بلومبرغ
تحوم مؤشرات سوق الأسهم الأميركية بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل أيام قليلة فقط من نتائج شركة "إنفيديا" (Nvidia Corp)، وهي آخر الشركات التي يطلق عليها اسم "العظماء السبعة" إعلاناً عن نتائجها.
في حدث منتظر للغاية لكل من وول ستريت وعالم التكنولوجيا، ستعلن شركة تصنيع الرقائق التي تتربع في صميم جنون الذكاء الاصطناعي الذي غذى السوق الصاعدة، عن أرباحها يوم الأربعاء. وينتظر المستثمرون أدلة على أن الأرقام، إلى جانب توجيهات رئيسها جنسن هوانج، تجدد الثقة في الطلب النهم على رقائقها.
وقال جاي وودز من "فريدوم كابيتال ماركيتس" (Freedom Capital Markets) إنه "لكي تحافظ السوق على الزخم هذا الأسبوع، قد يقتصر الأمر على سهم واحد فقط وهو إنفيديا". وأضاف: "حسناً، هذا ليس صحيحاً تماماً، ولكن من المؤكد أن الضجيج حول حدث الأرباح هذا سيكون حديث مكاتب التداول ووسائل الإعلام طوال الأسبوع".
وأغلق مؤشر "إس آند بي 500" عند مستوى 5308 نقاط تقريباً. ارتفعت أسهم "إنفيديا" بناء على توقعات المحللين المراهنين على الارتفاع. قادت "إيثريوم" ارتفاعاً في سعر الأصول المشفرة، وسط تكهنات بأن المعارضة تتراجع تجاه صندوق متداول في البورصة يتتبع ثاني أكبر عملة مشفرة. انخفضت أسهم بنك "جي بي مورغان تشايس" بعدما قال جيمي ديمون إن البنك لن يعيد شراء الكثير من الأسهم "بهذه الأسعار".
كررت مجموعة أخرى من المتحدثين باسم بنك الاحتياطي الفيدرالي التأكيد على نهج الانتظار والترقب بشأن أسعار الفائدة. وانخفضت سندات الخزانة في بداية أسبوع مزدحم بإصدارات الدرجة الاستثمارية، مع اندفاع الشركات لبيع السندات قبل عطلة نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة. وارتفعت عائدات السندات لأجل عشر سنوات نقطتي أساس إلى 4.44%.
الحفاظ على الزخم
قال كريس لاركين من "إي ترايد" في مورغان ستانلي إن السوق تواجه سؤالاً مألوفاً: هل يستطيع المراهنون على الصعود الحفاظ على الزخم؟.
وأضاف: "يبدو أن المتداولين أعجبوا باتجاه الأرقام الاقتصادية الأسبوع الماضي، والتي كانت في منطقة معتدلة"، وتابع أنه مع التقويم الاقتصادي الخفيف نسبياً هذا الأسبوع نظراً لعدم وجود الكثير من البيانات، "من المتوقع أن تقود الأرباح مناقشات السوق، مع تصدر إنفيديا قائمة قوية من أسماء شركات التكنولوجيا وتجارة التجزئة".
سجل مؤشر "إس آند بي 500" عدة أرقام قياسية في عام 2024، إذ ارتفعت الأسهم الأميركية بمقدار 12 تريليون دولار منذ أواخر أكتوبر. جزء من ذلك هو الآمال بهبوط سلس مع بقاء الاقتصاد قوياً إلى حد ما بينما يهدأ التضخم، وهو ما يحفز الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة هذا العام.
اقرأ أيضاً: تراجع التركيز على الذكاء الاصطناعي في إعلانات أرباح الشركات
الجزء الآخر هو الحماس لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وتعد "إنفيديا" العملاقة للرقائق مسؤولة بمفردها عن حوالي ربع المكاسب في المؤشر. ومع شركة "مايكروسوفت" و"ميتا" و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل"، فإن ما يقرب من 53% من المكاسب المعيارية تأتي من خمسة أسهم فقط.
قال جيسون ترينيرت، من شركة "ستراتيغاس سيكيوريتيز" (Strategas Securities) إنه "منذ ظهور شركات مثل سيسكو في أواخر التسعينيات، لم يعد بوسعنا أن نتذكر أن لسهم واحد مثل هذا التأثير الهائل على توقعات السوق ككل". وأضاف أن إعلان أرباح شركة إنفيديا في شهر مايو الماضي "جعل حتى المستثمرين الأكثر تشككاً بشأن مستقبل الذكاء الاصطناعي، ينتبهون له".
قطاعات مستفيدة
بالنسبة لجيسون دراهو، من "يو بي إس غلوبال مانجمنت" فإن نتائج "إنفيديا" يمكن أن تعزز رياح الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى تضخيم موجة الشراء بدافع تحقيق أرباح.
وارتفعت أسهم أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم من حيث القيمة السوقية بنحو 5% حتى الآن في الربع الثاني، بعد ارتفاعها بنسبة 82% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
اعتباراً من إغلاق يوم الجمعة، كانت أسواق الخيارات تسعر تأرجحاً بنسبة 8.6% في أسهم "إنفيديا" للجلسة بعد إعلانها عن الأرباح.
قال ديفيد دونابيديان، من "سي آي بي سي برايفيت ويلث" (CIBC Private Wealth بالولايات المتحدة) إن "تقرير الشركة سيخضع للتدقيق، وفي مرحلة ما، قد يصبح المعيار مرتفعاً للغاية بحيث لا يمكن تجاوزه".
اقرأ أيضاً: موسم أرباح الذكاء الاصطناعي القوية لا يكتمل من دون "إنفيديا"
اعتبر استراتيجيون في "بنك أوف أميركا" بقيادة أوسونج كوون، أن "إنفيديا" المحبوبة للذكاء الاصطناعي لن تعود السهم الرئيسي الذي يعزز مكاسب سوق الأسهم، مع توسع فوائد التكنولوجيا الناشئة لتشمل صناعات أخرى. وينظر الاستراتيجيون إلى الصناعات والسلع والمرافق باعتبارها القطاعات التي ستكون من أبرز المستفيدين.
تقييمات الأسهم
كان الارتفاع الأخير في أسهم التكنولوجيا مدعوماً بتقارير الربع الأول القوية، وترقب الأرباح القوية، لكن "التقييمات لا تزال تمثل مشكلة"، وفقاً لاستراتيجيين من "آر بي سي" بقيادة لوري كالفاسينا.
قالت سايرا مالك من "نوفين" إنه "مع ارتفاع تقييمات الأسهم بالفعل، قد يكون هناك مجال أقل لاستمرار الارتفاع"، وأضافت: "نقترح إجراء مخصصات إضافية للمحفظة للقطاعات التي تخلفت عن السوق الأوسع، بسبب تقلباتها الدورية وحساسيتها تجاه أسعار الفائدة".
اقرأ أيضاً: أسهم "إنفيديا" وشركات الرقائق في طريقها للتصحيح مع تغير توقعات الفائدة
من وجهة نظرها، يجب على المستثمرين أن ينتبهوا إلى احتمالات التعرض لنقص الوزن الكبير للأسهم الأميركية الصغيرة والعقارات المدرجة في البورصة، إذ يمكن أن تنتعش هذه الصناعات بمجرد تحوّل بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيراً إلى سياسة نقدية أكثر مرونة.
الخطوة التالية
بعد تعرضه للتراجع الأول بأكثر من 5% هذا العام، انتعش مؤشر "إس آند بي 500"، ويتجه الآن نحو أفضل شهر له في عام 2024. فما هي الخطوة التالية؟
يشير التاريخ، لكنه لا يضمن، إلى أنه يجب على المستثمرين الاستمرار في المسار من خلال السماح للفائزين بالفوز، وفقاً لسام ستوفال من "سي أف آر إيه" (CFRA).
وأشار إلى أنه خلال فترات التعافي الـ 35 التي أعقبت التراجع منذ عام 1990، والتي استمرت عادة 3.5 شهر قبل الانزلاق إلى انخفاض آخر بنسبة 5% أو أكثر، ارتفع المؤشر بمتوسط 8.6%.
علاوة على ذلك، استمرت القطاعات الثلاثة التي قادت السوق خلال مرحلة الوصول من القاع إلى التعادل، في التفوق على المؤشر في فترة ما بعد التعافي بارتفاع متوسطه 10%، وتجاوزت المؤشر بنسبة 68% في معظم الأوقات، كما قال ستوفال.
سيناريو أرباح غير مرجح
ستحتاج الأرباح الأميركية إلى تسجيل قفزة حادة في الربعين الثالث والرابع لتلبية تقديرات المحللين الحالية للعام بأكمله، وهو سيناريو "غير مرجح" إذا ظلت البيانات الاقتصادية ضعيفة، وفقاً لاستراتيجيين من "جي بي مورغان" بقيادة ميسلاف ماتيجكا.
يتوقع مايكل ويلسون من "مورغان ستانلي" الآن ارتفاع مؤشر "إس آند بي" بنسبة 2% بحلول يونيو 2025، وهو تحوّل كبير عن وجهة نظره بأن المؤشر القياسي سيتراجع بنسبة 15% بحلول ديسمبر.
الاستراتيجي الذي فشلت توقعاته الهبوطية لعام 2023 في التحقق مع استمرار الأسواق في الارتفاع، استسلم أخيراً، وعزز هدفه لمؤشر "إس آند بي" إلى 5400 نقطة من 4500 نقطة. وكتب ويلسون: "في الولايات المتحدة، نتوقع نمواً قوياً لعائد السهم الواحد إلى جانب الضغط المتعدد المتواضع".
وفق خبراء استراتيجيين في بنك "إتس إس بي سي" بقيادة ماكس كيتنر، فإن الارتفاع في الأصول الخطرة سيستمر لفترة أطول، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المعنويات والمراكز على المدى القصير لم ترسل بعد إشارة تحذير، وأضاف كيتنر أن "نماذج التعلم الآلي لدينا تشير إلى بيئة سوق الأسهم التي يرتفع فيها كل شيء".