بلومبرغ
تشهد أسعار المقتنيات الرقمية -مثل التذكارات الفنية والرياضية- تراجعاً حاداً يدفع باتجاه مراجعة احتمالات ما إذا كان السوق الناشئ لما يعرف بالرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال مجرد هوس عابر.
وانخفض متوسط أسعار الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال، وخاصة الشهادات الرقمية القابلة للتداول، والتي تستخدم تقنية البلوك تشين لإثبات ملكية الأصول عبر الإنترنت بنحو 70% من أعلى مستوى وصلت إليه في فبراير الماضي، عندما سجلت ما يقرب من 1400 دولار، وفقاً لموقع "Nonfungible.com"، الذي يتتبع أسعار مجموعة متنوعة من أسواق تداول الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال.
وبلغ الاهتمام المتزايد بالرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال ذروته الشهر الماضي، بعد بيع لوحة فنية لـ"بيبل" مقابل 69.3 مليون دولار. وقد أثارت الصفقة وقيمتها الجدل بين فريقين، يرى الأول أن الزخم الذي تشهده الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال يدعمه فائض السيولة لدى المستثمرين، وسط عالم مليء بالتحفيز، ولذلك سوف تتلاشى في المستقبل. بينما يرى الفريق الآخر وأغلبهم من المهتمين بالتكنولوجيا، أن استخدام تقنية البلوك تشين سوف تساهم في خلق ندرة للمقتنيات الرقمية التي تعد ابتكاراً سيدوم في المستقبل ولن يتلاشى.
وقال كريس ويلمر، الأكاديمي في جامعة بيتسبرغ وعضو مجلس تحرير صحيفة أبحاث البلوكتشين: "منطقياً لا ينطبق وصف الفقاعة المالية في تلك الحالة". وأضاف ويلمر: "الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال ليست فقاعة مثلها مثل العملات المشفرة، فقد يكون هناك هوس وزخم غير منطقي، ولكن من الواضح أن العملات المشفرة وجدت لتبقى على المدى الطويل وكذلك الرموز المشفرة".
بداية الهوس
ظهرت مبيعات الأصول الرقمية التي تعتمد على تقنية البلوك تشين في العام 2018، عندما دفع 10 من جامعي المقتنيات مليون دولار مقابل صورة رقمية لوردة. وقد تطور الأمر حيث يتم اليوم تداول التغريدات ومقاطع البيسبول، وحتى الشخصيات الرقمية الكوميدية، على أنها رموز مشفرة غير قابلة للاستبدال.
وتتطلع شركات إلى التوسع في إطلاق منصات لتلك التكنولوجيا. حيث أشارت كاثلين بريتمان، الشريك المؤسس لمنصة "بلوك تشين تيزوس" (blockchain Tezos)، إلى أنه في الوقت الذي تبدو فيه الفنون الرقمية "سطحية"، لكن الموسيقى والأفلام قد تمثل مشاريع دائمة للرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال، في الوقت الذي تظهر فيه بعض التساؤلات حول استخدام الرموز المشفرة غير قابلة للاستبدال مقابل الإقراض.
وبدأ الباحثون أيضاً دراسة إمكانية ارتباط الرموز المشفرة غير قابلة للاستبدال، ولو بنسبة طفيفة، باستثمارات أخرى، بما في ذلك العملات المشفرة، مثل البتكوين ،في إشارة إلى إمكانية أن يكون لتلك الرموز تواجد محتمل ومثير للجدل في استخدامها لتنويع المحفظة الاستثمارية.
ولكن في الوقت نفسه فإن الرموز المشفرة غير قابلة للاستبدال ليست خالية من المخاطر سواء كان ذلك بسبب الانخفاضات المتزايدة في الأسعار أو ما يعرف بالتداولات المغسولة - الصفقات التي تبدو حقيقية ويتم إجراؤها فعلياً من قبل مجموعات صغيرة لخلق طلب وهمي - أو الاحتيال الواضح.
"المحتالون"
قال ويلمر من جامعة بيتسبرغ: "على الرغم من أن التشفير المستخدم في الأعمال الفنية ذات الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال يسهل إمكانية التحقق من المصدر، إلا أنه لا يزال من السهل أن يحدث خداع بالتزوير، إذا لم يتمتع المستخدم بالخبرة الكافية أو لعدم معرفته بطريقة مصادقة العمل الفني بشكل آمن". وأضاف ويلمر: "أتوقع رؤية الكثير من المحتالين الذين يسعون لاستغلال ذلك".
وعلى الرغم من تراجع أحجام التداول ومتوسط الأسعار مقارنة بالمستويات القياسية الأخيرة، إلا أن بيانات التداولات تشير إلى العديد من الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال، التي لا تزال تسجل مكاسب كبيرة خلال العام 2021. حيث ارتفعت القيمة السوقية لـ "38 NFTs" التي تتبعها "كوين ماركت كاب" (CoinMarketCap) بأكثر من ثمانية أضعاف خلال الربع الأول لتصل إلى 22.5 مليار دولار.
وسوف يتحدد مع الوقت ما إذا كانت طفرة الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال قد تقلصت، أو ما إذا كان ذلك التذبذب يمثل جزءاً من سوق جديد يمر بفترة من استكشاف الأسعار. ويرى البعض أن الوباء وعمليات الإغلاق التي أعقبته قد سرعت تلك التغيرات.
وقالت بيرنا بيرشاي، المحللة في "إمباير فاينانشال ريسيرش" Empire Financial) Research): "الاهتمام بتراكم المقتنيات الشخصية وامتلاك الأصول الرقمية يتزايد منذ سنوات". وأضاف بيرشاي: "مع قضاء الكثير من الوقت على الإنترنت العام الماضي، من المحتمل أن تكون الرغبة في امتلاك الأصول الرقمية قد تسارعت، وقفزت عدة سنوات إلى الأمام بسبب جائحة كورونا".