بلومبرغ
تعرضت سوق الكاكاو للتقلب الشديد في سوق العقود الآجلة يوم الثلاثاء، وسط نقص السيولة.
بعد أن تضاعفت العقود الآجلة المتداولة في نيويورك هذا العام، شهدت انهياراً تاريخياً هذا الأسبوع، إذ انخفضت عند نقطة ما بما يصل إلى 27% في أكبر انخفاض على مدار يومين في البيانات التي يعود تاريخها إلى عام 1960. ثم انعكست الأسعار في وقت لاحق يوم الثلاثاء وبقيت مرتفعة خلال اليوم.
اعتبر جوناثان باركمان، رئيس المبيعات الزراعية في "مجموعة ماركس للوساطة" أنه لم يتغير أي شيء بشكل أساسي في السوق"، مضيفاً أن "التحركات تظهر عمليات إخراج السيولة من السوق، ولهذا السبب نشهد هذه التحركات الضخمة".
اقرأ أيضاً: انخفاض أسعار الكاكاو وسط توقع زيادة المحصول وتراجع الرهان على الصعود
ويمثل تراجع هذا الأسبوع تحولاً صارخاً لسوق شهدت ارتفاع الأسعار لتحطم أرقاماً قياسية تلو الأخرى، حيث يؤثر سوء الأحوال الجوية، وشيخوخة أشجار الكاكاو، وأمراض المحاصيل، على منطقة غرب أفريقيا، التي تمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي.
يوم الثلاثاء، انخفضت عقود الكاكاو الآجلة المتداولة في نيويورك تسليم شهر يوليو بنسبة تصل إلى 13%، إلى أقل من 8000 دولار للطن للمرة الأولى منذ أكثر من شهر. ثم قامت بمحو هذا الانخفاض، ليتم تداولها بارتفاع بنسبة 2.2% عند الساعة 11:30 صباحاً بالتوقيت المحلي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تجاوزت العقود الآجلة في نيويورك 12 ألف دولار، مما جعل السلعة أكثر تكلفة من النحاس على أساس الطن الواحد.
القفزة الكبيرة في الأسعار في وقت سابق من هذا العام تعني أن المتداولين، بما في ذلك أولئك الذين قاموا بالتحوط ضد الحيازات المادية، اضطروا إلى توفير المزيد من الأموال لدفع 'طلبات تغطية الهامش، والتي تعمل بمثابة بوليصة تأمين لتغطية الخسائر المحتملة. عندما لا يستطيعون فعل ذلك، يضطرون إلى إغلاق المراكز. وقد ساعد ذلك في خفض الفائدة المفتوحة، أو عدد العقود القائمة، مما أدى إلى الحد من السيولة.
وقال محللون في "جيه بي مورغان تشيس" من بينهم تريسي ألين، في تقرير، إن ذلك يجعل من الصعب أيضاً على شركات الشوكولاتة "إضافة غطاء مادي وسعري في سيولة ضئيلة".
تراجع الأسعار
كانت نسبة الانخفاض الأخيرة مفاجأة، على الرغم من أن التراجع قد يكون قصير المدى لأن الصورة الأساسية لم تتغير، كما قال فؤاد محمد أبو بكر رئيس شركة "غانا كوكا ماركتينغ" لتسويق الكاكاو في المملكة المتحدة (Ghana Cocoa Marketing Company)، وهي شركة تابعة للهيئة التنظيمية في البلاد.
وأضاف: "تظهر حركة السوق خلال الأيام الثلاثة الماضية أن انخفاض الأسعار دائماً أسهل وأسرع من صعودها".
قد تنتعش الأسعار من المستويات الحالية. راهن بيير أندوراند، مدير صندوق التحوط المعروف برهاناته على النفط، على ارتفاع أسعار الكاكاو قبل الارتفاع الهائل الأخير. وتوقع أن تتجاوز العقود الآجلة 20 ألف دولار هذا العام. البعض الآخر راهنوا على صعود أقل.
المرحلة الأسوأ قد تكون مرت
قالت ألين من "جيه بي مورغان"، إنه "بينما لا ينبغي استبعاد المزيد من الارتفاعات على المدى القصير مقابل المدى المتوسط عندما يتراجع العجز، فإننا نتطلع إلى انخفاض الأسعار إلى حوالي 6000 دولار".
ومن المتوقع أن تقل إمدادات الكاكاو عن الطلب للعام الثالث خلال الموسم الذي ينتهي في سبتمبر. وقد دفع النقص الحاد بالفعل كبار المزارعين في ساحل العاج وغانا إلى تأخير عمليات التسليم.
ومع ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن المرحلة الأسوأ من الأزمة ربما تكون قد مرت. ورفعت كل من ساحل العاج وغانا السعر المدفوع للمزارعين في محاولة لإقناع المزارعين والوسطاء بإيقاف بيع الحبوب.
وفي الآونة الأخيرة، تحركت ساحل العاج لتجنب موجة من التخلف عن سداد صادرات الكاكاو من خلال خطة لتعويض شركات الشحن عن الخسائر.
وقال باركمان: "ربما يؤدي التحول في موقف ساحل العاج إلى فتح بعض عمليات البيع الآجل، ولكن يمكن للمرء أن يجادل أيضاً بأن يوجد أحد يريد الشراء الآجل على أي حال بسبب تكلفة تحمل التحوطات". وأضاف أن انتهاء صلاحية الخيارات كان له أيضاً تأثير في الجولة الحالية من تقلبات السوق.
إضرار بالطلب
الأسعار المرتفعة بدأت تضر بالطلب. من المتوقع أن تظل مبيعات شركة "مونديليز إنترناشيونال" صانعة بسكويت "أوريو"، ثابتة على أساس سنوي، إذ تواجه الشركة ارتفاع تكاليف الكاكاو، في وقت يواجه المستهلكون التضخم والاضطرابات الناجمة عن مفاوضات التسعير في أوروبا.
ومن شأن انخفاض أسعار الكاكاو أن يوفر بعض الراحة لصانعي الشوكولاتة، الذين شهدوا ارتفاع التكاليف، ويجوبون العالم بحثاً عن حبوب الكاكاو. ارتفعت أسهم شركة "باري كاليبات" التي تزود بعضاً من أكبر العلامات التجارية للشوكولاتة الاستهلاكية، بما يصل إلى 7.8% يوم الثلاثاء. كما ارتفع سهم "ليندت آند سبرينغلي".
وفي نيويورك، بدأت الفجوة السعرية بين أسعار الكاكاو التي سيتم تسليمها في شهري مايو ويوليو في الانخفاض. هذا على الرغم من أن العقود الآجلة المؤرخة مسبقاً تمثل أرخص كاكاو في العالم. وتوقع بعض المحللين أن يحاول التجار تأمين تسليم أكبر في بورصة نيويورك.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن نهاية ظاهرة إل نينيو المناخية، يمكن أن تساعد في تعافي المحاصيل في العام المقبل، حسبما قالت مارين موسبيرغين، رئيسة التوريد في شركة "كارغيل"، في المؤتمر العالمي للكاكاو الذي عُقد مؤخراً في بروكسل.
وقالت إن الأسعار ربما تجاوزت الحدود، وأن السوق بحاجة إلى إيجاد توازن جديد بين العرض والطلب.
ومن الممكن أن تكون احتمالات حدوث ظاهرة "لانينا" مفيدة أيضاً، حيث أن إنتاج غرب أفريقيا غالباً ما يتزايد في ظل نمط الطقس. ومن شأن ذلك أن يقترن بارتفاع الإنتاج من بلدان مثل البرازيل والإكوادور، حيث لا تسيطر الحكومات على الأسعار كما هو الحال في غرب أفريقيا، ويستفيد المزارعون استفادة كاملة من ارتفاع الأسعار.