بلومبرغ
عاد خوف المستثمرين من ضياع الفرصة ليغذي حالة القلق من احتمال تراجع السوق.
ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" حتى أن كثيراً من المستثمرين لا يرغبون في تضييع الفرصة التي ساعدت على ظهورها قوة أرباح الشركات واتجاه معدل التضخم عموماً نحو الهبوط.
ومع ذلك، يخشى بعض المراقبين في السوق من أن لا يكون الصعود مستداماً، وبدأت ملامح ذلك تظهر للعيان في ضوء حقيقة أن ارتفاع المؤشر بنسبة 30% على مدى اثنين وخمسين أسبوعاً مضت نتج عن أداء حفنة قليلة من الأسهم مثل سهم شركة الذكاء الاصطناعي "إنفيديا كورب".
هوس الذكاء الاصطناعي ينتقل لسهم "AMD" لتصنيع الرقائق
فيما يلي، يقدم الخبراء في السوق والمستشارون الماليون نصائح حول كيفية التعامل مع الأسواق المتقلبة وإنشاء محفظة يمكنك الالتزام بها. فعلى الرغم من حتمية هبوط السوق، قد يساعد التفكير في التأثير المحتمل لهبوطها على تجنب القيام بأي خطوات متهورة. لذلك، عليك أن تأخذ في اعتبارك ما يلي:
الأسواق تميل إلى التعافي بسرعة
حتى نضع هبوط السوق في إطاره الصحيح، يقترح سام ستوفال، رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة "سي إف آر إيه ريسيرش" (CFRA Research)، استخدام تاريخ سوق الأسهم كـ"حبوب مهدئة افتراضية".
يقول ستوفال: "إن ما يدهشني هو المدة الزمنية التي يعتقد الناس أن السوق تحتاجها حتى تعود إلى نقطة التعادل بعد حركة تصحيحية أو هبوط يتراوح بين 10% و20%. فمعظم الناس قد يقولون سنوات، على الرغم من أنها تحتاج حوالي أربعة أشهر في المتوسط".
إن سرعة ارتداد السوق تتعارض مع استراتيجية توقيت السوق (أي بيع وشراء الأسهم بناءً على توقعات تغير الأسعار). كذلك، عند استخدام استراتيجية توقيت السوق، يجب أن تتخذ قراراً صحيحاً بتوقيت الخروج من السوق وتوقيت العودة إليها. يوضح ستوفال أن الناس في أغلب الأحوال يقنعون أنفسهم بالعدول عن العودة إلى السوق، خوفاً من أن تكون الحركة الصعودية مجرد مقدمة لهبوط آخر. ومع ذلك، فقد ينتج عن تفويت عددٍ قليلٍ من الأيام التي تتميز بأداء قوي للأسهم أثر سلبي كبير على عوائد الاستثمار في المدى الطويل.
هبوط السوق أمر طبيعي
إن ارتفاع الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة أمر طبيعي في أي سوق تتسم بالكفاءة، ينطبق ذلك أيضاً على موجات الهبوط.
ويقول روب ويليامز، العضو المنتدب لشؤون التخطيط المالي في "تشارلز شواب": "حتى تكون مستثمراً منضبطاً، ينبغي أن تتقبل مسبقاً أن أحوال السوق لا تستمر إلى مالا نهاية، حتى في الأسواق الجيدة. ذلك أنها تنخفض بالتأكيد، والأمر الإيجابي هو أنها تتعافى بشكل عام، وتستمر حركتها عموماً في اتجاه الارتفاع".
ناقشت دراسة تحليلية لشركة "شواب" حالات الهبوط التي حدثت خلال السنة في سوق الأسهم على مدار 20 عاماً من 2002 إلى 2021. وكشفت عن حالات هبوطٍ بنسبة 10% في 10 من أصل 20 عاماً، أي نصف المدة الزمنية، وبلغ متوسط حجم التراجع 15%. وخلال سنتين إضافيتين، تراجعت الأسهم بنسبة 10% تقريباً.
يبدو أن هذه النتائج تدعو إلى التوتر والقلق، غير أن الجانب الإيجابي في هذه الصورة أن الأسهم ارتفعت في معظم تلك السنوات، وكان متوسط المكاسب في نهاية العام نحو 7%، وفقاً لدراسة "شواب".
التنويع حماية
على الرغم من أن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" يهيمن على أفق الاستثمار، فإن معظم الناس لا يستثمرون كل أموالهم في هذا المؤشر ولا في أسهم شركات التكنولوجيا الضخمة التي تقود أداءه.
وسواء كان المرء يستعين بمستشارمالي أو يستثمر في سوق الأسهم من خلال صندوق استثمار محدد بإطار زمني في خطة تقاعد، فعلى الأرجح أن حيازاته من الأسهم أكثر تنوعاً مما يعتقد.
قالت لورا ماتيا، مؤسسة شركة "أطلس فيدوشري فايننشال": "نحن نستمر في تثقيف العملاء وتذكيرهم بأنهم لا يستثمرون ببساطة في مؤشر (ستاندرد أند بورز 500)، وأسهم عمالقة التكنولوجية، حيث التقلبات الهائلة في أسعار الأسهم، والتداول المدفوع بالعاطفة والمخاطر المتأصلة، كما اتضح من هبوط تلك الأسهم في عام 2022. فعلى الرغم من أن أسهم الشركات الأميركية الكبيرة قد تشكل جزءاً من استثمارات عملائنا، فإن محافظهم الإجمالية تتسم بتحقيق التوازن بين فئات الأصول المختلفة التي لا تتضخم أسعارها إلى درجة المبالغة".
إن معرفة كيف يستثمر الصندوق المحدد بإطار زمني أموال المدخرين ربما تبعث على الاطمئنان حال انخفاض السوق، ومن السهل معرفة ذلك بمجرد البحث عن الصندوق على محرك "غوغل".
فمثلاً، شملت محفظة أي شخص اقترب من التقاعد في صندوق "فيدليتي فريدم 2030" (FFFEX)، نحو 56% في صورة أسهم عند نهاية عام 2023. غير أن هذه الأسهم لم تكن جميعها في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500". إذ تنوع الاستثمار في الأسهم على صناديق المؤشرات عبر مناطق جغرافية وأنماط استثمار مختلفة، شاملة الأسهم الدولية، وأسهم النمو والقيمة، وأسهم الشركات الكبيرة والصغيرة.
وفي الوقت نفسه، تركزت 83% من أموال المستثمرين الأصغر سناً في صندوق "فيدليتي فريدم 2055" (FDEEX) في الأسهم. ومرة أخرى، توزعت هذه الأسهم على مختلف المناطق الجغرافية والقيم السوقية وأسهم القيمة وأسهم النمو. ومن الناحية النظرية على الأقل، ينبغي على المستثمرين الأصغر سناً أن يرحبوا بفترات هبوط الأسهم باعتبارها فرصاً مناسبةً لشراء مزيد منها بأسعار منخفضة.
إعادة التوازن تقلل من المخاطر
إذا قمت أنت أو مستشار مالي بتحديد توزيع الأصول في محفظتك الاستثمارية، مثل التقسيم التقليدي 60/40 بين الأسهم والسندات، فربما تدهورت حال محفظتك الاستثمارية بسبب ارتفاع السوق. فقد صُممت محفظتك لتعكس أهدافك والآفاق الزمنية المرتبطة بتلك الأهداف، لذا فإن إعادة تعيين النسب المئوية يبقيك على المسار الصحيح.
إن بيع الأسهم التي ارتفعت قيمتها في حساب خاضع للضريبة يعني بالتأكيد دفع ضرائب أرباح رأسمالية في العام التالي، ولكنه يحقق تلك المكاسب ويقلل المخاطر في المحفظة. وربما تستطيع موازنة تلك المكاسب من خلال بيع بعض الأسهم بخسائر بهدف خفض الضرائب.
يقترح وليامز من شركة "شواب" إعادة توازن المحفظة مرة واحدة في السنة. وقال: "إذا قمت بتكرار عملية إعادة التوازن أكثر من ذلك، فإنك تبالغ في رد الفعل على تحركات السوق".
تستطيع بناء أوعية احتياطية
يدير العديد من المخططين الماليين أموال العملاء في "أوعية" استثمارية مختلفة مخصصة لأهداف وآفاق زمنية مختلفة.
فوعاء الاستثمار الذي يغطي احتياجات قصيرة الأجل سيتبع استراتيجية استثمار متحفظة. يقول جورج غاغلياردي من شركة "كورومانديل ويلث مانجمنت" (Coromandel Wealth Management) لإدارة الثروات إن شخصاً يقترب من التقاعد سيحتاج إلى السحب من المدخرات لتغطية النفقات، لذلك فإن هذا الوعاء الاستثماري سيضم سندات منخفضة التقلبات بآجال من سنة إلى ثلاث سنوات، مثل سندات الخزانة أو السندات عالية الجودة ذات الآجال القصيرة.
هناك أيضاً أوعية استثمار متوسطة الأجل، ربما لتمويل تعليم الأبناء، وأوعية طويلة الأجل لمدخرات التقاعد. فإذا كنت ستبلغ سن التقاعد بعد بضعة عقود، فإن هذا الوعاء سيستثمر في الأسهم بكثافة بهدف تحقيق نسبة نمو أعلى على المدى الطويل والتغلب على تأثير التضخم. وبما أن لديك وعاءً استثمارياً قصير الأجل تستطيع اللجوء إليه لتلبية الاحتياجات المباشرة والعاجلة، فلن تحتاج إلى الاقتراب من تلك الأموال المستثمرة استثماراً طويل الأجل وتستطيع أن تتجنب بيع الأسهم أثناء هبوط السوق.