بلومبرغ
قال بان غونغشنغ، محافظ بنك الشعب الصيني، الشهر الماضي إن بكين تدرس التحول إلى سعر فائدة قصير الأجل لتوجيه الأسواق، مما دفع المتداولين والاقتصاديين إلى وصف المعدل الرئيسي الحالي لأجل عام بأنه "آخذ في التلاشي".
جاء إعلان يوم الاثنين عن آلية جديدة لتعديل تكاليف الاقتراض قصير الأجل، ليؤكد أن الإلغاء التدريجي لسعر الفائدة الأطول أجلاً أمر لا مفر منه.
سيبدأ البنك المركزي تنفيذ عمليات إعادة شراء السندات في فترة ما بعد الظهر، بجانب عملياته الصباحية التقليدية، مما يحد من التقلبات المتعلقة بمعدل إعادة الشراء لمدة سبعة أيام، ويعزز التوقعات بأن أسعار الفائدة قصيرة الأجل ستشكل الاتجاه السائد في السياسة النقدية الصينية مستقبلاً.
يُتوقع أن يسلط القرار المرتقب يوم الاثنين المقبل، بشأن سعر الفائدة على الإقراض لأجل عام، المعروف بـ"تسهيل الإقراض متوسط الأجل"، الضوء على تلاشي أهميته بعد عقد من عمله كدليل للأسواق. يراهن الاقتصاديون على أن البنك سيثبت سعر الفائدة الحالي للمرة الحادية عشر على التوالي، ويُعزا ذلك جزئياً إلى أن البنك المركزي لا يريد إضعاف العملة بشكل أكثر.
تلاشٍ حتى الاختفاء التام
يعتقد فريدريك نيومان، كبير الاقتصاديين لشؤون آسيا لدى "إتش إس بي سي" أن "دور تسهيلات الإقراض متوسط الأجل ربما يتلاشى، إلى أن يختفي تماماً في مرحلة ما".
لكن هذا التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها. إذ يتوقع نيومان مرحلة انتقالية لا تقل عن عام آخر سيستمر خلالها المركزي باستخدام تسهيلات الإقراض متوسط الأجل لتوجيه معدلات الإقراض التجاري، بينما يعزز بنية السوق حول اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام، بحيث يمكن استخدامها كمعيار رئيسي لسعر الفائدة.
تُعرف أداة "تسهيلات الإقراض متوسط الأجل" بكونها معدل فائدة يتيح لمجموعة محددة من البنوك التجارية الاقتراض من البنك المركزي لمدة عام واحد. لكن في الأشهر الأخيرة، تراجع طلب البنوك على هذه الأموال، حيث أصبح من الأرخص لها الاقتراض من بعضها البعض بدلاً من ذلك، ما أدى إلى تآكل قدرة هذا المعدل على توجيه تكاليف الاقتراض في الاقتصاد الحقيقي.
بالمقارنة مع تسهيلات الإقراض متوسط الأجل، يوفر سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام، وهي قروض قصيرة الأجل متاحة للبنوك يومياً، مرونة أكبر لضبط السياسة النقدية.
تحول أكبر نحو الفائدة قصيرة الأجل
قالت لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى لدى بنك "آي إن جي" (ING Bank)، إن "التركيز لا ينصب على الإسراع في التخلص التدريجي من تسهيلات الإقراض متوسط الأجل، بل على توجيه اهتمام أكبر نحو سعر الفائدة قصير الأجل كأداة رئيسية في السياسة النقدية"، و"قد نرى عمليات السوق المفتوحة بشكل أكثر تواتراً لإدارة الفائدة قصيرة الأجل".
يحاول مسؤولو الاقتصاد في عهد الرئيس شي جين بينغ الموازنة بين الحاجة إلى تعزيز النمو والتحفيز النقدي. لكن في الوقت نفسه، فإنهم مقيّدون من خفض الفائدة لأن ذلك سيفرض ضغوطاً أكثر على اليوان، وبالتالي سيضعف قيمته.
يعتبر التعافي الاقتصادي في الصين متبايناً، حيث يظهر قطاع التصنيع في بعض الأحيان كنقطة مضيئة، بينما يتأثر الاستهلاك سلباً بتراجع طويل الأمد في سوق العقارات وضعف سوق العمل.
من المقرر أيضاً نشر أرقام النمو للربع الثاني يوم الاثنين، فيما يتوقع الاقتصاديون أن يتجاوز النمو النسبة المستهدفة للنصف الأول، ومن المرجح أن تخيب مبيعات التجزئة الآمال، ويُتوقع تباطؤ الاستثمار.
في الشهر الماضي، نقلت صحيفة تابعة لبنك الشعب الصيني عن خبراء في الصناعة من دون ذكر أسمائهم، توصيتهم بأن يضعف البنك المركزي الارتباط بين تسهيلات الإقراض متوسط الأجل وسعر الفائدة الرئيسي على القروض. وفي الوقت الحالي، تعتمد الفائدة الرئيسية على القروض على أسعار الفائدة التي يقدمها 20 بنكاً لأفضل عملائها، والتي تُحدّد كفارق عن معدلات الإقراض متوسط الأجل.
"بنك الشعب الصيني ربما يتمكن من تحديد موعد التيسير النقدي بشكل أفضل عندما يرتبط الأمر بأحداث رئيسية مثل اجتماعات بنك الاحتياطي الفيدرالي، كما أن استخدام سعر الفائدة قصير الأجل كمعيار للسياسة أمر معتاد بالنسبة إلى معظم البنوك المركزية".
ستيفن تشيو، كبير استراتيجي العملات الأجنبية وأسعار الفائدة في آسيا لدى "بلومبرغ إنتليجنس"
في الوقت نفسه، قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في مجموعة "أستراليا ونيوزيلندا المصرفية" (Australia & New Zealand Banking Group): "استناداً إلى التجارب السابقة، يستغرق الأمر من بنك الشعب الصيني عاماً أو عامين للتحول".
في عام 2013، ألغى بنك الشعب الصيني سعر الفائدة على الإقراض الرئيسي لمدة عام، مما سمح للبنوك التجارية بتحديد معدلات الفائدة الرئيسية على القروض الخاصة بها، لكنها واصلت إصدار قروض بسعر الفائدة القديم حتى 2015، لأن العديد من القروض المستحقة كانت لا تزال مرتبطة بالفائدة القديمة، وفق يونغ.
تأثير تعديل الفائدة قصيرة الأجل
يميل خبراء الاقتصاد إلى استبعاد احتمالية محاولة بنك الشعب الصيني ربط سعر إعادة الشراء لمدة سبعة أيام بسعر الفائدة الرئيسي على قروض البنوك (والذي يُحدد عادةً لمدة عام أو خمسة أعوام)، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى عدم التكافؤ بين الفترات.
قال سونغ من "آي إن جي": "إذا تحسنت آلية التحول، فإن تعديلات أسعار الفائدة قصيرة الأجل يجب أن تؤثر على نظيرتها الأطول أجلاً أيضاً، وبالتالي سيكون لذلك تأثير غير مباشر على سعر الفائدة الرئيسي على القروض وليس ربطاً به".
لم يحدد محافظ البنك المركزي خططه لمعدل تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل في خطابه الشامل في يونيو. لكن هناك إجماع بأن البنك المركزي يتحرك بشكل يتماشى أكثر مع نظرائه العالميين مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في تحوله نحو معدل مرجعي قصير الأجل.