وزير المالية اللبناني: القرار اتُخذ بخفض دعم السلع الغذائية.. وقريباً البنزين

time reading iconدقائق القراءة - 6
مظاهرات لبنان - المصدر: بلومبرغ
مظاهرات لبنان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال أن لبنان يعتزم تقليص دعم المواد الغذائية، وزيادة أسعار البنزين تدريجياً للحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية المتضائلة.

وكشف غازي وزني في مقابلة مع بلومبرغ، أن لدى مصرف لبنان 16 مليار دولار متبقية من الاحتياطيات الأجنبية، منها مليار إلى 1.5 مليار دولار فقط يمكن استخدامها لتمويل الدعم، وهو ما يكفي لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن انخفضت الاحتياطيات إلى النصف من نحو 30 مليار دولار قبل عام.

وأضاف وزني: "لم يعد بإمكان لبنان الاستمرار بنفس وتيرة الدعم"، دون أن يحدد إطاراً زمنياً لتغيير المعادلة. موضحاً أن "الدعم يُكلّف لبنان حالياً 500 مليون دولار في الشهر، أي 6 مليارات دولار في السنة، ولهذا السبب اتخذت الحكومة قراراً بترشيد الدعم وخفضه على بعض المواد".

انهيار الليرة

تأتي تصريحات وزني وسط احتجاجات غاضبة أثارها انخفاض سعر العملة اللبنانية الليرة إلى حوالي 15 ألف ليرة، اليوم الثلاثاء، متراجعة أكثر من 20% بغضون أسبوعين. ومنذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للطبقة الحاكمة في أكتوبر 2019، خسرت الليرة اللبنانية ما يقرب من 90% من قيمتها، مما أوصل الملايين إلى خط الفقر، بعد أن بلغ معدل التضخم نسبة 84% العام الماضي، بينما بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 402% في ديسمبر.

وفي ظل هذه الظروف، عمل مصرف لبنان المركزي على تحقيق الاستقرار في أسعار القمح والأدوية والوقود، من خلال تزويد المستوردين بالعملة الصعبة بالسعر الرسمي "البائد" إلى حد كبير والبالغ 1507 ليرة للدولار الأمريكي. كما وفّر أيضاً سعر صرف تفضيلي لمستوردي 300 صنف من المنتجات الغذائية والمنزلية الأساسية، مُتيحاً لهم شراء الدولار بسعر 3900 ليرة، في حين تُموّل السلع الأخرى في السوق السوداء المزدهرة بتكلفة أعلى.

وخلال المقابلة، أفصح وزير المالية، أن الحكومة ستزيل بعض المنتجات من قائمة المواد المدعومة جزئياً، بما في ذلك مكسرات الكاجو وبعض أنواع القهوة ذات العلامة التجارية، وذلك لأنها تُهرّب إلى الخارج من قِبل التجار بهدف تحقيق الربح. كما تخطط الحكومة لزيادة أسعار الوقود تدريجياً خلال الأشهر المقبلة، عبر خفض دعم البنزين من 90% إلى 85%.

لكن وزني أكّد، في المقابل، أن دعم القمح والأدوية والوقود لتوليد الكهرباء ما زال قائماً في الوقت الراهن.

لافتاً إلى أن "القرار اتُخذ بخفض الدعم على السلة الغذائية، أما القرار الذي يجب اتخاذه خلال الأسابيع المقبلة فهو يخص البنزين، لاسيما أنه وخلال فترة الإغلاق الشهر الماضي كانت كمية الاستهلاك هي نفسها، مما يُشير إلى وجود خطب ما حتماً".


يعترف وزني أن الإجراءات المتعلقة برفع الدعم ستغذي التضخم المتوقع عند مستوى 77% هذا العام، قبل احتساب الدعم المخفض. ولمساعدة الفقراء على التكيف مع الوضع الراهن، ستقدم الحكومة للمستحقين تحويلات نقدية عبر بطاقات مسبقة الدفع، ضمن إطار برنامج أقرّه البرلمان يوم الجمعة، حيث ستدفع الحكومة للأسر المحتاجة ما يصل إلى مبلغ مليون ليرة شهرياً. وعلاوةً على ذلك، حصل لبنان على قرض من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار لدعم 786 ألفاً من الأشخاص الأشد فقراً.

وفي هذا الصدد، يرى البنك الدولي أن تقاعس السياسيين في لبنان عن التحرك يعني كساداً مطولاً.

وفي معرض حديثه عن نظرة المؤسسات الدولية للوضع اللبناني، قال وزير المالية، إن الحكومة "ما زالت تخطط لخفض قيمة العملة كجزء من الانتقال إلى سعر صرف مرن، إلاّ أنها لن تتخذ هذه الخطوة بدون برنامج إصلاح اقتصادي ودعم من صندوق النقد الدولي للمساعدة في استعادة الثقة وترسيخ الليرة. مُشدّداً: "نحن ذاهبون نحو سعر صرف مرن إلاّ أننا بحاجة لبرنامج صندوق النقد الدولي".

هذا وفشل السياسيون المتناحرون في الاتفاق على تشكيلة وزارية جديدة منذ استقالة الحكومة في شهر أغسطس عقب الانفجار المدمر في ميناء بيروت. ولا يمكن لحكومة تصريف الأعمال دستورياً التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو أمر ضروري لإفساح المجال أمام المساعدات الأخرى.

والجدير بالذكر أن لبنان تخلّف عن سداد جزء من ديونه الدولية البالغة 30 مليار دولار قبل عام. وفي ظل غياب الإصلاحات أو خطط سداد متفق عليها منذ ذلك الحين، فإنه لا يستطيع الاقتراض أو جذب المستثمرين، في حين ضربت الجائحة والأزمة المصرفية القطاع الخاص وأعمال الشركات، لذلك "لم يكن من المفاجئ أن تضعف الليرة"، بحسب وزني.

تدهور سريع

يُلخّص وزير المالية اللبناني الوضع الحالي قائلاً: "إن انعدام التدفقات بالدولار، وتدهور الثقة، والمأزق السياسي الحالي، هي جميعها عوامل تعني عدم اليقين والخشية من المستقبل، بموازاة تراجع الاحتياطيات الأجنبية. كما أن هناك عوامل مالية واقتصادية وسياسية تلعب دوراً، وعوامل ظرفية أدت إلى التدهور السريع في غضون أيام قليلة".

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنسبة 25% العام الماضي. أما بالنسبة لتوقعات 2021، فيرى وزني أنها تعتمد على توقيت اتفاق السياسيين على تشكيل الحكومة وتأمين المساعدات الخارجية. مشيراً إلى أنه بدون إحراز تقدم ملموس، سينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 10%. أما وفق أفضل السيناريوهات، فسينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2% إلى 5٪ .

إلى ذلك، من المتوقع أن يتقلص عجز الميزانية إلى نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، هبوطاً من 6% العام الماضي و11% في 2019، ويرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى التخلف عن سداد وإلغاء ما يقرب من نصف الدين بالعملة المحلية الذي يحمله مصرف لبنان.

ولا يتضمن مشروع الموازنة الجديدة أية زيادات في ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة، بل يقترح وزني بدلاً من ذلك فرض ضريبة بنسبة 1% على الودائع المصرفية التي تزيد عن مليون دولار، وضريبة بنسبة 10% إلى 30% على الفوائد التي تجنيها البنوك من ودائعها لدى البنك المركزي.

هذا ولم توافق الحكومة بعد على الميزانية، والتي قد تواجه معارضة من البنوك والمودعين الذين عانوا بالفعل من خفض غير رسمي لقيمة أموالهم المودعة بالبنوك بأكثر من 65%.

تصنيفات

قصص قد تهمك