يعتبر "برنارد أرنو"، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة " إل في إم اتش لويس فيتون" عادة أقوى رجل في عالم السلع الفاخرة، لكنه الآن ليس صانع الملوك.
وبدلاً من ذلك، يذهب هذا اللقب إلى "يوهان روبرت"، رئيس مجلس إدارة المجموعة السويسرية "سيي فاينانسير ريتشمونت إس أيه" (Cie Financiere Richemont SA)، التي تمتلك علامات تجارية مثل "كارتييه" (Cartier) و"جيغر- لوكولتر" (Jaeger-LeCoultre). إنه يملك أوراق اللعبة الأقوى لدمج عالم الأزياء والساعات والمجوهرات الراقية، بينما يراقبه القطاع لمعرفة التصرف الذي سيفعله عندما يلعب بالأوراق.
عروض شراء "ريتشمونت"
ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة ما إذا كان "روبرت" سيبرم صفقة مع أحد أكبر منافسي "ريتشمونت"، سواء كان ذلك "إل في إم إتش" أو "كيرينغ إس أيه" (Kering SA).
وانتشرت التكهنات حول هذا الأمر لبعض الوقت، ولكنها تجددت من خلال نشر تقرير في مدونة "ميس تويد" مفاده أن الملياردير رفض عرضاً مقترحاً غير رسمي من الرئيس التنفيذي لشركة "كيرينغ فرانسوا-هنري بينولت" ( Kering Francois-Henri Pinault) خلال شهر يناير الماضي. وأصر "روبرت"، الذي غير أعمال والده في جنوب أفريقيا من التبغ إلى مجموعة السلع الفاخرة، في شهر نوفمبر الماضي على أن الشركة ليست معروضة للبيع.
لكن ليس من الواضح إلى متى يمكنه الاستمرار في مقاومة مثل هذه المبادرات.
تحديات أمام "ريتشمونت"
وأصبح الحجم أكثر أهمية من أي وقت مضى في مجال السلع الفاخرة، وقد تخلفت حصة شركة "ريتشمونت" عن منافسيها على مدار السنوات الخمس الماضية.
وتظل وراثة المهنة أيضاً مشكلة، نظراً لأن أبناء "روبرت" ليسوا أصحاب خبرة راسخة في العمل مثل ورثة شركة "إل في إم تش" و"برادا إس بي أيه" (Prada SpA).
إذا قرر رئيس الشركة في النهاية قبول عرض ما، فإن السؤال سينتقل إلى من هو صاحب العرض الأفضل.
وعلى الرغم من أن شركة "إل في إم إتش" تكون الشريك الأكثر بروزاً، إلا أنني سأجادل بأن هناك حجة أقوى لاختيار شركة "كيرينغ".
فرص الاستحواذ
بيع لشركة "لويس فيتون" سيعزز مكانة "أرنو" كرائد بلا منازع في مجال السلع الفاخرة. ويمكن أن يكون لدى شركة "إل في إم إتش" وشركة "ريتشمونت" مجتمعين حوالي 70 مليار يورو (82 مليار دولار) من المبيعات السنوية، بناء على بيانات وكالة "بلومبرغ" لهذا العام، والذي سيكون أكثر من أربعة أضعاف شركة "كيرينغ".
كما أن إضافة "كارتييه" و"فان كليف أند آربلز"، أكبر العلامات التجارية للمجوهرات لدى شركة "ريتشمونت"، من شأنه أن يخلق ما يسمى بقوة السلع الفاخرة الصلبة" (مثل المجوهرات والساعات)، حيث تمتلك شركة "إل في إم إتش" أيضا "تيفاني" و"بولغاري".
كان صاغة المجوهرات يقارعون بعض أفضل أسماء الأزياء التاريخية، مثل "لويس فويتون" و"كريستيان ديور".
وستحتل الشركة مواقع رائدة في فئات تشمل سلع التجميل والمشروبات الروحية. ويمكن لشركة "إل في إم إتش" تقديم عرض نقدي كدفعة واحدة لشركة "ريتشمونت".
على الرغم من عوامل الجذب هذه، فإن "كيرينغ" ستكون الشريك الأفضل وذلك لسبب واحد وهو أنها ربما يكون من الأسهل العمل معها.
سيطرة العائلات
الجزء الأصعب في أي صفقة يتمحور حول الأشخاص وديناميكيات السلطة. وفيما يتعلق بمدى عالمية هذه العلامات التجارية، لا يزال قطاع السلع الفاخرة يخضع لسيطرة عدد قليل من العائلات ذات النفوذ.
ويمتلك "روبرت" 10% من حقوق ملكية "ريتشمونت" و51% من حقوق التصويت (بعض الأسهم يكون لها أكثر من صوت في عمليات الاقتراع داخل الشركة). وتسيطر عائلة "بينولت" الفرنسية على شركة "كيرينغ"، ويجري تشغيل "إل في إم إتش" بواسطة "أرنو".
ولا تعد موازنة السلطة بين الكيانات التي تسيطر عليها عائلة أمراً سهلاً، ولكن الاتفاق مع "كيرينغ" سيكون أكثر قابلية للإدارة.
تتعاون المجموعتان بالفعل في مجال النظارات، ولدى شركة "ريتشمونت" وشركة "بينولت" مصلحة مشتركة في مستقبل شركة تجارة التجزئة عبر الإنترنت "فارفتيك ليمتد" (Farfetch Ltd.).
وتعد شركة "ارتيمس" (Artemis)، أداة الاستثمار لشركة "بينولت" أحد المساهمين في شركة "فارفتيك"، بينما أبرمت شركة "ريتشمونت" صفقة ثلاثية معقدة مع شركة "علي بابا" وشركة "فارفتيك" في شهر نوفمبر الماضي.
"ريتشمونت-كيرينغ"
سيكون لمجموعة "ريتشمونت-كيرينغ" مزايا استراتيجية أيضاً. فعلى الرغم من أن شركة "كيرينغ" لديها مجموعة قوية من العلامات التجارية للأزياء، وعلى رأسها "جوسي"، و"يافيس سانت لوران"، إلا أنها أقل وزناً بالمقارنة بالمجوهرات والساعات.
لذا ستحصل العلامتان التجاريتان "كارتييه" و"فان كليف أند آربلز" على منصة كبيرة دون الاضطرار إلى محاربة صانعي المجوهرات الآخرين للحصول على موارد.
وتمتلك شركة "ريشمونت" أيضاً مجموعة من العلامات التجارية للأزياء، مثل "كلوي" (Chole) و"عز الدين علية" (Azzedine Alaia)، والتي لم ترقَ إلى مستوى إمكاناتها، كما تمتلك "كيرينغ" سجلاً حافلاً في تنشيط هذه الأنواع من الأعمال فقط.
ورغم أن هذا الثنائي سيكون أصغر من شركة "إل في إم إتش"، بمبيعات مجمعة تبلغ حوالي 30 مليار يورو، بناء على تقديرات هذا العام، إلا أنه سيظل لديه القدرة على تحدي منافسه.
وعلى الرغم من أن شركة "كيرينغ" لم تكن قادرة على شراء شركة "ريتشمونت" بالكامل، فمن المحتمل أن تستخدم مزيجاً من النقد وحصص من الأسهم بها لتمويل عملية الشراء.
ومن شأن القيمة السوقية الأكبر لشركة "كيرينغ" أن تجعل من شركة "ريتشمونت" الشريك الأصغر، والذي قد يكون أقل قبولاً لدى "روبرت"، ولكن على الأقل يمكنه أن يكتسب بعض الجوانب الإيجابية من الجمع بين التكتلين معاً.
بالطبع، يمكن أن يختار "روبرت" أيضاً الاندماج مع الكيانات الأصغر، مثل "شانيل" (Chanel) أو "إنترناشيونال هيرميس". أو يمكنه الاستمرار في مقاومة عملية بيع أو اندماج من أي نوع. أخبرني مستشار السلع الفاخرة "ماريو أورتيلي" قائلاً: "إنه الشخص الذي سيغير ميزان النفوذ".
يكمن الخطر في أنه مع تزايد أعداد المنافسين، تتخلف شركة "ريتشمونت" عن الركب. وحتى الآن، لطالما تبنت الشركة وجهة نظر طويلة المدى.
والآن بعد أن احتفظ "روبرت" بأوراق اللعبة فيما يمكن أن يكون آخر لعبة دمج في قطاع السلع الفاخرة، وبالتالي يجب أن يلعبها بحكمة.