بلومبرغ
اقترحت الحكومة الصينية إنشاء مشروع مشترك مع شركات محلية عملاقة في مجال التكنولوجيا للإشراف على البيانات المربحة التي تجمعها من مئات ملايين المستهلكين، وفقاً لمصادر مطّلعة على الأمر.
وستمثّل الخطة الأولية، التي يقودها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، تحركاً أو تصعيداً كبيراً من جانب الجهات التنظيمية بالصين لتشديد قبضتها على قطاع الإنترنت في البلاد.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لخصوصية المناقشات، إن الخطة تتمثل في إنشاء كيان مدعوم من الحكومة جنباً إلى جنب مع بعض أكبر منصات التجارة الإلكترونية والمدفوعات في الصين.
وأضافت المصادر أن شركات الإنترنت ستكون المساهم الأساسي في المشروع المشترك، على الرغم من أن كبار المسؤولين التنفيذيين بحاجة إلى موافقة الجهات التنظيمية، للعمل. ولم يردّ البنك المركزي الصيني فوراً على طلب للتعليق.
السيطرة على البيانات
ويمثل الاقتراح أحد الخيارات الخاضعة للدراسة لبلورة تحقيق هدف بكين المتمثل في السيطرة بشكل أكبر على البيانات التي جمعتها الشركات الإلكترونية العملاقة مثل "علي بابا"، و"تينسنت هولدنغز"، والشركات الناشئة مثل "بايت دانس"، و"ميتوان".
وشُجّعَت الشركات خلال الشهر الجاري لإتاحة البيانات في مجالات تشمل التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الاقتصادات التشاركية والقائمة على الإنترنت في تقرير حدّد أولويات الحزب الشيوعي.
وتراجعت أسهم الشركات الصينية المُدرَجة في الولايات المتحدة، إذ انخفضت أسهم شركة "iQIYI" بنسبة 20% تقريباً، وانخفضت أسهم "تينسنت ميوزيك إنترتينمينت غروب" بنسبة 27%، وهو أكبر انخفاض منذ إدراجها عام 2018، كما تراجعت أسهم "فيبشوب هولدنغز" (Vipshop Holdings Ltd)، بنسبة 21%، الكبرى خلال أكثر من 5 سنوات.
وخلال مؤتمر لإعلان الأرباح يوم الأربعاء، قال بوني ما، الرئيس التنفيذي لشركة "تينسنت"، إن مبدأها التوجيهي هو تقليل إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين إلى أدنى حدّ ممكن.
وأضاف ما، أن "البيانات معقدة للغاية، فبين ضمان خصوصية المستخدمين ومشاركة البيانات خط رفيع".
إدخال تغييرات على القانون
وقال أحد المصادر إن إحدى العقبات الرئيسية أمام تأسيس المشروع المشترك ستكون القواعد الحالية بشأن خصوصية البيانات، التي تمنح الأفراد الحق في تقرير كيفية استخدام بياناتهم.
وأضاف المصدر أن وضع بيانات المستهلك تحت إشراف شركة أو الحكومة سيتطلّب إدخال تغييرات في القانون المعمول به حالياً.
ولا يزال من غير الواضح ما النطاق العامّ للمشروع المشترك الجديد، وأنواع البيانات التي سيديرها، ومصادرها.
وقال أحد المصادر إن جانباً من المقترح يتضمن في نهاية المطاف تشيكل تحالفات استراتيجية مع مؤسسات مدعومة من الحكومة لتسهيل مشاركة البيانات، دون مزيد من التفاصيل.
تشديد قبضة الصين على الإنترنت
وأشار الحزب الشيوعي بالصين في الآونة الأخيرة إلى نية تشديد قبضته على مجالات الإنترنت والتجارة الإلكترونية والتمويل الرقمي، بعد عقود من اعتماد نهج عدم التدخل نسبياً، وأسفر عن تشكيل جيل من المليارديرات.
ومع تطور تحليل البيانات الضخمة والذكاء الصناعي، أصبحت الطريقة التي تجمع بها شركات التكنولوجيا الكبيرة البيانات وتستخدمها، مشكلةً حساسةً للحزب.
وعلى غرار "فيسبوك" و"غوغل"، فإن الكميات الهائلة من المعلومات التي بحوزة عمالقة الإنترنت بالصين حالياً بمثابة العامل الرئيسي لأرباحها النهائية وكذلك قدرتها على الابتكار والتوسع.
لكن تزايدت وتيرة الحذر لدى بكين من قوة شركات مثل "علي بابا" و"تينسنت" وقدرتها على التأثير في الرأي العامّ.
وحذّر الرئيس الصيني شي جين بينغ الشهر الجاري، من أن حكومته ستلاحق ما يسمى شركات "المنصات"، التي جمعت قوة متزايدة من خلال بيانات مئات الملايين من المستهلكين.
وأشارت التعليقات شديدة اللهجة التي صرح بها شي، إلى أن الصين تخطّط لتوسيع حملة للحَدّ من تأثير أقوى شركاتها الخاصة، التي تستهدف حتى الآن بشكل أساسي شركة "علي بابا"، التي أسّسها جاك ما، والشركة التابعة لها "آنت غروب".
وكانت تعليقات شي الأولى من نوعها التي يتناول فيها على وجه التحديد اقتصادات المنصات، على الرغم من أنه شدّد سابقاً على أهمية منع الاحتكارات.
وتتزامن جهود الصين لتنظيم عمل عمالقة الإنترنت لديها مع التدقيق العالمي المتزايد في هذه الصناعة، إذ اشتبكت الحكومات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا مع شركات، بما في ذلك تويتر وفيسبوك.
وتؤكّد التطورات مدى أهمية صناعة البيانات للبنية التحتية الأساسية والأمن القومي.