بلومبرغ
تواجه موجة الصعود الباهرة للأسهم الهندية التي جعلت منها أصولاً مفضلة عند المستثمرين رياحاً معاكسة تتجاوز مجرد ارتفاع أسعارها.
إعلان الشركات أرباحاً دون توقعات المحللين، وارتفاع جاذبية الأسواق المنافسة وسط توقعات بانتهاج الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة نقدية تيسيرية، علاوة على بوادر الانتعاش في الأسهم الصينية، كل ذلك يلقي ظلالاً من الشك حول استمرار صعود الأسهم الهندية.
أثناء هذا الصعود حققت المؤشرات الرئيسية في البلاد عام 2023 مكاسب قياسية لثمانية أعوام متتالية.
خفض كل من بنكي "سيتي غروب" و"سوسيتيه جنرال" تقييم الهند، وباع الأجانب أسهماً هندية بقيمة صافية بلغت 3.8 مليار دولار منذ بداية العام الحالي، وهو أعلى مستوى لخروج الأجانب من أسواق آسيا الناشئة عدا الصين.
المستثمرون الذين يتعاملون في أصول متعددة يفضلون سندات الروبية على أسهم الدولة الواقعة في جنوب آسيا، ويقول البعض إن تدفق الأموال إلى خارج الصين ربما يتباطأ مع تكثيف البلاد جهودها الرامية إلى إنقاذ السوق.
قال شون تايلور، رئيس شؤون الاستثمار في شركة "ماتيوز آسيا" (Matthews Asia): "الهند هي أفضل استثمار طويل المدى، غير أننا نجني بعض الأرباح" بسبب ارتفاع أسعار الأسهم. وأضاف: "ولأنني أحتاج إلى زيادة استثمار رأس المال في أسواق أخرى مثل كوريا وتايوان، سوف أقلل الاستثمار في الهند على أساس يتناسب مع تخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة".
جني الأرباح والاستثمار طويل المدى
على الرغم من عمليات جني الأرباح في المدى القصير، ماتزال توقعات الهند في المدى الطويل قوية ومتماسكة، ويعود ذلك إلى نمو اقتصاد البلاد بوتيرة سريعة، وزيادة حجم الطبقة الوسطى من السكان، ونهوض قدراتها التصنيعية.
قالت جوهي آن، رئيسة شؤون الاستثمار في شركة "ميراي أسيت غلوبال إنفستمنتس" (Mirae Asset Global Investments) في هونغ كونغ: "على ما يحيط بها من مخاوف تتعلق بالتقييم، تظل السوق الهندية في منطقة جيدة. فعند النظر إلى الهند ننطلق من رؤية تعتمد آجالاً أطول بالمقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى".
ومع ذلك، ينتقل المستثمرون الآن إلى حالة دفاعية بعد أن سجلت مجموعة من الأسهم أرباحاً دون التوقعات تزيد على الأسهم التي تجاوزتها في آخر موسم للإعلان عن الأرباح، علاوة على ضعف الطلب الاستهلاكي في بعض جوانب الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 3.4 تريليون دولار، واستمرار البنك المركزي في تبني سياسة نقدية تقشفية.
الهند مقابل الصين
ماتزال أسعار الأسهم الهندية قريبة من أعلى مستوياتها مقارنة مع قريناتها من الأسهم الصينية المتردية في نفس اللحظة التي تكشف فيها إدارة الرئيس شي جين بينغ عن إجراءات تهدف إلى تنشيط السوق وتعزيز مستوى الثقة. وقد يدفع ذلك بعض المستثمرين إلى إعادة التفكير في توزيع استثماراتهم في الأصول في مختلف أنحاء المنطقة.
يصل مكرر الربحية لمؤشر بورصة بومباي الرئيسي "إس أند بي - بي إس إي سينسكس" (S&P BSE Sensex) بناء على إجماع المحللين لأرباحه المستقبلية على مدى 12 شهراً إلى 20 مرة، ما يزيد عن متوسطه في 10 سنوات، ويجعل منه أعلى المؤشرات سعراً في آسيا. أما المؤشر المعياري للبر الرئيسي في الصين "شنغهاي شنزن 300" (CSI 300)، الذي سجل أدنى مستوى له في خمسة أعوام خلال الشهر الجاري، فيجري تداوله بمضاعف ربحية أعلى قليلاً من 10 مرات أرباحه المستقبلية.
قالت فيكي تشي، مديرة محافظ في شركة "روبيكو" (Robeco) في هونغ كونغ: "نقوم الآن بتخفيف وزن أصول البلاد في محافظنا لأننا نستثمر في القيمة ونشعر بالمعاناة في هذه السوق، إذ لا توجد في الهند أي أصول رخيصة الثمن من تلك التي نفضلها".