بلومبرغ
شهد نشاط الطروحات الأولية في آسيا أقوى بداية له في عام على الإطلاق، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة، ولكن يُرجح أن تهدأ نوبة الطروحات الجديدة للأسهم مع هبوط الطلب في الأشهر القليلة المقبلة.
وحققت الشركات الآسيوية، مثل نظيراتها العالمية، أفضل ربع أول من الإدراجات على الإطلاق بدعم فيضان السيولة خلال الوباء، وأسعار الفائدة شديدة الانخفاض، وأسواق الأسهم الصاعدة، وجمعت الشركات 49.3 مليار دولار خلال من مبيعات الطروحات الأولية في الداخل والخارج، في قفزة بنسبة 154% مقارنة بنفس الفترة في 2020، حسبما أظهرت بيانات جمعتها "بلومبرغ".
وجمعت الطروحات الأولية عالميا رقما غير مسبوق بلغ 215 مليار دولار، وجاء نصف هذا المبلغ تقريبا من الموجة القياسية للإصدار من قبل شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في الولايات المتحدة.
والآن، يخيم على آفاق الصفقات الجديدة التحول العالمي عن شركات التكنولوجيا مرتفعة التقييمات وأسهم الرعاية الصحية التي سيطرت على نشاط السوق، بجانب فتور الحماسة حول شركات الشيك على بياض في الولايات المتحدة.
تحديات على الطريق
وقال ويليام سمايلي، المدير المشترك لأسواق الأسهم في آسيا باستثناء اليابان في "غولدمان ساكس غروب": "حتما، هناك حالة إعادة تقييم في السوق لتعكس القيم العادلة.. وفيما يتعلق بطروحاتنا قيد الإعداد، لم يكن هناك أي تأثير كبير من التحول الجاري في السوق، ولكن ربما تتباطأ الإصدارات الانتهازية التي تعتمد فقط على التقييمات المرتفعة للقطاعات".
ويواجه نشاط الطرح الأولي في آسيا تحدياً آخر يتمثل في متاعب شركات التكنولوجيا الصينية التي تهيمن على جمع التمويل في المنطقة، وتجابه تلك الشركات حملة على الممارسات الاحتكارية في الصين، كما أنها محط تركيز مع تصاعد التوترات الأمريكية الصينية، وعلى سبيل المثال، بدأت الولايات المتحدة الشهر الماضي تطبيق قانون من شأنه أن يُخرج الشركات الصينية التي لا تتماشى مع معايير التدقيق المحاسبي الأمريكي من البورصات الأمريكية.
وارتفعت الرايات الحمراء بالفعل مع زوال نوبة الإقبال المجنون من قبل المستثمرين أوائل العام الجاري على صفقات مثل طرح منافسة "تيك توك" الصينية "كوايشو تكنولوجي" (Kuaishou Technology).
وسجلت شركة التكنولوجيا المالية الصينية "بايرونغ إنك" ( Bairong Inc)، والتي جمعت 507 ملايين دولار، أسوأ بداية في ثلاثة سنوات بين طروحات هونغ كونغ التي تزيد على 500 مليون دولار عندما تراجعت بنسبة 16% يوم الأربعاء، وجمعت عملاقة البحث الصينية "بايدو إنك" المدرجة في البورصة الأمريكية، وشركة خدمات بث الفيديو "بيلي بيلي إنك" (Bilibili Inc) مجتمعتان 5.7 مليار دولار من خلال طروحات ثانوية في هونغ كونغ في مارس ولكن شهدت أداء أوليا باهتا.
وعلى النقيض، تدافع المستثمرون للحصول على قطعة من "كوايشو" في طرحها الأولي في هونغ كونغ بقيمة 6.2 مليار دولار، وهو أكبر إدراج عالمي حتى الآن العام الجاري، وكذلك أقبلوا على طرح عملاقة التجارة الإلكترونية الكورية الجنوبية "كوبانغ إنك" (Coupang Inc) بقيمة 4.6 مليار دولار.
غربلة صحية
ورغم تراجع شهية المستثمرين على الطروحات الأولية، فقد لا يؤثر ذلك على صفوف الساعين لجمع تمويلات.
وتعد شركة الموسيقى عبر الإنترنت "تينسنت ميوزيك انترتينمنت غروب" (Tencent Music Entertainment Group)، وشركة خدمات التدوين القصير "ويبو كورب" (Weibo Corp)، وشركة خدمات السفر "تريب دوت كوم غروب ليمتد" من بين الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، ولكن تسعى لما يعرف بإدراج "العودة للوطن" في هونغ كونغ، وجمعت هذه الطروحات الثانوية - التي ينظر إليها على أنها بمثابة تحوط من التوترات الصينية الأمريكية - 17 مليار دولار في هونغ كونغ العام الماضي، و6.4 مليار دولار حتى الآن في 2021.
وقال فرانشيسكو لافاتيلي، مدير أسواق الأسهم لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في "جى بي مورغان تشايس آند كو": "سيستمر اتجاه الطروحات الثانوية، ولكن ما هو أكثر إثارة للاهتمام هو رؤية ما إذا كان المصدرون الجدد الذين يرغبون في إدراج مزدوج سيسعون من البداية لطرح أولي مزدوج في هونغ كونغ والولايات المتحدة أم سيجرون طرحا أوليا في الولايات المتحدة ثم ينتظرون عامين ويأتون إلى هونغ كونغ لطرح ثانوي".
ويقول المصرفيون إن شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية تشكل أغلب الشركات قيد الإعداد للطرح في آسيا، وحتى بدون فرقة "العائدين للوطن"، مالت أغلبها للطرح في الولايات المتحدة بسبب إلمام قاعدة المستثمرين الأمريكيين بقدر أكبر بالأسهم الاقتصادية الجديدة (التي تقدم حلولا مبتكرة أسرع وأسهل لتبادل الخدمات وكذلك أقل تكلفة)، ومن بينهم شركة الرعاية الصحية الناشئة "وي دكتور" (WeDoctor) التي تخطط لطرح أولي للمكتتبين متعددي المليارات في هونغ كونغ، والشركة الصينية المماثلة لـ"أوبر" وهي "فول تراك أليانس" (Full Truck Alliance)، التي تبحث طرحا أمريكيا بقيمة مليار دولار.
وقال تاكر هايفيلد، المدير المشترك لأسواق رأس المال في منطقة آسيا والمحيط الهادي في "بنك أوف أمريكا كورب": "لا تزال الطروحات قيد الإعداد قوية، ولكن تتركز حول التكنولوجيا وأسهم النمو والتي شهدت القليل من إعادة التصنيف من قبل المحللين.. وستظل الشركات الجيدة قادرة على مقاومة اتجاه التقلبات، وسيستمر توافر رأس المال".
وأضاف، ربما تكون التقييمات الأقل في الأسواق وهدوء جنون المستثمرين بشأن الطروحات الأولية أمورا مرحبا بها.
وقال سمايلي: "لا يعد الدخول في بيئة سوقية أكثر توازنا أمرا سيئا، بل قد يساعد دورة الإصدار على الاستمرار ويضبط التقييمات المفرطة.. وإذا كانت هناك حركة تصحيح، فنتمنى أن تكون سريعة، لأن الهبوط المطول يقتل الإصدارات".