الفزع من التضخم يواصل استنزاف مستثمري السندات

time reading iconدقائق القراءة - 5
موظف مالي في إحدى شركات الوساطة يراقب أداء أوراق مالية مختلفة عبر شاشات الكمبيوتر في بورصة فرانكفورت. ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
موظف مالي في إحدى شركات الوساطة يراقب أداء أوراق مالية مختلفة عبر شاشات الكمبيوتر في بورصة فرانكفورت. ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تراجعت السندات الحكومية وسندات الشركات في جميع أنحاء العالم، في ظل أسوأ بداية عام تُسجلها في هذا القرن، حيث أصبحت الأسواق التي أصابها الفزع من احتمالية عودة التضخم، متقلبة بشكل متزايد.

وخسرت السندات حوالي 3.7% منذ بداية العام الجاري، وحتى تاريخ 23 مارس، حتى مع موجة الشراء المدفوعة بانخفاض الأسعار في الأيام الأخيرة، وذلك وفقاً لمؤشر "بلومبرغ باركليز" للأوراق المالية ذات التصنيف الاستثماري عبر العملات، الذي يعود إلى عام 1999. وهي الخسارة الأسوأ مقارنة بفترات مماثلة في السنوات السابقة.

أثار الالتقاء غير المسبوق للأحداث مخاوف من أن حدوث تضخم سريع سيقضي بشكل متزايد على عوائد الدخل الثابت.

جاءت حزمة التحفيز البالغة 1.9 تريليون دولار، والتي تم تمريرها في وقت سابق من هذا الشهر في الولايات المتحدة، في ظل تعهد العديد من البنوك المركزية أيضاً بالحفاظ على أسعار الفائدة بالقرب من أدنى مستوياتها التاريخية. وفي الوقت نفسه، ساعد التقدم في مجال اللقاحات السلطات على رفع حالة الإغلاق، مما حفّز علامات الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وفي حين انخفضت عائدات الخزانة هذا الأسبوع، بعد أن قلّل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" من مخاطر التضخم غير المرغوب فيه يوم الثلاثاء، تزيد الإشارات الأوسع في الأسابيع الأخيرة إلى احتمال استمرار مخاوف السوق. فقد ارتفع مؤشر يقيس التضخم على مدى العقد المقبل إلى حوالي 2.3% الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013.

وفي الواقع، فإن المستثمرين الذين يتوقون لإشارة تدل على أنه من الآمن العودة إلى رهاناتهم المحفوفة بالمخاطر المفضلة لهذا العام، أصبحوا يركزون على مقاييس تقلب السندات. وفيما ينتظرون أن تهدأ التذبذبات الحادة، فإنهم يُقلصون المدة في المحافظ ذات الدخل الثابت.

وبالنظر إلى مؤشر "آي سي إي بانك أوف أمريكا موف" (ICE BofA MOVE)، وهو مقياس يستخدم تقلبات الأسعار الضمنية لمدة شهر واحد، عبر آجال استحقاق السندات المختلفة في سوق سندات الخزانة الأمريكية، فقد حقق أعلى متوسط أداء له هذا الشهر قياسياً بالفترة الممتدة منذ أبريل من العام الماضي.

وفي هذا السياق، يقول "سيرجي ديرغاتشيف"، كبير مديري محفظة ديون الأسواق الناشئة في شركة إدارة الأموال الألمانية "يونيون إنفستمنت": "من أجل تهدئة الأسواق وتحسين المعنويات، نحتاج إلى إيجاد استقرار، حيث يمكن أن تبقى الأسعار لعدة أيام".

قادت سندات الخزانة طويلة الأجل العوائد إلى مستويات أعلى في الأسابيع الأخيرة، مع انتشار الألم أيضاً إلى وسط منحنى العائد. خسرت ديون الحكومة الأمريكية لأجل 25 عاماً أو أكثر حوالي 13% حتى الآن منذ بداية العام الجاري. ويتوقع بعض المستثمرين مثل "راي داليو" و"بيل غروس" المزيد من الخسائر في سندات الخزانة.

نتيجة لذلك، يتوقع الاستراتيجيون تدفقات كبيرة من الأسهم إلى سندات الخزانة، بهدف إعادة التوازن في نهاية الربع. وفي هذا الصدد، قدّر الخبراء الاستراتيجيون في "بنك أوف أمريكا" أن 88.5 مليار دولار يمكن أن تتحول إلى الأوراق المالية الأمريكية ذات الدخل الثابت، بما في ذلك 41 مليار دولار في سندات الخزانة.

وما من شك في أن البيع وضع حداً للسوق الصاعدة في سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل التي بدأت في أوائل الثمانينيات. حيث انخفض مؤشر "بلومبرغ باركليز" لإجمالي عائد سندات الخزانة الأمريكية الطويلة الأجل، الذي يتتبع السندات المستحقة في 10 سنوات أو أكثر، بنحو 20% منذ ذروته في مارس 2020، مما يضع السوق في منطقة هابطة.

الجدير بالذكر أن القفزة في تكاليف الاقتراض تدفع الشركات على الصعيد العالمي إلى العمل، حيث باعت أكثر من 740 مليار دولار من السندات المقومة بمختلف العملات حتى الآن هذا العام، وهي الأكبر على الإطلاق في مثل هذه الفترة. كما تعتبر الديون الأقصر أجلاً محل اهتمام، حيث تضم أكثر من نصف صفقات الأسبوع الماضي عالية الجودة في الولايات المتحدة فترات استحقاق تقدر مدتها بسنتين أو ثلاث سنوات، مما يُوفّر للمستثمرين درجة أكبر من الحماية من ارتفاع عائدات السندات.

كما كان أداء سندات الشركات ذات العائد المرتفع أفضل بكثير من ديون الحكومة الأمريكية أو سندات الدرجة الاستثمارية للشركات بسبب فروق أسعارها الكبيرة، مما يمنحها حاجزاً ضد ارتفاع العائدات. وبالمقابل، فإن السندات الآسيوية ذات العائد المرتفع، والتي تتمتع بأقساط عائد أكبر، خالفت الاتجاه الأوسع لكسب المال.

ما يزال الاستثمار بأوراق الدخل الثابت بالعملات المقومة بغير الدولار الأمريكي يُحقّق الأرباح، كما هو الحال في السندات الأوروبية ذات العائد المرتفع، وديون اليوان الصيني، وسلة الأوراق المالية ذات الدرجة الاستثمارية القائمة على الين الياباني. ويقارن ذلك بخسارة حوالي 5% حتى الآن هذا العام للائتمان الأمريكي من الدرجة الاستثمارية.

تصنيفات