شركة "تينسينت" تصارع للنمو رغم ضغوط الحكومة الصينية

time reading iconدقائق القراءة - 9
دمية تابعة لشركة \"تينسنت\" في مدينة شنجن الصينية. - المصدر: بلومبرغ
دمية تابعة لشركة "تينسنت" في مدينة شنجن الصينية. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تضييق بكين الخناق على شركات الإنترنت الكبرى بها، بات يقيِّد فرص شركة "تينسينت هولدنغ" (Tencent) في بحثها عن مصادر جديدة للنمو، وذلك فيما يتعلَّق بخدمات الشركة المالية التي تصل قيمتها إلى 120 مليار دولار.

وكانت هيئات الرقابة العليا في الصين قد زادت من رقابتها على الشركة الأكثر قيمة في البلاد، لتدقق في كلِّ ما يخصها. بدءاً من التدقيق في توجُّهات شركة "تينسينت" عبر الإنترنت لنحو أكثر من مليار شخص، إلى مراجعة محفظتها الاستثمارية التي تشمل مئات الشركات الناشئة. ويقال، إنَّ المنظمين يفكِّرون في إجبار شركة "تينسينت" على تغيير قسمها الواعد في مجال التكنولوجيا المالية، الذي يهدف لتحويل الشركة إلى شركة قابضة. وتتبع الصين الأسلوب نفسه مع شركة جاك ما "أنت غروب" (Ant) التي باتت تطالبه بالتغيير من عملياته.

الإقراض عبر الإنترنت

وستؤثِّر النتائج غير المؤكَّدة لهذه الجهود، على ذراع الألعاب العملاق في شركة "تينسينت". وذلك عندما يتمُّ الإعلان عن الأرباح ربع السنوية في الفترة القادمة. ويواجه المؤسس الملياردير، بوني ما (ما هواتينج)، ومساعدوه أسئلة كثيرة. تتعلَّق معظمها بنوايا بكين، وقدرتها في المضي قدماً في تجديد أكبر العمليات المصرفية، وعمليات الإقراض عبر الإنترنت في الصين بعد عمليات مجموعة "أنت".

وقد نجحت التهديدات الأخيرة بإجراء تدقيق في عمليات الشركة، بالقضاء على 170 مليار دولار من قيمة الشركة منذ شهر يناير الماضي. أما أسهمها فبقيت دون تغيير إلى حدٍّ كبير حتى يوم 24 مارس.

وذكرت وكالة "رويترز" مؤخَّراً، أنَّ بوني ما التقى بمسؤولي إدارة تنظيم السوق في وقت سابق من هذا الشهر لمناقشة الامتثال في شركة "تينسينت". وقالت "رويترز" نقلاً عن أشخاص مطَّلعين، إنَّ المسؤولين في الاجتماع الذي عقده ما، أعربوا عن قلقهم بشأن بعض ممارسات شركة "تينسينت" التجارية، وطلبوا من المجموعة الالتزام بقواعد مكافحة الاحتكار. ويبدو أنَّ هيئة مراقبة مكافحة الاحتكار كانت تجمع المعلومات، وتنظر في الممارسات الاحتكارية المحتملة لتطبيق "وي شات"، بناءً على ما أفاده التقرير.


ولم يكن لدى شركة "تينسينت" أي تعليق فوري على التقرير.

ويقول مايكل نوريس، مدير الأبحاث في شركة "إيجنسي شاينا" الاستشارية، ومقرُّها شنغهاي: "إنَّ شركة "تينسينت" على دراية كاملة بشبح التنظيم الذي يدور حول قطاع الألعاب الخاص بها. وقد يستفسر المستثمرون عن المدى الذي يمكن أن يؤدي فيه تدقيق مكافحة الاحتكار إلى إعاقة الأنشطة الاستثمارية لشركة "تينسينت" في قطاع الألعاب أو القطاعات الأخرى".

ويراهن المستثمرون على المدى القصير، على عرض قوي آخر من شركة "تينسينت" التي فاقت أرباحها التوقُّعات في ثلاثة من الأرباع السنوية الماضية. وتشمل الأمور التي يجب التركيز عليها في أعمال الشركة الصينية العملاقة، ما يلي:

خطط للتغيير الكامل

قد تكون إعادة هيكلة جناح التكنولوجيا المالية في "تينسينت" أكثر تعقيداً بكثير مما هو عليه الأمر في مجموعة "أنت". فعلى عكس شركة "جاك ما" التي تدير عملياتها في مجال التكنولوجيا المالية من خلال كيان واحد، تنتشر مدفوعات شركة "تينسينت" وإدارة أموالها، وخدماتها للإقراض في وحدات مختلفة، وتعتمد جميعها على تطبيق "وي شات". وهي الطريقة التي تصل من خلالها شركة "تينسينت" إلى المستخدمين، وتقوم بتسويق منتجاتها لهم، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية من بدءاً من لعبة "شرف الملوك" إلى لعبة "ليغ أوف ليجندز".

مواجهة القمع

لقد عاقبت هيئة مراقبة مكافحة الاحتكار في الصين شركة "تينسينت" ونظيراتها، بسبب عدم سعيهم للحصول على موافقات الاستثمارات، وعمليات الاستحواذ السابقة. وأثار المشرِّعون مرة أخرى إلى ظاهرة الإدمان على الألعاب الإلكترونية بين الشباب، خلال اجتماع لكبار القادة الصينيين في بكين خلال شهر مارس. وتنتظر شركة " تينسينت" الموافقة لإكمال الاندماج المتصور لعمالقة بث الألعاب "هويا" (Huya) و"دويو" (DouYu)، الذي من شأنه أن يخلق شركة رائدة في هذا القطاع.

الأرباح النهائية

من المتوقَّع أن تسجل الشركة نمواً في صافي الدخل بنسبة 52%، وهو ثاني أسرع نمو خلال ثلاث سنوات تقريباً. وسيحرص المستثمرون على مراقبة شركة "تينسينت"، وهي تعمل للسيطرة على نفقاتها وتقليلها خلال منافستها مع كلٍّ من "علي بابا"، و"بايدو" في القطاعات التي تستهلك الكثير من الأموال، مثل قطاع بث الفيديو التدفقي.

الألعاب عبر الإنترنت

يجب أن تقوم شركة "تينسينت" بإطلاق إصدارات مميزة لتحافظ على وتيرة النمو التي تجاوزت 45% في الربع المنتهي في سبتمبر الماضي. ويقول بيني وونغ، المحلل في بنك "أتش أس بي سي"، إنَّه كان من المفترض لأحدث لعبة، وهي "مون لايت بليد" أن تكون قد ساعدت على دعم النمو خلال العطلات، ولكنَّ الإطلاقات المستقبلية تظل أساسية لتحديد النمو. ولدى الشركة 43 لعبة جديدة من المقرَّر إطلاقها في عام 2021.

الدعاية والمدفوعات

يرى بعض المحللين، أنَّ الدعاية والمدفوعات يمثِّلان أهم محرِّكين للنمو المستقبلي للشركة، وذلك في ظل تجنُّب شركة "تينسينت" إغراء المستخدمين بالإعلانات. كما أنَّ الشركة لم تستثمر بعد في خدمة "وي شات باي" بالكامل. وكان من المتوقَّع أن تستضيف خدمة المراسلة المهيمنة في الصين معاملات بقيمة 240 مليار دولار لـِ 400 مليون مستخدم يومياً لتطبيقاتها في عام 2020.

الانطلاق إلى العالمية

لقد أظهرت الشركة تقدُّماً في الخارج مع إصدارات الهاتف المحمول من ألعاب "كول أوف ديوتي"، و"ببجي".

التكنولوجيا المالية

بما في ذلك الحوسبة السحابية. فقد حقق قسم التكنولوجيا المالية والأعمال عائدات بقيمة 4.8 مليار دولار للربع المنتهي في شهر سبتمبر، وذلك يعادل أكثر من ربع إجمالي المبيعات.

وبناءً على تقديرات شركة "بيرنشتاينإن"، فإنَّ عملية التمويل، التي تتراوح قيمتها بين 105 مليارات دولار و120 مليار دولاراً، قد تتطلَّب تدقيقاً فورياً. وكانت الصين قد أطلقت في شهر نوفمبر حملة سابقة لكبح جماح أكبر شركاتها، مع التركيز أولاً على التوءمين لإمبراطورية "جاك ما". وسارع مديرو شركتي "أنت"، و"علي بابا" إلى التعهد بالعمل مع المنظِّمين، والحفاظ على استراتيجية مالية حكيمة. ولكنَّ شي جين بينغ، حذَّر هذا الشهر من أنَّه سيطارد شركات "المنصات" التي تجمع البيانات، وتمتلك القوة السوقية، في إشارة إلى اتساع نطاق الحملة التي يشنُّها على كبرى شركات الإنترنت.

تحليل "بلومبرغ انتلجينس"

يمكن أن يمتد اتساع نطاق الحملة الصينية على أعمال شركة "تينسينت" إلى شركات التكنولوجيا المالية العملاقة الأخرى، مما يحد من نمو أسواق الائتمان، والثروة، والدفع عبر الإنترنت لتصل إلى معدَّلات أرقام فردية مرتفعة بحلول عام 2025، وذلك من نسبة 12 إلى 19%، بناءً على السيناريو الذي وضعناه. وقد تخضع الأسماء المهيمنة مثل شركات "أنت"، و"فين تيك"، و"دوكسياومان"، و"جي دي تيك" لتدقيق أكثر صرامة من المنافسين الأصغر حجماً.

فرانسيس تشان، محلل

وتعدُّ خدمة "وي شات باي" أكثر خدمات الأموال التي تقدِّمها شركة "تينسينت" وضوحاً، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بخدمة الرسائل التي تحمل مسمى خدمة رسائل وطريقة الدفع المختارة على منصة طلب سيارة التوصيل "ديدي شوكسينغ"، وشركة توصيل الطعام "ميتوان". إلا أنَّها مثل مجموعة "أنت" تدير أيضاً خدمات تنافس القطاع المصرفي الذي تديره الدولة.

وقد حقَّقت أعمال التكنولوجيا المالية إيرادات بلغت نحو 84 مليار يوان في عام 2019، أي حوالي 70% من مبيعات مجموعة "أنت" لهذا العام. وتدير مجموعة تطوير الشركات التابعة لها، التي تشرف على المبادرات الأحدث، ومنها إدارة الثروات بما في ذلك خيارات الاستثمار في الصناديق المشتركة التي يتمُّ تقديمها عبر "زي شات" و"كيو كيو"، وهي إحدى مبادرات شركة "تينسينت" التي لاقت نجاحاً في المجتمع.

ومع ذلك، قد تواجه الشركة أحد العقبات المحتملة بما يتعلَّق بأعمال الإقراض الصغير التي يديرها "وي بنك"، ويمتلكها بنسبة 30%، إذ يجب على المقرضين عبر الإنترنت الاحتفاظ بنسبة 30% من جميع القروض في دفاترهم الخاصة بدلاً من البنوك. وذلك بموجب المتطلَّبات التي تمَّ تقديمها عندما ألغت بكين الاكتتاب العام الأولي لمجموعة "أنت". وبما أنَّ شركة "تينسينت" تعمل بصفة خط إمداد بدلاً من شريك مقرض، فلا تزال القواعد بخصوص ذلك غير واضحة. فقد تضطر الشركة إلى ضخِّ رأس المال، إذا كان عليها أن تشارك في المساهمة بـ 30% من إجمالي التمويل. ومع ذلك، قالت الإدارة، إنَّ قواعد الإقراض الصغير يجب ألا تؤثِّر على منتج "ويليداي" الاستهلاكي الرائد في شركة "تينسينت".

ويقول محللو "بيرنشتاينان"، ومن بينهم روبن تشو، في مذكرة بتاريخ 23 مارس: "إنَّ المخاطر التنظيمية لشركة "تينسينت" ناتجة بشكل أساسي عن ضخامة حجمها"، إلا أنَّ: "موقعها التنافسي في أعمالها الرئيسية يظلُّ قوياً للغاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك