مواقع البناء المهجورة في الصين تخفف طلبها على النفط

تعد تلك أخباراً جيدة بالنسبة للمناخ ولكنها سيئة لمن يعتمدون على أن عطش بكين للنفط الخام لن يرتوي أبداً

time reading iconدقائق القراءة - 9
توقف البناء في شوتشو بمقاطعة جيانغسو بالصين - الشرق/بلومبرغ
توقف البناء في شوتشو بمقاطعة جيانغسو بالصين - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لم تتحقق الزيادة في الطلب من الصين التي كان قطاع النفط ينتظرها طوال العام. وحتى نأخذ فكرة عن أسباب ذلك ينبغي أن نضع في اعتبارنا أن مساحة المباني التي أُنشئت في البلاد خلال الأشهر الستة حتى نهاية يونيو الماضي، هي أقل مساحة منذ عام 2009.

ذلك التباطؤ الملحوظ في نشاط البناء يمثل مشكلة بالنسبة لصناعة الأسمنت، كما كتبنا قبل ذلك. لكن تأثيره يتردد أيضاً في سوق النفط بطرق لم يتم تقييمها بعد، لأن قطاع البناء في الصين واحد من أكثر القطاعات في العالم استهلاكاً لوقود الديزل، والمعروف أيضاً باسم زيت الغاز. 

سوف تنخفض الانبعاثات الصادرة عن جميع الشاحنات والحفارات ومولدات الكهرباء بالمواقع التي كانت تعمل بمعدلات عالية في السنوات الأخيرة، مع توقفها عن العمل واحدة بعد أخرى. 

هذه أخبار جيدة بالنسبة للمناخ، ولكنها سيئة لأي شخص كان يعول على أن عطش الصين للنفط الخام سيظل غير قابل للانخفاض في المستقبل كما كان خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

تستهلك ملايين محركات الديزل في الصين كمية أقل قليلاً من 4% من نفط العالم. ونتيجة لذلك، فإنها تنتج أكثر قليلاً من 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وهي بصمة مناخية مماثلة لبصمة فرنسا مع الدول الإسكندنافية مجتمعة. ومع ذلك، يبدو أن هذه الصناعة في مأزق، بناءً على مقياس تلو الآخر.

 

تراجع الطلب على زيت الغاز 

انخفض الطلب على زيت الغاز في يونيو بنسبة 11% عن الشهر نفسه من العام السابق، وفي شاندونغ تعمل مصافي التكرير الصغيرة والمستقلة -وهي مجموعة من المصافي التابعة للقطاع الخاص التي تركز على تحويل النفط الخام إلى ديزل- بنصف طاقتها بالكاد. وباستثناء الهزات التي حدثت في عامي 2020 و2022، عندما أدى الإغلاق الصارم بسبب كورونا إلى توقف الاقتصاد الوطني بشكل كبير، فإن هذا هو أسوأ أداء منذ ما يقرب من 10 سنوات.

الميزة الكبرى للديزل مقارنةً بالمنتجات البترولية الأخرى هي أن له مجموعة متنوعة من الاستخدامات. فالضوضاء والتعقيد والتلوث التي تتسم بها محركاته تعني أنه من النادر أن نراه في سيارات الركاب أو الدراجات النارية. ولكنه أكثر كفاءة من البنزين، من الناحيتين المالية والمناخية، في تحويل الطاقة الكيميائية إلى جهد، لذلك يفضله أي شخص يركز على النتيجة النهائية.

 

ومع ذلك، فإن المركبات والمحركات التي تستخدمه تعاني على جميع المقاييس. فمع تراجع نشاط البناء وازدهار إنتاج الفحم في عامي 2021 و2022، انخفض الإنتاج في النصف الأول من العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ عام 2017. (ارتفع هذا العام ارتفاعاً طفيفاً، لكنه لا يزال أقل من أي عام من الأعوام السبعة الماضية). وبالمثل، فإن قدرة المحركات ككل، التي تشمل جميع استخدامات الديزل وكذلك البنزين وزيت الوقود البحري، تعمل بمعدلات شوهدت آخر مرة في منتصف العقد الماضي.

الصورة الكاملة أسوأ

ربما تكون الصورة الكاملة أسوأ مما قد تدركه من مجرد حساب عدد المركبات والمحركات. ويرجع ذلك إلى أن تأثير الغاز الطبيعي والبطاريات يقلل بعمق من الهيمنة التقليدية لزيت الوقود على أنظمة نقل الحركة في المركبات الثقيلة. فحتى عام 2021، كانت جميع المركبات نصف المقطورة التي صنعت لنقل حمولات الشاحنات الكبيرة تعمل بالديزل باستثناء عدد قليل منها. 

حتى الآن هذا العام، حصة هذه المركبات بالكاد تتخطى 50%، حيث تستحوذ أنظمة نقل الحركة الكهربائية والغازية على حصة سوقية. كان العدد الإجمالي لشاحنات نصف المقطورة التي تعمل بالديزل التي تم إنتاجها حتى نهاية شهر يونيو هو الأقل في النصف الأول منذ عام 2015.

 

يقدّر مركز أبحاث الطاقة الذي تديره شركة "بتروتشاينا" أن ما بين 10% و12% من الطلب على البنزين والديزل في الصين قد تم استبداله بالفعل بالغاز الطبيعي والمركبات التي تعمل بالبطاريات. 

نقلت شركة "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights) مؤخراً عن مسؤول في شركة "بتروتشاينا" قوله إن استهلاك البلاد من الغاز والبترول بلغ ذروته العام الماضي، وسوف ينخفض بنسبة 5% في عام 2024.

مستقبل مضطرب 

حتى المحللين الأكثر تفاؤلاً يتوقعون مستقبلاً مضطرباً. إذ يرى هينيك فونج وتشيا تشين من "بلومبرغ إنتليجنس" أن استهلاك الديزل سينمو حتى عام 2027، لكنه سيتراجع بعد ذلك مع تحول الطاقة الذي سيقضي على أكثر من نصف الطلب الصيني على النفط بحلول عام 2050، إلى درجة أن البلاد قد تصبح مكتفية ذاتياً تقريباً من النفط الخام.

 

حتى في الوقت الذي تكافح فيه القيادة الصينية لتحقيق التحول الذي وعدت به منذ فترة طويلة من نموذج للنمو كثيف الكربون والاستثمارات إلى نموذج يركز على أنشطة استهلاكية أقل تلويثاً -مثل إيجاد أفضل مكان للتسوق لشراء الشاي بالحليب والتوفو العفن- فإن المستثمرين يفشلون في فهم مغزى ما يحدث.

ضعف الطلب من آسيا الذي أربك أسواق النفط خلال العام الماضي ليس مشكلة غامضة ولكنها مؤقتة. وبدلاً من ذلك، إنها علامة على نموذج اقتصادي بلغ نهايته، وسيكون له آثار مضاعفة مع انتشار أزمة قطاع البناء في جميع الصناعات التي كانت تغذي معدلات نموه الكبيرة.

رغم كل توقعات الطلب المستمر من قطاع النفط، كان إنتاج النفط الخام في العام الماضي أقل من مستوى ذروته في عام 2018 بحوالي مليون برميل يومياً. ونتوقع المزيد من ذلك.

استحوذت الصين على حوالي نصف الزيادة في استهلاك النفط حتى الآن في هذا القرن، وحصة كبيرة مماثلة من الانبعاثات الكربونية في العالم. ومع تعطل محركها الآن، يجب على العالم أن ينتبه إلى ذلك.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
NAMEالمؤشرVALUEقراءة المؤشرNET CHANGEالتغيرCHANGE %نسبة التغير1 MONTHشهر1 YEARسنةTIME (GMT)الوقت2 DAYيومان
XB1:COMبنزين RBOB (Nymex)209.58+0.32+0.15%+6.83%-4.65%2024-10-04بنزين RBOB (Nymex)
CO1:COMمزيج برنت78.05+0.43+0.55%+7.36%-9.04%2024-10-04مزيج برنت
CL1:COMخام غرب تكساس WTI (Nymex)74.38+0.67+0.91%+7.49%-11.68%2024-10-04خام غرب تكساس WTI (Nymex)
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

بكين

5 دقائق

13°C
مطر خفيف
العظمى / الصغرى 13°/13°
6 كم/س
47%