بلومبرغ
يُعد الذهب أفضل وسيلة تحوط في حالة عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وفق أحدث استطلاع أجرته "بلومبرغ ماركتس لايف بالز" (Bloomberg Markets Live Pulse).
أظهرت نتائج الاستطلاع، الذي شارك فيه 480 مشاركاً، أن أنصار المعدن النفيس كملاذ آمن في حال إعادة انتخاب ترمب تفوقوا على مؤيدي الدولار الأميركي بمعدل اثنين إلى واحد. ويتوقع أكثر من 60% من المشاركين أن قيمة العملة الأميركية ستتراجع في حالة فوز مرشح الحزب الجمهوري بولاية رئاسية جديدة.
يدعم التاريخ هذا الرأي، حيث انخفض مؤشر "بلومبرغ الفوري للدولار" بأكثر من 10%، فيما ارتفع السعر الفوري للذهب بأكثر من 50% خلال الأربعة أعوام التي قضاها ترمب في الرئاسة.
ويُنظر إلى برنامج ترمب القائم على خفض الضرائب والتعريفات الجمركية واللوائح التنظيمية الأضعف باعتباره سبباً محتملاً لزيادة التضخم في وول ستريت، وقد يُجبر ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي على زيادة أسعار الفائدة مجدداً. كما أن اتساع تأييد الجمهوريين المتوقع في نوفمبر، والذي يبشر بسيطرة الجمهوريين على الكونغرس ويمنح ترمب سلطة أكبر في سن سياسات اقتصادية شاملة، قد يشعل أسعار المعدن النفيس التي تقترب بالفعل من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
عوامل تدعم ارتفاع سعر الذهب
يقول غريغوري شيرر، المحلل لدى "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، إن "الذهب سيواصل الارتفاع". وكتب في 24 يوليو أن التوترات الجيوسياسية والعجز الأميركي المتزايد وتنويع احتياطيات البنوك المركزية والتحوط ضد التضخم أدت جميعها إلى رفع أسعار الذهب، و"هذه العوامل ستستمر على الأرجح بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، لكنها قد تتضخم تحت سيناريو ترمب 2.0 أو ما يعرف باسم 'الموجة الحمراء'".
وقال العديد من المشاركين في استطلاع "ماركتس لايف بالز" إن "كل ما يرونه هو اضطرابات شديدة في الأسواق والتجارة، وزيادات سريعة" في الدين الوطني الأميركي.
كانت مكاسب الذهب خلال فترة رئاسة ترمب مدفوعة جزئياً بالمستثمرين الباحثين عن الأمان وسط تفشي الجائحة وانخفاض سعر الفائدة إلى نحو الصفر. ووصل الذهب، الذي لا يدر فائدة، إلى ما كان يُعتبر آنذاك أعلى مستوى له في أغسطس 2020 وسط اضطرابات الإغلاق العالمية.
مع ذلك، لم تكن هذه أكبر زيادة شهدتها الدولة في الخمسين عاماً الماضية، بل كانت العائدات في عهد جورج بوش وجيمي كارتر أكبر بكثير.
وتُعتبر الظروف الاقتصادية الكلية مواتية مجدداً للذهب هذه المرة، حيث يُتوقع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر. كما أقبلت البنوك المركزية على شراء الذهب بكثافة منذ 2022 في محاولة لتنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار.
تأثير إعادة انتخاب ترمب على الدولار
يتوقع ثلثا المشاركين في الاستطلاع أن تقوض إعادة انتخاب ترمب مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية.
وعن ذلك، قالت كاثرين روني فيرا، كبيرة استراتيجيي السوق لدى "ستون إكس غروب" (StoneX Group)، إن "ولاية ترمب الثانية قد تُفاقم التحول بعيداً عن الدولار، حيث ينضم القطاع الخاص إلى البنوك المركزية في هذه الخطوة".
وأوضحت أن "المحافظ الاستثمارية للعملاء تعزز حيازاتها من الذهب، وبالتالي هناك توقعات كثيرة تشير إلى تراجع قيمة الدولار. إضافة إلى أن العوامل التقنية والهيكلية والأساسية كلها داعمة للذهب".
تباين الآراء حول الدولار
مع ذلك، فإن الرهان على تراجع الدولار تحت قيادة ترمب ما يزال محل جدال، حيث يرى كبار الاقتصاديين في وول ستريت أن ولايته الثانية ستعزز العملة ولن تضعفها. وأوضحوا أن انحياز ترمب لفرض تعريفات جمركية أكثر صرامة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة والسياسات المالية المعززة للعجز قد تعوق التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة.
انقسمت آراء المشاركين في الاستطلاع حول تأثير سياسات ترمب الاقتصادية على الدولار. ورأى أحد المشاركين أن الدولار سيتراجع بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، قائلاً إن "العجز المرتفع باستمرار وأسعار الفائدة المنخفضة ستتسبان في التحول بشكل أكبر بعيداً عن الدولار وبدء أزمة ديون سيادية. وسيحدث الأمر نفسه إذا فازت كامالا هاريس بالانتخابات".
غالباً ما يُنظر إلى الدولار وسندات الخزانة الأميركية كملاذات عالمية خلال فترات التوترات الجيوسياسية. لكن نتائج الاستطلاع تشير إلى أن الدولار قد لا يستفيد من التقلبات السياسية المحلية.
تعليقاً على الأمر، قالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في "إكس تي بي" (XTB): "عندما تخلق الولايات المتحدة علاوة مخاطرة خاصة بها بسبب انتخابات يُحتمل أن تكون غير منظمة، فإن التداعيات المالية لرئاسة ترمب تجعل الدولار محفوفاً بالمخاطر في 2025".
أُجري استطلاع "بلومبرغ ماركتس لايف بالز" في الفترة من 22 إلى 26 يوليو بين قراء "بلومبرغ نيوز" والقراء عبر الإنترنت حول العالم الذين اختاروا المشاركة في الاستطلاع، وشمل مديري المحافظ والاقتصاديين والمستثمرين الأفراد. وهذا الأسبوع، يسأل الاستطلاع عما إذا كانت أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة جعلتك أكثر ثراءً أم فقراً.