بلومبرغ
أدى تجدد عمليات البيع في أسهم أكبر شركات التكنولوجيا في العالم إلى انخفاض سوق الأسهم الأميركية، مما ألقى بظلاله على البيانات الاقتصادية التي عززت الثقة في قدرة الاحتياطي الفيدرالي على هندسة الهبوط الناعم. ارتفعت أسهم حوالي 300 شركة في مؤشر "إس آند بي 500"، لكن المؤشر نفسه أنهى التداول على انخفاض.
وبينما ارتفعت أسهم المجموعات الحساسة اقتصادياً مثل شركات الطاقة والصناعة والمالية، تعرض القطاع الأكثر تأثيراً في مؤشر الأسهم الأميركية لضغوط متجددة، إذ استمرت مجموعة شركات التكنولوجيا العملاقة التي قادت السوق الصاعدة، في تحقيق أداء أقل بكثير من أداء الشركات الصغيرة، التي ارتفعت أسهمها بنسبة 10% تقريباً في يوليو.
مع تحرك مؤشر "إس آند بي 500" من مستوى قياسي إلى آخر في النصف الأول من العام، زاد قلق بعض المستثمرين من أن عدداً قليلاً فقط من الشركات شاركت في هذا الارتفاع. ارتفعت قطاعات السوق غير المرتبطة بشركات التكنولوجيا الكبرى مؤخراً، وسط ثقة في أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يعمل على ترويض التضخم، من دون إحداث ضرر في الاقتصاد، وسيتمكن قريباً من خفض أسعار الفائدة.
السوق في خضم تناوب كبير
قال كالي كوكس، من شركة "ريثولتز ويلث مانجمنت" (Ritholtz Wealth Management) إن السوق "في خضم تناوب كبير يستند على آمال تخفيض الفائدة، من شركات التكنولوجيا إلى كل القطاعات الأخرى"، مضيفاً: "بالتأكيد، كان الأمر مؤلماً، ولكن قد يكون من المفيد الصمود في وجه هذه العاصفة انتظاراً لما هو على الجانب الآخر. يجب الوثوق بهذه السوق، أو المخاطرة بالتخلف عن الركب".
ولكن لا يصدق الجميع موضوع التناوب. يشير جيف روبين من شركة بيريني أسوسياتس" (Birinyi Associates Inc) إلى أن ما يحدث هو تصحيح، مضيفاً أنه خلال عمليات التصحيح، "من الصعب العثور على مكان آمن للاختباء، ولكن هذا سيمر، ما سيسمح لك بشراء الأسهم التي كنت تتمنى لو اشتريتها منذ أشهر".
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" تحت مستوى 5400 نقطة، وارتفع مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 1.3%، في حين انخفض مؤشر "العظماء السبعة" (ميتا، أبل، أمازون، إنفيديا، تسلا، ألفابت، مايكروسوفت) بنسبة 1.1%.
تراجعت أسهم "ألفابت" بعد أن سمحت "أوبن إيه آي" لمجموعة محدودة من المستخدمين باختبار ميزات بحث جديدة. وارتفعت أسهم "تسلا" بعد انخفاض بنسبة 12%، في حين انخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 4.26%.
تعزيز رهانات خفض الفائدة
من المثير للاهتمام أن العديد من متداولي الأسهم رحبوا أيضاً بحقيقة أن أحدث الأرقام الاقتصادية عززت رهانات السوق على خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، وليس قبل ذلك. صحيح أن تيسير السياسات عادة ما يبشر بالخير بالنسبة للشركات الأميركية، ولكن الاندفاع إلى خفض تكاليف الاقتراض قد يترك في واقع الأمر تأثيراً سلبياً على المعنويات. وقد يشير ذلك إلى قلق المسؤولين بشأن تباطؤ اقتصادي أكبر.
تسارع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بأكثر من المتوقع في الربع الثاني، مما يدل على أن الطلب صامد تحت وطأة ارتفاع معدلات الاقتراض. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 2.8% بعد ارتفاعه 1.4% في الربع السابق. كما ارتفع مقياس التضخم الأساسي الذي تتم مراقبته عن كثب بنسبة 2.9%، متراجعاً عن الربع الأول، ولكنه لا يزال أعلى من التقديرات.
قال ديفيد راسل من "ترايد ستايشن" (TradeStation) إن "التفاؤل يزداد قوة وخطر الركود التضخمي يتلاشى"، مضيفاً: "ليس هناك الكثير من الركود، أو من التضخم". يُعد هذا النوع من تقرير الناتج المحلي الإجمالي بمثابة رياح مساعدة محتملة لأرباح الشركات، وتبقينا على المسار الصحيح نحو انخفاض أسعار الفائدة في المستقبل.
سوق صاعدة حتى 2025
بالنسبة لكريس زاكاريللي من "إندبندينس أدفايزور آلاينس" (Independent Advisor Alliance)، فإن الاقتصاد الأميركي أقوى بكثير مما يدركه الناس، وبقدر ما كانت الأسواق قلقة بشأن تباطؤ النمو، يجب أن تتنفس الصعداء بعد رقم الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أنه "طالما أن الاقتصاد يتجنب الركود، فإن السوق الصاعدة ستستمر حتى عام 2024 وحتى عام 2025، لذلك سنستفيد من أي تراجعات على طول الطريق".
الأرقام الاقتصادية الصادرة يوم الخميس "تدعم رواية الهبوط الناعم"، وفق مات بيرون من "جانوس هينديرسون إنفستور" (Janus Henderson Investors) مضيفاً أن التقرير "يجب أن يوفر بعض الراحة للأسواق المجهدة".
قال يونغ يو ما من شركة "بي إم أو ويلث مانجمنت" (BMO Wealth Management)، إن "تجارة اللحاق بالركب في الأسهم الصغيرة لا يزال لديها مجال للصعود"، مضيفاً: "من المقرر أن يتحسن نمو الأرباح بين الشركات الصغيرة بحلول نهاية العام، وسيبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي قريباً حملة لخفض أسعار الفائدة لمدة عام، والتي ستفيد الشركات الصغيرة بشكل غير متناسب".