أزمة قناة السويس مستمرة.. ارتباك في حركة التجارة العالمية وسفن تتجه إلى "رأس الرجاء الصالح".

time reading iconدقائق القراءة - 7
صورة جوية تظهر عشرات الناقلات البحرية راسية في خليج السويس فيما تبدو سفينة \"ايفر غيفين\" (يسار) جانحة في قناة السويس - المصدر: بلومبرغ
صورة جوية تظهر عشرات الناقلات البحرية راسية في خليج السويس فيما تبدو سفينة "ايفر غيفين" (يسار) جانحة في قناة السويس - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أدَّى استمرار إغلاق قناة السويس بعد جنوح سفينة الحاويات الضخمة إلى بدء السفن في تحويلات مكلِّفة، ورحلات طويلة حول أفريقيا، في ظل تزايد المخاوف من أنَّ مهمة الإنقاذ المعقَّدة قد تستغرق أسابيع.

وتهدد احتمالية استمرار الانقطاع لفترة أطول من المتوقَّع، فيما يمكن وصفه بأنَّه أهم طريق للتجارة البحرية في العالم، بمزيد من الاضطرابات في قطاع الشحن الذي يتدافع للحفاظ على المسار المقرر للنقل البحري لكلِّ شيء بدءاً من السلع الجاهزة إلى الطاقة والسلع.

ولم ينجح العمل على إعادة تعويم سفينة "ايفر غيفن" الجانحة منذ يوم الثلاثاء حتى الآن، فقد فشلت القاطرات والحفَّارات في إزاحة السفينة العملاقة التي يبلغ طولها 400 متر، وتمهيد الطريق أمام الناقلات المحاصرة المتجهة إلى المحيط، التي تنقل مليارات الدولارات من النفط، والسلع الاستهلاكية.

وقال راندي غيفينز، نائب الرئيس الأول لأبحاث أسهم الطاقة البحرية في شركة "جيفيريز"، إنَّه يجب أن تكتمل إعادة الطفو بحلول يوم الخميس، في حالة إمكانية ترك الحاويات على متن سفينة "ايفر غيفن"، مؤكِّداً أنَّ فترة التوقف قد تستمر لمدَّة أسبوعين على الأقل، في حالة الحاجة إلى تفريغ الحمولة، أو إجراء إصلاحات كبيرة في القناة نفسها.

ناقلات غاز تبدِّل مسارها

ويبدو أنَّ ناقلتي الغاز الطبيعي المسال، التي تمَّ تحميلهما في الولايات المتحدة لتتجه إلى الأسواق الآسيوية، قد غيَّرتا مسارهما في وسط المحيط الأطلسي، وتتجهان حالياً إلى أفريقيا، لكي تتجنَّب الجمود في ممر قناة السويس المائي.

كما تفكر شركتا "ميرسك"، و"هاباغ-لويد"، في إرسال السفن إلى الطريق الأفريقي نفسه، وهي تحرُّكات تتبع سفينة تديرها شركة"سينيرجي مارين"، ويتمُّ إرسالها حول رأس الرجاء الصالح. وقالت شركة"تورم" الدنماركية المالكة للناقلات، إنَّ عملاءها يستفسرون عن تكلفة خيارات التحويل إلى الطرق البحرية الأخرى.

وبحسب غيفينز، فإنَّ السفن الموجودة حالياً خارج البحر الأحمر، التي كانت تخطِّط لاستخدام قناة السويس، تقرر حالياً ما إذا كانت ستعيد توجيهها حول أفريقيا، مما سيضيف 10 إلى 15 يوماً لرحلاتها. ويرجح غيفينز أن تنتظر السفن المصطفة في طرفي منطقة قناة السويس، تحديد المدَّة التي سيُغلق فيها الممر قبل اتخاذ قرار التحويل.

وقالت "ميرسك" في بيان: "نحن ننظر إلى كافة البدائل الممكنة بما في ذلك رأس الرجاء الصالح، ولكنَّنا ننظر أيضاً إلى العديد من الحلول الأخرى، مثل الحلول الجوية للشحنات الحرجة والحساسة للوقت. ولم يتم اتخاذ قرار ملموس حتى الآن، وسوف يعتمد الأمر على المدَّة التي ستظل فيها قناة السويس مغلقة".

شريان حياة التجارة العالمية

ولحادث قناة السويس تأثير اقتصادي كبير مقلق يتعلَّق بشريان الحياة لإمدادات الشركات الأوروبية، بدءاً من مصنِّعي السيارات إلى تجار التجزئة، التي تعتمد على التدفُّق المستمر للواردات الآسيوية.

ويضيف التوقُّف إلى الآثار المترتبة على وباء كورونا، التي أدَّت بالفعل إلى إحداث فوضى في سلاسل التوريد، وحدوث نقص وتأخير.

وقالت شركة "اتش ام ام" الكورية الجنوبية، إنَّ لديها سفينة عملاقة تنتظر خارج قناة السويس للعودة إلى آسيا منذ يوم الأربعاء.

وتؤشر قائمة البضائع الموجودة على متن السفينة إلى احتمال حدوث اضطراب عبر مجموعة من القطاعات تشمل الأخشاب، والآلات، ولحم البقر المجمَّد، والورق، والحليب المجفف، والأثاث، والجعة، ولحم الخنزير المجمَّد، ومكوِّنات السيارات، والشوكولاتة، ومستحضرات التجميل.

وأعلنت شركة "كاتربيلر"، أكبر مُنتج للآليات الثقيلة في الولايات المتحدة، أنَّها تواجه تأخيرات في الشحن، وتفكر في نقل منتجاتها جواً إذا لزم الأمر.

ومن جهته، قال متحدِّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي مساء الخميس، إنَّ مجلس الأمن القومي الأمريكي يراقب الوضع عن كثب.

كما أعلن خط الحاويات الألماني "هاباغ- لويد" أنَّه يتابع عن كثب "الآثار المترتبة على خدماته. نحن نبحث حالياً في عمليات تحويل السفن المحتملة حول رأس الرجاء الصالح".

تكاليف إضافية

ويعني الاختناق الطويل بين أوروبا وآسيا بالنسبة لخطوط الحاويات التي تشحن حوالي 80% من تجارة البضائع العالمية، المخاطرة بالتخلُّص من جداول شحن محدَّدة منذ شهور، لكي يتمكَّن المستوردون من تخطيط مشترياتهم، وإدارة مخزوناتهم، والحفاظ على وجود البضائع بأرفف المتاجر، وإبقاء خطوط الإنتاج قيد التشغيل.

وتتفاقم المشكلة مع كلِّ يوم تنتظر فيه سفن الحاويات. فلا يمكن إفراغ وإعادة تحميل السفن المتأخرة لعدَّة أيام في الوقت المناسب، لكي تقوم برحلة العودة المجدولة. ويؤدي ذلك إلى قيام شركات النقل بإلغاء الرحلات، مما قد يزيد من تقييد السعة، ورفع أسعار الشحن.

وسيضيف تغيير المسار حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا 6 آلاف ميل للرحلة، وما يقرب من 300 ألف دولار في تكاليف الوقود لناقلة عملاقة تنقل نفط الشرق الأوسط إلى أوروبا.

وخسر مالكو الناقلات العملاقة التي تشحن مليوني برميل من البضائع أموالاً لمدَّة أسابيع على مؤشر الطريق التجاري للصناعة عندما أوقف تحالف "أوبك+" ملايين البراميل من الإمداد من السوق العالمية.

وبرغم ذلك، عادت شركات النقل إلى الربحية يوم الأربعاء، وارتفعت أيضاً معدَّلات أسعار السفن الصغيرة التي تحمل النفط الخام، وقفزت أرباح سفن المنتجات النفطية المبحرة من الشرق الأوسط إلى أوروبا.

بنية تحتية هشة

ويقول بريان غالاغر، رئيس علاقات المستثمرين في"يوروناف إن في"، مالكة ثالث أكبر أسطول من الناقلات العملاقة بالعالم: "كلَّما طالت مدَّة استمرار ذلك، زاد احتمال حدوث التأثير. إنَّه تذكير بهشاشة بعض البنى التحتية الموجودة هناك، وقد يكون لذلك تأثير غير مباشر على الناس الذين سيفضِّلون حينها القيام برحلات العبور الطويلة".

وأفاد سماسرة السفن أنَّه يتزايد استئجار تجار النفط لناقلات النفط التي تمنحهم "خياراً احتياطياً" للإبحار حول أفريقيا في حال استمرار الانسداد.

وقد تتأخَّر السفن الفارغة المتجهة لجمع النفط في شمال غرب أوروبا، مما قد يجبر مصدِّري المنطقة على البحث عن ناقلات بديلة، وفقاً لأشخاص عاملين بذلك السوق.

وارتفعت أسعار ناقلات النفط المستأجرة في بعض المناطق منذ ظهور الانسداد لأوَّل مرة.

وتُحقق سفن "سويز ماكس"، التي تنقل عادة مليون برميل عبر القناة، حوالي 17 ألف دولار يومياً، وهو أكبر عدد منذ شهر يونيو في عام 2020.

وإذا اضطرت المزيد من السفن للإبحار حول الطرف الجنوبي من أفريقيا، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار مع ارتفاع عدد الرحلات.

وتستوعب القناة حالياً حوالي مليوني برميل يومياً من التدفُّقات النفطية، وفقاً لتقديرات "بريمار"، ويؤثِّر الازدحام أيضاً على سفن البضائع السائبة التي تشحن منتجات تشمل القمح إلى الحديد الخام.

وينتظر حالياً طابور طويل يقلُّ قليلاً عن 40 سفينة، وفقاً لبيتر ساند، كبير محللي الشحن في مجموعة "بيمكو" التجارية.

تصنيفات

قصص قد تهمك