المستثمرون متفائلون رغم التغيرات المفاجئة في "المركزي" التركي

توقعات برفع أسعار الفائدة للحفاظ على مصداقية البنك المركزي ودعم الليرة التركية

time reading iconدقائق القراءة - 14
محافظ المركزي التركي فاتح كاراهان في أنقرة، تركيا - المصدر: بلومبرغ
محافظ المركزي التركي فاتح كاراهان في أنقرة، تركيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

المستثمرون الذين أصبحوا متفائلين إزاء تركيا في الآونة الأخيرة، لا يشعرون بالانزعاج من مغادرة محافظة البنك المركزي بشكل مفاجئ، ما يظهر ثقتهم في ضمانة الرئيس رجب طيب أردوغان الشخصية بأن التحول إلى السياسات النقدية الداعمة للسوق سيستمر.

في الماضي، أدت التغييرات المفاجئة في البنك المركزي التركي إلى تأجيج فترات من الضغوط المالية، لكن المستثمرين قالوا إن هذه المرة تبدو مختلفة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى مؤهلات المحافظ الجديد فاتح كاراهان. كان رد فعل السوق ضعيفاً يوم الإثنين حيث انخفضت الليرة 0.2٪ مقابل الدولار بينما ارتفعت الأسهم.

كان كاراهان، الذي خلف حفيظة غاية أركان، خبيراً اقتصادياً لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وانضم إلى لجنة السياسة النقدية في تشكيلها الجديد العام الماضي، حيث عمل نائباً للمحافظة. وحظيت ترقيته بمباركة وزير المالية محمد شيمشك.

قال إيفرين كيريك أوغلو، مؤسس "أوركا ماكرو" (Orca Macro)، إن الاستعاضة عن أركان، التي تضررت مصداقيتها بسبب مشكلات شخصية، وتعيين خبير اقتصادي سابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي مكانها، سيؤثر بشكل إيجابي على الليرة على المدى المتوسط، مضيفاً "أرى الآن أن مزيداً من رفع أسعار الفائدة أمر محتمل للحفاظ على مصداقية البنك المركزي، وهو أمر إيجابي أيضاً لليرة".

ذكرت أركان، أول محافظة للمركزي في تركيا، أن أسباباً شخصية وحملة تشهير ضدها في وسائل الإعلام المحلية وراء قرارها بالاستقالة مساء يوم الجمعة بعد 8 أشهر فقط من توليها مهام منصبها. بعد ساعات، عين أردوغان كاراهان محافظاً جديداً.

السيطرة على التضخم أولوية قصوى

ارتفعت عقود مقايضة العجز الائتماني لأجل 5 سنوات بمقدار 7 نقاط أساس إلى 333 نقطة أساس يوم الإثنين، وارتفعت السندات المحلية قصيرة الأجل، مما أدى إلى اتساع فارق العائد بين السندات لأجل عامين و10 سنوات إلى مستوى قياسي يزيد عن 15 نقطة مئوية.

في أول بيان لوسائل الإعلام له أمس الأحد، سعى كاراهان، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا وعمل أيضاً خبيراً اقتصادياً في شركة "أمازون"، إلى طمأنة المستثمرين، قائلاً إن السيطرة على التضخم هي الأولوية القصوى وأن البنك المركزي على أهبة الاستعداد للتحرك في حالة حدوث أي تدهور.

تضافر التضخم المستمر وتعيين محافظ جديد، يمهد الطريق لمزيد من رفع أسعار الفائدة في العام الجاري ما يمثل مفارقة عن الإشارات الأخيرة التي أصدرتها أركان، التي أوضحت الشهر الماضي نهاية التشديد النقدي، وفقاً لمصرف "دويتشه بنك".

كتب محللو البنك في مذكرة بحثية، من بينهم كريستيان فيتوسكا: "بالنظر إلى وجهة نظرنا بشأن ضغوط التضخم المستمر على المدى القريب وبالتزامن مع تعيين المحافظ الجديد، فإننا نرى مجالاً لرفع الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس أخرى أو حتى 500 نقطة أساس". أضافوا: "لم يتم تسعير الاحتمال الأخير، أي رفع الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس، بعد".

في عام 2021، أدت إقالة المحافظ آنذاك ناجي إقبال، في وقت متأخر من ليلة الجمعة أيضاً، إلى انخفاض الليرة 13% خلال الأسبوعين التاليين، إلى جانب قفزة بنحو 60% في تكلفة تأمين ديون الحكومة التركية ضد احتمال التخلف عن السداد.

قال باتوخان أوزشاهين، كبير مسؤولي الاستثمار لدى "أتا بورتفوي" (Ata Portfoy) في إسطنبول: "من غير المرجح أن تنظر السوق إلى ما حدث على أنه تكرار للإطاحة بإقبال، وسيركز المشاركون في السوق على الرسائل المتعلقة باستمرار السياسة النقدية المتشددة".

العملة التركية تفقد 30% من قيمتها

منذ أن تولى أركان وشيمشك، وكلاهما مصرفيان سابقان في "وول ستريت"، مهام وظيفتيهما العام الماضي، فقدت الليرة نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار. تدهورت الليرة بعد قرارهما التراجع عن سياسة التدخل المكلفة التي دفعت احتياطيات تركيا من النقد الأجنبي إلى مستويات سلبية للغاية، وأعاقت المستثمرين الأجانب، وفي النهاية لم تساعد في دعم العملة.

مع ذلك، انخفضت تكلفة التأمين على الديون السيادية التركية ضد العجز عن السداد باستخدام مقايضات العجز الائتماني لأجل خمس سنوات إلى أقل من 300 نقطة أساس كما في نهاية العام الماضي، من أكثر من 700 نقطة أساس في مايو. كما انخفض العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بسندات البلاد، فوق سندات الخزانة الأميركية بنفس المقدار تقريباً، وفقاً لمؤشرات "جيه بي مورغان".

في الوقت نفسه، زاد المستثمرون الأجانب شراء الحصص في سوق الأسهم المحلية بنحو 10 مليارات دولار إلى أكثر من 32 مليار دولار. كما ارتفعت حيازة الأجانب من السندات بالعملة المحلية، إلى مستوى متواضع بلغ 2.8 مليار دولار، بعد أن اقتربت من الصفر قبل تولي أركان وشيمشك مهام منصبيهما. ولا يزال هذا المستوى بعيداً كل البعد عما كان عليه قبل عقد من الزمن، عندما بلغت قيمة حصص غير المقيمين أكثر من 70 مليار دولار.

تداول السندات في 2024

يرجع إحجام المستثمرين الأجانب عن دخول سوق الديون المحلية إلى سلسلة من القيود على المقايضات والتحوط ضد مخاطر العملة والمشتقات المالية الأخرى التي فرضها أسلاف أركان والتي وجدت السلطات التركية صعوبة في القضاء عليها. في أكتوبر، قال مسؤولون لـ"بلومبرغ" إنهم لن يفكروا في تخفيف هذه القيود إلا بعد ارتفاع أسعار الفائدة على أدوات الدين التركية فوق معدل التضخم.

لكن ذلك لم يقنع "دويتشه بنك" و"جيه بي مورغان" عن الرهان على حدوث تحول كبير في سندات الليرة التركية هذا العام، حيث قال "دويتشه" إنه يمكن تداولها خلال 2024 في الأسواق الناشئة.

قال إيمري أكجاكماك، كبير المستشارين لدى "إيست كابيتال" (East Capital) في دبي: "في السياق الأوسع، لا ينبغي اعتبار استقالة أركان أو تعيين كاراهان بمثابة مفاجأة كبيرة، بالنظر إلى الأحداث الأخيرة وتاريخ تركيا الحافل بالتغيرات المتكررة في البنك المركزي".

يُعد شيمشك هو المسؤول عن الإدارة الاقتصادية في تركيا، ومن المتوقع أن تظل السياسات مستقرة، بغض النظر عن تغيرات المسؤولين حتى عندما يتعلق الأمر بمحافظ البنك المركزي.

بالتالي، سيتم التركيز على ما يفعله كاراهان ويقوله، وكذلك ما إذا كان التحول في السياسة النقدية الذي بدأ العام الماضي يحظى بدعم أردوغان.

قال ولفانغو بيكولي، الرئيس المشارك في "تينيو إنتليجنس" (Teneo Intelligence): "يظل أردوغان هو صانع القرار النهائي". "طالما ظل الرئيس داعماً للتحول التدريجي إلى النهج الذي أيده بعد انتخابات 2023، فإن هوية المحافظ تكاد تكون غير مهمة تقريباً".

تصنيفات

قصص قد تهمك