بلومبرغ
أصبحت الأسهم اليابانية أكثر الأصول حساسية وتأثراً بحركة الين منذ عامين وفقاً لمعيار واحد، هو زيادة مخاطر أن يتوقف الانتعاش القياسي في سوق الأسهم.
ألقت حركة السوق يوم الخميس ضوءاً على هذه العلاقة وأبرزتها، إذ شهد مؤشر "نيكاي 225" أكبر انخفاض له منذ ما يزيد على شهر، ويرجع ذلك إلى ارتفاع سعر الين مقابل الدولار بسبب زيادة التكهنات بأن "بنك اليابان" سينهي سياسة سعر الفائدة السلبي في اجتماعه الذي سيعقد يومي 18 و19 من مارس الجاري.
ففي الأسبوع الجاري، قفزت الزيادة فيما يطلق عليه معامل بيتا، الذي يقيس درجة تأثير حركة الين على مؤشر "نيكاي"، إلى أعلى مستوى لها منذ يناير 2022. ومعنى ذلك أن ارتفاع العملة اليابانية بنسبة 1% قد يتسبب في هبوط بنسبة 2% تقريباً في مؤشر الأسهم القيادية، كما تظهر البيانات التي جمعتها "بلومبرغ". كذلك زاد الارتباط بين حركتي الين ومؤشر "نيكاي" إلى أعلى مستوى له منذ مايو من العام الماضي.
صعود الين وأسهم البنوك بعد زيادة الرهان على رفع الفائدة
توقف ارتفاع "نيكاي" منذ موجة الانتعاش التي تجاوزت جميع الأسواق العالمية ودفعت المؤشر هذا الأسبوع فوق مستوى 40 ألف نقطة لأول مرة في تاريخه، وتساعد زيادة الارتباط بين المؤشر والعملة اليابانية على تفسير تحول سوق الأسهم إلى التباطؤ. وقد يكون أمام مكاسب الين الياباني، التي تضغط على أرباح المصدرين، مساحة أخرى لمواصلة الارتفاع، إذ تشير أرقام التضخم والأجور إلى أن أول رفع لأسعار الفائدة منذ عام 2007 أصبح وشيكاً، أضف إلى ذلك ما يقال من أن بعض المسؤولين في "بنك اليابان" يفضلون اتخاذ إجراء في وقت أقرب.
تأثير تقلبات الين على الأسواق
قال أمير أنورزاده، الاستراتيجي في شركة "أسيمتريك أدفايزرز" (Asymmetric Advisors): "مما يدعو للأسى فعلاً أن تحركاً صغيراً في أسعار الين مقابل الدولار يمكن أن يقوض تعاملات قوية إلى هذه الدرجة. دعونا نأمل أن يتسع نطاق السوق بما يكفي لاستيعاب احتمالات البيع" في أسهم شركات اليابان التي تستفيد من ضعف الين.
زادت الرهانات على هبوط الين عند صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول إلى أعلى مستوى لها منذ أبريل 2022، كما يظهر من بيانات "لجنة تداول العقود الآجلة للسلع" (CFTC). وقد يؤدي التخلص التدريجي من هذه المراكز الاستثمارية إلى تسارع مكاسب العملة اليابانية،ـ التي يُنتظر أن ترتفع قيمتها إلى 139 يناً أمام الدولار الأميركي مع نهاية 2024، وفق تقديرات المحللين التي جمعتها "بلومبرغ".
كتبت جوي تشو، رئيسة أبحاث النقد الأجنبي في آسيا لدى بنك "إتش إس بي سي هولدينغز"، في مذكرة بحثية: "هناك فرصة أمام السوق للمراهنة على مزيد من رفع أسعار الفائدة، ويعتمد ذلك على تصريحات (بنك اليابان) بعد عودة الوضع الطبيعي للسياسة النقدية وما يحدث في مفاوضات الربيع حول الأجور. فإذا حدث ذلك في وقت يسود فيه الاعتقاد بأن عودة المراهنة على إجراءات تقشفية من جانب (بنك الاحتياطي الفيدرالي) قد انتهت إلى حد كبير"، وقد يرتفع الين أكثر من ذلك بالنظر إلى أن مراكز المضاربة على المكشوف في العملة اليابانية بلغت الآن حدوداً قصوى.
رهانات على استمرار ضعف الين
مع ذلك، يراهن بعض المستثمرين على استمرار ضعف الين حتى بعد تعديل "بنك اليابان" سياسته النقدية. فعلى الرغم من توقع شركة "بلاك روك" أن يبدأ المركزي الياباني في إعادة سياسته النقدية إلى الوضع الطبيعي مبكراً في شهر مارس الجاري، إلا أنها رجحت أن يأتي تغير وجهة البنك معتدلاً وملائماً لحالة السوق. ووفقاً لأكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، سوف تتأثر أرباح الشركات بنسبة محدودة بعد زيادة قيمة الين، التي ستنتج عن رفع سعر الفائدة بنسبة متواضعة.
مكاسب قياسية لبنك اليابان من صناديق المؤشرات بعد قفزة الأسهم
قال ناكا ماتسوزاوا، رئيس الاستراتيجية في شركة "نومورا سيكيوريتيز": "بدأ الدولار الأميركي يفقد قوته الدافعة، وقد يترتب على احتمال أن يقوم (بنك اليابان) برفع الفائدة في مارس إلى زيادة قيمة الين قليلاً مما يدفع المستثمرين إلى الخروج من أسهم الشركات التي تعتمد على التصدير وشراء أسهم الشركات التي تعتمد على الطلب المحلي. ومع ذلك، فإن أفق ارتفاع قيمة الين محدود إذا وضعنا في اعتبارنا استمرار انخفاض مستوى التقلب في سوق النقد الأجنبي وحالة الغموض والشك التي تحيط بتوقيت زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة".