بلومبرغ
يلجأ المتسوقون المهتمون بالأسعار في الصين إلى بدائل أرخص وسط الانتعاش الاقتصادي الهش، مما يوفر دفعة كبيرة للشركات التي تخدم هذا الاتجاه مع زيادة الضغط على العلامات التجارية الفاخرة.
أدى هذا التقشف إلى زيادة أرباح وأسعار الأسهم لشركات مثل سلسلة الوجبات السريعة "يم تشاينا هولدينغز" (Yum China Holdings)، التي تدير "كنتاكي" و"بيتزا هت" في البر الرئيسي الصيني، وشركة "فاست ريتايلينغ" (Fast Retailing)، المالكة لشركة "يونيكلو" (Uniqlo)، والتي لاقت إشادة إيجابية نظير توسعها في الصين.
في الوقت نفسه، أثرت العروض الضعيفة التي قدمتها العلامات التجارية الأغلى، مثل "ستاربكس" و"لوريال"، في السوق الاستهلاكية العملاقة على أداء أسهمها.
بدأ المستهلكون الصينيون، الذين كانوا ذات يوم من كبار المشترين للسلع الفاخرة العالمية، في كبح إنفاقهم بسبب تأثر الثقة بأزمة العقارات وانعدام الأمان الوظيفي. وانخفضت أسعار المستهلكين لأربعة أشهر متتالية، مما أدى إلى تكثيف حرب الأسعار بين تجار التجزئة. كما يطالب المتسوقون بقيمة أكبر مقابل المال، مما يضع العلامات التجارية المتوسطة في موقف صعب ويجعل بيع السلع الفاخرة أكثر صعوبة.
تحول سلوك المشترين في الصين
قال تيرينس كان، استراتيجي محافظ العملاء بشركة "فيديليتي إنفستمنت مانجمنت"، إن "المواطنين يفتقرون الثقة للاستثمار أو الإنفاق على أمور باهظة الثمن مثل شراء منزل جديد أو سيارة جديدة أو إجراء استثمارات أكبر"، وهذا الاتجاه سيستمر. وأن "هذا الأمر يعد تحولاً في سلوك الشراء لدى الشعب الصيني، الذي تحركه الثقة"، المرهونة بانتعاش سوق العقارات.
مؤشرات على انتعاش قوي للاقتصاد الصيني مع انتهاء قيود "كوفيد"
وفي ظل توقعات استمرار فتور الاقتصاد الصيني في الوقت الراهن، ستضطر الشركات العالمية إلى تعديل أوضاعها للاستفادة من حصة أكبر من السوق. وكان التحول واضحاً أيضاً في العلامات التجارية المحلية، حيث فقدت "علي بابا غروب هولدينغ" (Alibaba Group Holding) لفترة وجيزة مكانتها باعتبارها شركة التجارة الإلكترونية الأكثر قيمة في الصين لصالح الشركة الناشئة "بي دي دي هولدينغز" (PDD Holdings) خلال العام الماضي، والتي تشتهر بمنصة الصفقات المحلية "بيندودو" (Pinduoduo).
ارتفعت أسهم "يم تشاينا" إلى أعلى مستوياتها منذ 2022 في بداية فبراير الجاري بعد أن تجاوزت مبيعات الربع الرابع التقديرات، مما يعكس نجاح مشغل سلسلة الوجبات السريعة في تقديم صفقات جديدة لجذب العملاء الصينيين الحذرين. وأظهرت الأرباح أن مبيعات المتاجر الحالية لكل من "كنتاكي" و"بيتزا هت" ارتفعت، فيما ارتفعت زيارات العملاء بحوالي 15% مقارنة بالعام الماضي.
وسجل سهم شركة "ماكدونالدز" أكبر ارتفاع شهري خلال عام في نوفمبر بعد إعلانها عن خطة لشراء حصة الأقلية في "كارلايل غروب" (Carlyle Group) وهي شراكة من شأنها تولي إدارة أعمال السلسلة في الصين. وقالت الشركة لاحقاً إنها تعتزم فتح حوالي 1000 مطعم في الصين هذا العام.
أزمة السلع الفاخرة
كان تقشف المستهلكين الصينيين واضحاً بشكل كامل خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، حيث انخفض نصيب الفرد من إيرادات السياحة مقارنة بعام 2019 رغم ارتفاع عدد الرحلات الداخلية بنسبة 19%. في الوقت نفسه، يُظهر انخفاض أسعار المستهلك أن الضغوط الانكماشية تترسخ وتقوض القدرة التسعيرية للشركات.
انتعاش السفر بالعطلات في الصين يوحي بتحسن إنفاق المستهلكين
كما تجنب العملاء العلامات التجارية العالمية التي علقت آمالها على انتعاش القدرة الشرائية في الصين.
أسهم "لوريال"
ما تزال أسهم "لوريال" تتعافى بعد المبيعات المخيبة الناتجة عن انخفاض تسوق المسافرين الصينيين، ما أدى إلى انخفاض السهم ليوم واحد بأكثر من 7% في أوائل فبراير. كما أن سهم شركة "نايكي"، التي تشكل الصين حوالي 14% من إيراداتها، ظل منخفضاً بأكثر من 13% منذ أن قدمت شركة صناعة الملابس الرياضية توقعات ضعيفة للصين في أواخر ديسمبر.
على الجانب الآخر، ما يزال صانع مستحضرات التجميل الياباني "شيسيدو" (Shiseido) بعيداً عن الارتفاع التاريخي الذي تشهده البلاد في وقت تكافح فيه بسبب ضعف المبيعات في الصين، التي تمثل حوالي ثلث الإيرادات.
الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين ينزلق لأقل مستوى منذ 30 عاماً
وأصبحت شركة "لوكين كوفي" (Luckin Coffee)، التي تبيع المشروب بسعر 9.9 يوان (1.38 دولار) للكوب، أكبر سلسلة قهوة في البر الرئيسي العام الماضي، متفوقة على "ستاربكس" في المبيعات السنوية لأول مرة.
شهدت "ماكدونالدز" و"يم تشاينا" و"فاست ريتايلينغ" ارتفاع تقديرات أرباحها الآجلة لمدة 12 شهراً هذا العام، حيث تعد الصورة أكثر تبايناً بالنسبة للعلامات التجارية الفاخرة. كما تلقت "لوريال" و"شيسيدو" تقييمات سلبية، فيما رفع المحللون تقييم كل من "ستاربكس" و"نايكي".
وبالرغم من أن أداء الأسهم الفاخرة الأوروبية كان جيداً مؤخراً وسط عودة إنفاق المستهلكين الأميركيين، إلا أن هناك سبباً للحذر حيث قدر "سيتي غروب" أن الصين مسؤولة عن مبيعات 10% تقريباً من هذه الفئة.
وقال رونالد تشان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "تشارتويل كابيتال" (Chartwell Capital): "لا أحد يتسوق لشراء منتج باهظ أو متوسط الثمن. إنهم ينفقون على المنتجات منخفضة التكلفة".