تايوان تخشى اصطياد الصين موهوبيها للسيطرة على صناعة الرقاقات الإلكترونية

time reading iconدقائق القراءة - 6
اتهامات تايوانية لبكين بالسعي للسيطرة على صناعة الرقاقات - المصدر: بلومبرغ
اتهامات تايوانية لبكين بالسعي للسيطرة على صناعة الرقاقات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أدَّت تحقيقات تايوانية في قضية "تصيُّد" شركة "بتمين تكنولوجيز" (Bitmain Technologies Ltd) للمواهب بشكل غير قانوني إلى إحياء المخاوف بشأن استهداف الشركات الصينية كبار المهندسين التايوانيين، في ظلِّ سعي بكين إلى بناء صناعة عالمية المستوى في مجال الرقاقات.

ووفقاً لما ذكره "تشانغ جوي تشوان"، المتحدِّث باسم مكتب المدعي العام في تايبيه الجديدة، زار المحققون يوم الثلاثاء الماضي مكاتب وحدتي "بتمين" في تايوان، وأجروا مقابلات مع 19 شخصاً في إطار إجراء تحقيق حول ما إذا كانت شركة التعدين

المشفرة الناشئة قد انتهكت القوانين المحلية؛ إذ يُشتبه في أنَّ الشركة الصينية، التي تطوِّر أشباه الموصلات لأغراض التعدين ولأغراض أخرى، قد وظَّفت بشكل غير قانوني مئات المهندسين من الشركات التايوانية على مدى ثلاث سنوات.

وتمنع تايوان الشركات الصينية من ممارسة الأعمال التجارية أو التوظيف محلياً دون موافقة مسبقة، وهو إجراء يهدف إلى الحدِّ من نفوذ منافستها السياسية.

مخاوف متزايدة

وتثير الاتهامات الموجهة ضد "بتمين"، التي يقع مقرها في بكين، مخاوف من أنَّ الشركات الصينية ستُسرِّع من جهودها لتوظيف أفضل المهندسين في تايوان في محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من أشباه الموصلات. وتعهَّدت بكين بتطوير تصنيعها المتقدِّم للرقاقات من أجل السيطرة على التقنيات المستقبلية، وتقليص اعتمادها على مستوردات أشباه الموصلات التي تُقدَّر بنحو 300 مليار دولار سنوياً.

وتتركَّز مجموعة الخبرات العميقة في تايوان بشركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات"، وهي الشركة الرائدة في تصنيع الرقاقات في العالم، والمورِّدة لمعظم عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين بدءاً من شركة "آبل وصولاً إلى شركة "نفيديا". علاوةً على ذلك، أنشأت شركات أمريكية وأوروبية مثل "غوغل" التابعة لشركة "ألفابت"، و"ايه اس ام ال هولدينغ" (ASML Holding NV) محاور هندسية، وقواعد بحثية للاستفادة من المواهب المحلية.

وقالت "كارول لين"، أستاذة القانون في جامعة "تشياو تونغ الوطنية"، ومقرُّها هسينشو، التي أصبحت الآن جزءاً من جامعة "يانغ مينغ تشياو تونغ الوطنية" التي أُنشئت حديثاً: "إنَّ قيام الصين بالتصيُّد غير القانوني للمهندسين التايوانيين، يُقوِّض صناعة أشباه الموصلات في تايوان؛ ومن خلال المناورة، يمكن للمنافسين الصينيين معرفة معلومات عن تقدُّم الشركات التايوانية. وفي حال جَلَب المهندسون أسرارهم التجارية معهم، فإنَّه يمكن للمنافسين الصينيين فهم مكامن نجاح الشركات التايوانية السابقة، وفشلها في التطورات التكنولوجية، إذ يؤدي ذلك إلى منافسة غير عادلة، كما أنَّه يُعرِّض الأمن القومي للخطر".

ونفت بكين مزاعم واشنطن أنَّها تطالب بنقل التكنولوجيا، أو المواهب، أو تستهدف الملكية الفكرية للشركات الخارجية. ولم يستجب ممثِّلو "بتمين" لطلبات متعددة للتعليق.

اتهامات مباشرة

ذكر "تشانغ" وجود شُبهة في أن تكون تصرُّفات "بتمين" تنتهك قانون تايوان الذي يحكم العلاقات بين سكان منطقة تايوان، ومنطقة البر الرئيسي (الصين). وأضاف أنَّ هناك مادة في القانون تنصُّ على أنَّه لا يمكن للشركات الصينية الهادفة للربح إنشاء وحدات في تايوان، والقيام بأنشطة تجارية -بما في ذلك البحث عن الكفاءات- دون موافقة من السلطات التايوانية.

وكان بيان صحفي منفصل قد صدر عن مكتب "تشانغ" ألقى الضوء على الادعاءات، بالرغم من أنَّه لم يُسمِّ "بتمين" بالاسم. ومن أجل تطوير رقاقات الذكاء الاصطناعي، أنشأت الشركة الصينية الناشئة كياناً جديداً في الصين برئاسة مهندس تايواني وظَّف زملاءه من شركته السابقة في تايوان، وشكَّل فريقاً للبحث عن الكفاءات من أجل إنشاء مركز للبحث والتطوير في تايوان، وفقاً للبيان. وأكَّد "تشانغ" أنَّ الشركة المُشار إليها في البيان الصحفي، هي شركة "بتمين".

وقال المدَّعون، إنَّ الفريق عرض على الموظفين المحتملين ضعف رواتبهم الحالية، وأعلن صراحة عن الوظائف ​​عبر مواقع التوظيف التايوانية. كما ذكرت صحيفة "آبل ديلي" التايوانية أنَّ شركة "ميديا تِك"، أكبر شركات تصميم الرقاقات في البلاد، والمنافسة الرئيسية لشركة "كوالكوم"، قد تأثَّرت بحملة التوظيف التي قامت بها "بتمين". ورفض ممثِّل "ميديا تِك" التعليق على الموضوع.

ممارسات سابقة

واتهم التنفيذيون التايوانيون المنافسين الصينيين بتصيُّد المواهب بشكل غير قانوني منذ سنوات. وفي عام 2018، قال "لي بيينغ" رئيس شركة "نانيا تكنولوجي" (Nanya Technology Corp) التايوانية المصنِّعة لأشباه الموصلات "درام" (DRAM)، إنَّ بعض مهندسيه قد عُرض عليهم ثلاثة إلى خمسة أضعاف رواتبهم الحالية من قبل منافسين صينيين. ووفقاً لما قاله "لي"، فإنَّ الممارسة المعتادة كانت في البداية من خلال إغراء مدير للانضمام إليهم، الذي سيواصل بدوره توظيف المزيد من زملائه السابقين.

وإلى جانب التصيُّد غير القانوني للمواهب، اتهمت الشركات العالمية- التي لها عمليات في تايوان -والمسؤولون المحليون الشركات الصينية بسرقة التكنولوجيا. ففي عام 2019، وجَّه المدَّعون التايوانيون لائحة اتهام ضد خمسة أشخاص لتسريب تكنولوجيا تخصُّ شركة المواد الكيميائية الألمانية "بي ايه اس اف اس إي" (BASF SE) إلى شركة "جيانجين جيانغوا مايكروإلكترونكس ماتيريالز" (Jiangyin Jianghua Microelectronics Materials Co)، في حين رفعت شركة "مايكرون تكنولوجي" دعوى قضائية ضد شركة "يونايتد مايكروالكترونكس" التايوانية، وشريكتها الصينية "فوجيان جينهوا إنتِغريتد سيركت" (Fujian Jinhua Integrated Circuit Co) على خلفية سرقة أسرارها التجارية؛ وقد نفت كلتا الشركتين الصينيتين ارتكاب أية مخالفات.

وعلى مرِّ السنين، حاولت شركة "بتمين"، أكبر صانع لمعدَّات التعدين المشفَّر في العالم، التوسع في صناعة رقاقات الذكاء الاصطناعي لتخفيف تقلُّبات "بتكوين"، إلا أنَّ الاستراتيجية قسمت إدارتها. وتعتمد الشركة على مسبك شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات" لإنتاج أشباه الموصلات.

تصنيفات

قصص قد تهمك