بلومبرغ
حقق الجنيه الإسترليني أداءً أفضل من 92% من عملات العالم هذا العام، وسط مؤشرات تُظهر أن اقتصاد المملكة المتحدة أقوى مما كان متوقعاً، وهو أمر يبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
لم تتفوق سوى 11 عملة فقط، بما فيها عملات كينيا وزامبيا وسريلانكا، في أدائها على الجنيه الإسترليني حتى الآن في 2024، وفقاً لـ"بلومبرغ" التي تتبعت أسعار الصرف لأكثر من 140 عملة حول العالم.
يشير محللون إلى أن سبب هذا التفوق هو إظهار الاقتصاد البريطاني مرونة أكبر من المتوقع. وهذا يمكن أن يشجع المملكة المتحدة على إبقاء أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية لفترة أطول مما يفعله كثير من نظرائها الكبار، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي.
بينما يُتوقع أن يُخفض كل من الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي أسعار الفائدة في يونيو، يُرجح المتداولون أن يبدأ بنك إنجلترا في إجراءات التيسير النقدي خلال أغسطس.
أسوأ مزيج للنمو والتضخم
قال أثناسيوس فامفاكيديس، رئيس استراتيجية عملات مجموعة العشر لدى "بنك أوف أميركا"، الذي يتوقع ارتفاع الجنيه الإسترليني إلى 1.37 دولار بحلول نهاية العام، إن "المملكة المتحدة شهدت خلال العام الماضي أسوأ مزيج من النمو والتضخم بين الاقتصادات الكبرى، لكن يبدو أن الاقتصاد يتعافى الآن، بينما ينخفض التضخم". وأشار إلى أن مزيج البيانات الاقتصادية يتحسن، مما يدعم الجنيه الإسترليني، خاصة وسط الإجماع على التوقعات السلبية.
ارتفع الجنيه الإسترليني إلى نحو 1.29 دولار الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى له في سبعة أشهر، مسجلاً أفضل أسبوع له مقابل الدولار منذ نوفمبر. كما أن البيانات المنتظر صدورها خلال الأيام المقبلة قد تُعزز ارتفاع العملة وتؤكد الرواية التي تشير إلى عودة اقتصاد المملكة المتحدة إلى سابق عهده.
يتوقع أن يُظهر متوسط الدخل الأسبوعي أن سوق العمل في المملكة المتحدة لا تزال قوية، حيث ارتفعت الأجور بنسبة 5.7%. كذلك يرجح أن تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي الشهرية نمو الاقتصاد مجدداً في يناير بعد انكماش طفيف خلال ديسمبر، فيما يُتوقع أن يسجل الإنتاج الصناعي زيادة سنوية قدرها 0.7% في يناير، وهي وتيرة أسرع قليلاً من الشهر السابق.
الفائدة المرتفعة تبطئ الاقتصاد
تجنبت المملكة المتحدة الانكماش الحاد الذي توقعه الكثيرون لعام 2023، لكن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة التي رفعت سعر الفائدة الرئيسي إلى 5.25% تسببت في تباطؤ اقتصاد البلاد. وواجه المستهلكون ضغوطاً هائلة مع ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة وأقساط الرهن العقاري، مما أدى إلى تقليص الإنفاق وتراجع الثقة في قطاع الأعمال إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.
لكن محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، قال خلال الشهر الماضي إن المؤشرات الرئيسية في سوق العمل وأسعار الخدمات تُظهر "علامات مشجعة"، حتى وإن شدد على أن صُناع السياسة النقدية يبحثون عن دلائل تثبت إمكانية استدامة التقدم.
هناك أسباب وجيهة لتوخي الحذر، فعلى سبيل المثال، تراجعت ثقة المستهلك في المملكة المتحدة في فبراير، مما يشير إلى أن الأسر ليست مستعدة للإنفاق بسخاء.
قالت جين فولي، رئيسة وحدة استراتيجية العملات الأجنبية في "رابوبانك" (Rabobank)، إن تصريحات بيلي بشأن انتهاء أسوأ فترة يواجهها اقتصاد المملكة المتحدة لاقت اهتماماً طفيفاً. وهذا الأمر سيُختبر الأسبوع المقبل مع صدور بيانات اقتصادية مهمة.
يأتي هذا الارتفاع أيضاً مع تجاوز السوق حالة الشك والغموض التي أحاطت بإعلان موازنة المملكة المتحدة الأسبوع الماضي.
فوضى في الأسواق
كان بعض المستثمرين قلقين من احتمال أن تعلن الحكومة عن حزم إنفاق كبيرة قبل الانتخابات العامة المقررة نهاية العام الجاري، خاصة مع تخلف حزب المحافظين بفارق كبير عن حزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي. دخلت الأسواق في حالة فوضى خلال 2022 بعد أن حاولت حكومة ليز ترس تحفيز النمو من خلال تخفيضات ضريبية غير ممولة.
أوضحت كاثلين بروكس، مديرة قسم الأبحاث في "إكس تي بي" (XTB)، أن حقيقة ارتفاع الجنيه الإسترليني وانخفاض عوائد السندات في أسبوع إعلان الموازنة تعد علامة على مدى تعافينا من تداعيات عصر ترس المأساوي. ويعد ارتفاع الجنيه الإسترليني علامة أيضاً على الثقة في المملكة المتحدة، بعد أعوام قليلة من التشاؤم والتدهور.