب نحو مستقبل أكثر ملائمة للبيئة.
وقال الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي النرويجي نيكولاي تانجين، إنه سيستخدم نفوذه لمحاولة إجبار الشركات على التصرف بمسؤولية أكبر.
وبموجب اقتراح وزير المالية النرويجي، الذي لا يزال بحاجة إلى موافقة البرلمان، سيجري تقليص ما بين 25-30% من أسهم الشركات في المحفظة الاستثمارية للصندوق. وعلى الرغم من أن النسبة تبدو كبيرة، إلا أنها لا تمثل سوى حوالي 2% من إجمالي القيمة السوقية للصندوق.
ويقول وزير المالية النرويجي إنه يريد تجنب الاستثمارات في الأسواق الناشئة الجديدة لأنها تتميز غالبا بضعف المؤسسات، وقلة الشفافية، وضعف الحماية لمصالح المستثمرين الأقلية. وقال سانر إن التغييرات ستجعل إدارة المحفظة الضخمة أسهل، وتقلل من التعقيد والمخاطر.
إرشادات أخلاقية صارمة
واتبع الصندوق، الذي حقق عوائد بنسبة 10.9% أو 123 مليار دولار، على إجمالي استثماراته في 2020، إرشادات أخلاقية صارمة، بما في ذلك حظر التعامل على أسلحة معينة، والتبغ، أو مشروعات مرتبطة بالفحم منذ عام 2004.
وقررت الحكومة النرويجية في عام 2019 مراجعة تلك المعايير، والتي تشمل سلوك حقوق الإنسان وتغير المناخ.
وبموجب تفويض الصندوق، يحتاج البنك المركزي، المسؤول عن إدارة الصندوق السيادي، إلى الموافقة على جميع الأسواق التي يستثمر فيها، بما في ذلك تلك الموجودة في المؤشر القياسي الذي حددته وزارة المالية.
وقال سانر: "تقليل عدد الشركات سيكون له تأثير ضئيل على العلاقة بين المخاطرة والعائد، ولكنه قد يحسن من إمكانية الإدارة المسؤولة، وذلك بسبب وجود عدد أقل من الشركات، ولكن أيضا بسبب قلة المعلومات حول الشركات الأصغر حجما".
وقال مجلس الأخلاقيات بالصندوق السيادي الشهر الماضي إنه سيبدأ تحقيقا في ممارسات مثيرة للشكوك تتعلق بحقوق العمال، تغطي منطقة جغرافية واسعة تمتد من دول الخليج إلى جنوب شرق آسيا.
التوازن بين الجنسين
وقد يؤدي التحقيق، الذي ستقوم به شركة " فيرتي" Verité"، إلى إصدار توصيات للصندوق لسحب الاستثمارات من تلك الشركات.
وفي فبراير، قال الصندوق إنه يريد من الشركات التي يستثمر فيها أن تتوافق مع أهداف واضحة للتنوع بين الجنسين.
ويجب على المجالس التي تشكل فيها النساء أقل من 30% من إجمالي القوة العاملة النظر في تحديد أهداف للتنوع بين الجنسين، وفقا لورقة بحثية منشورة في 15 فبراير.
وتتجسد الفكرة في محاولة إنهاء "التمثيل المنخفض المستمر" للنساء في مجالس إدارة الشركات.
وقال سانر: "إن ما يحدث بمثابة تطوير إضافي لجميع الإستراتيجيات الخاصة بالصندوق، إذ يتطلب الأمر تحقيق أعلى عائد ممكن مقابل مخاطر مقبولة، وتوافر مستوى مرتفع من الوعي الأخلاقي، وشفافية في عمليات الإدارة".